طالما سيبقى عنصر جذب لأي شخصية عامة تبحث عن شعبية ورضا الناس، يستمدون من شعبية لهم، ويصعدون على أكتافه مرددين أنهم سيكونون أفضل خلفًا. هو الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي تحل ذكراه الرابعة والأربعين اليوم، لتجد مراسم إحياء ذكراه واحدة، ما بين نجلين لا يعرف الإعلام غيرهما "عبد الحكيم، ومنى"، تلتف حولهما الأضواء، وهما يقرآن الفاتحة أمام ضريح والدهما في منشية البكري. من خلفهما تأتى شخصيات ترى في نفسها الناصرية، جميعهم لا يفكرون في رحيل زعيم مات أو ماذا تبقى من دربه، فقط يحاولون تنميق كلمات يدلون بها فور ما تطرح أمامهم الميكرفون، يربطون فيها بين راحل ومن حل جديدا، يقولون وبكل نية صافية إننا أمام زعيم ناصري جديد يدير الدولة، يتبرعون بتحديد أيديولوجية هو نفسه لم يقر بها ولو مرة واحدة منذ ظهوره على الساحة السياسية. هو إذًا عبد الفتاح السيسي، الرئيس الحالي للبلاد، الذي لم يفوت مناسبة يمكن أن تربطه بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر لينسب نفسه إليه، وتأتى ذكرى وفاة عبد الناصر اليوم ليطلع علينا السيسي بخطاب نشرت الصحف القومية عنه أنه سيكون تاريخيًا، وجاء الإعلان عن الخطاب الذي يستعد السيسي لإلقائه بجامعة القاهرة، على غرار الطريقة التي كان يعلن بها عن الخطابات الرئاسية في حقبة الستينيات والسبعينيات كأن يقولوا "خطاب تاريخي للأمة المصرية". ويعد الخطاب الذي سيلقيه اليوم السيسي بالتزامن مع ذكرى عبد الناصر يلي مباشرة الزيارة الأخيرة التي قام بها السيسي إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث من المتوقع أن يتحدث السيسي عن فوائد الزيارة والإيجابيات التي خرج بها، علاوة على كيفية دحر الإرهاب الذي ندد به في قاعة الأممالمتحدة وفي حضور زعماء العالم. وهذا الخطاب الذي سيلقى بعد ساعتين من الآن، يعد الأول للسيسي بجامعة القاهرة، حيث اقتصرت كل خطاباته على القصر الرئاسي، وسبق السيسي في تلك القاعة رؤساء سابقون بداية من عبد الناصر نفسه وحتى محمد أنور السادات والرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، وحتى الرئيس المعزول محمد مرسي، الذي بدا تنصيبه بتعهدات للمصرية من تحت قبة جامعة القاهرة. وانتقد الدكتور محمد السعدني، الخبير السياسي، تزامن خطاب السيسي مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقال إن السيسي لن يستطيع أن يبني شعبية في الشارع على خلفية شعبية رؤساء سابقون، مشددًا على أن لكل رئيس فكره، وعليه أن يطرح مشروعه على الرأى العام. ولفت إلى أن السيسي بنفسه لم يعلن عن انتمائه لأى فكر ناصري أو قومي بشكل صريح، ولكن هذا لا يعنى أنه لا يوقف الإعلام عن ترديد نبرة انتمائه للناصريين، وهذا يعنى أنه موافق ضمنيًا عن هذا الخط.