أذابت حرارة اللقاء والأحضان والقبلات التي تبادلها الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء مع الدكتور محمد مرسي رئيس حزب "الحرية والعدالة" والدكتور عصام العريان نائب رئيس الحزب، والدكتور محمد سعد الكتاتني الأمين العام للحزب، الخلافات وطوت صفحة التوتر بين الجانبين. ولم تستغرق زيارة الجمل لمقر الحزب المنبثق عن "الإخوان المسلمين" بالمنيل سوى 45 دقيقة، عقد خلالها اجتماعًا مغلقًا مع قيادات الحزب قبل أن يخرج بصحبة كل من مرسي والعريان والكتاتني ليؤكد للصحفيين ضرورة احترام وإعلاء الإرادة الشعبية، مشيرًا إلى أن التعديلات الدستورية ذابت في الإعلان الدستوري، وهذا الإعلان هو الذي يحكم مصر الآن، ويمثل الإرادة الشعبية الحقيقية، ومن يخالفه يعتبر خارجًا على القانون. وكانت الفترة الماضية شهدت أجواء من التوتر في علاقة الجمل ب "الإخوان"، على خلفية تبنيه الدعوة لوضع "الدستور أولاً" قبل إجراء الانتخابات البرلمانية، وهو الموقف الذي ترفضه الجماعة وحزب "الحرية" بشدة ويعتبرانه خروجا على الإرادة الشعبية، والإعلان الدستوري الذي تحكم البلاد بموجبه حاليًا. وأشاد الجمل بالائتلاف الذي شكله حزب "الحرية والعدالة" مع عددٍ من الأحزاب والتيارات الأخرى، على رأسها حزب "الوفد" لخوض الانتخابات التشريعية القادمة بقائمة موحدة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية. ورأى أن تلك الخطوة من شأنها أن تزيل الخلافات، وتنهي حالة الاستقطاب السياسي الحاد الموجودة على الساحة في الوقت الراهن، وتسمح بالالتفات إلى العمل من أجل مستقبل البلاد بعيدًا عن الخلافات، كما أثنى على وثيقة الأزهر لدعم الديمقراطية واستقرار البلاد التي وصفها ب"وثيقة النور". وأكد الجمل- الذي أثار الكثير من الجدل حول مواقفه المتعلقة بتجاوز نتيجة التعديلات الدستورية- متانة علاقته بجماعة "الإخوان المسلمين"، نافيًا أن يكون قد أساء إلى الجماعة، أو كان له موقف منها في وقت من الأوقات، محملاً الإعلام مسئولية توتير العلاقات بينهما، متهمًا الإعلام بأنه "يعبث بأمن الوطن ومستقبله والإعلاميون يقولون ما لا يعلمون"، بحسب تعبيره. لكن الجمل عاد وأكد ردًا على ما أثير بشأن تناقض مواقفه مع مواقف "الإخوان" وحزبهم، وقال إن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، وأضاف: "هدف الزيارة هو التحية والسلام والتهنئة بمناسبة تأسيس الحزب، وجئتُ إلى هنا لإصلاح ما انكسر وأقول: "نحن أحبة، وعلاقتنا لا يمكن أن تتأثر بسحابة صيف". وتطرق الجمل إلى مطالبته بالاستقالة من منصب نائب رئيس الوزراء، قائلا إن سبب رغبته في الاستقالة، هو أنه يرى نفسه دكتورًا في الجامعة ويفضل أن يجلس مع طلابه في الكلية، مضيفًا "أنه سيستمر في أداء واجبه الوطني إلى أن يقضى الله أمراً كان مفعولاً". من جانبه، أكد الدكتور محمد مرسي رئيس حزب "الحرية والعدالة"، أنه لا يوجد شيء فوق الدستور سوى الشرعية الشعبية، مشددًا على ضرورة الدفع باتجاه الاستقرار، وتفويت الفرصة على الذين فوجئوا بالثورة، ويريدون كسب مزيد من الوقت حتى ينقضوا عليها. في حين وصف الدكتور محمد سعد الكتاتني، الأمين العام للحزب الجمل بأنه "صديق قديم للإخوان"، موضحًا أن الجميع متفقون على أن الإرادة الشعبية هي الأساس، وأن الشعب هو من يمنح السلطة. ورأى الدكتور عصام العريان نائب رئيس الحزب، أن زيارة الجمل "أزالت الكثير من اللبس، ونحن اتفقنا على أن الإعلان الدستوري يحظى بموافقة وإرادة شعبية، وإن هذا يتفق مع مطلب الجيش والشعب".