مع بداية بلوغها سن المراهقة ، تبدأ كل فتاة في الاستغراق في أحلام اليقظة لرسم صورة مثالية للفارس الرومانسي الذي سيحملها على حصان أبيض لتستقر معه في عالمه، تأنس به ويأنس بها ويغمرها حبًا وحنانًا ويشعرها بالأمان والسكينة، ويلبي لها كل ما تتمنى لإسعادها وإمتاعها.. فهكذا تصور معظم الأعمال الفنية الدرامية الزوج وتجعل منه شخصا مثاليا شديد الرقة والعذوبة والطيبة، لا عمل له سوى إغراق زوجته بكلمات الحب والغزل وتقديم الهدايا القيمة لها بمناسبة أو بدون، والخروج بها للتنزه والترفيه وقضاء أوقات ممتعة..... إلخ!.. مما يعطي إيحاء للعديد من الفتيات أن الحياة الزوجية خالية تماما من المسؤوليات والضغوط والأعباء الجسام التي تفرضها ظروف المعيشة المتغيرة والتي غالبا ما تؤدي إلى حدوث بعض المشكلات والخلافات الزوجية المكدرة والمعكرة لصفو الحياة!..
وما إن تتزوج هؤلاء الفتيات الحالمات إلا ويُصعَقن ويصطدمن بالواقع الأليم المرير الذي لم يتوقعنه، حيث يُفاجأن بعيب أو عدة عيوب في أزواجهن تسبب لهن كثير من المتاعب والآلام وربما تحول حياة كل منهن إلى جحيم تتمنى الخلاص منه بسرعة مهما تكبدت من خسائر..
وأحد العيوب التي لا تستطيع أي زوجة تحمله والتكيف معه بأي حال من الأحوال قسوة القلب وجفاء المشاعر..
فما أصعب أن تبتلى المرأة بزوج قلبه قاسٍ مشاعره جافة لا يعرف للرومانسية طريقا، والأشد صعوبة ألا يعترف بهذا العيب ويعتبر مطالبة زوجته بتخلصه منه أمرًا تافها، متعللًا بأنه شخص عملي وأن الرومانسية شكل من أشكال الضعف التي لا ينبغي للرجل أن يسلكها حتى يحتفظ بقوته وصرامته وحزمه أمامها لتظل تحترمه وتهابه!!..
فالأنثى مجبولة على الرقة والحنان، وهي كالزهرة إن سقاها الزوج من ماء اهتمامه وحبه أينعت وأبهجته وأسعدته بطيب أريجها، وإن أهملها ذبلت وتساقطت أوراقها.. فحينما تتزوج المرأة وتُصدَم بأن من يشاركها حياتها رجل قاسي القلب ومتجرد من المشاعر تشعر بالغربة والوحدة الموجعة وتتمزق وتتبعثر مشاعرها التي لم تُروى لتتمكن من الاستمرار والعطاء..
ليس شرطًا أن يكون الرجل رومانسيًا حتى يكون حنونًا، ولا جبارًا ليكون رجلًا قويًا، فشتان بين الرومانسية والقوة، والمرأة تحتاج إلى الشعور بالحب والاحتواء واللمسات الدافئة الحانية وكلمات الثناء والمدح والتقدير لتساندها وتجعلها تستمر في عطائها على جميع الأصعدة، وإذا لم تجد من الرجل ذلك الحنان المنتظر، فإنها تتألم وتشعر بجحوده ونكرانه لما تقدم له ولمنزله ولأطفاله من معروف وعطاء، وربما يدفعها ذلك إلى طلب الطلاق للخلاص والنجاة من تلك الحياة القاسية. لذلك ينبغي على الرجل أن يعلم أن المرأة لا تريد رجلاً يترك عمله ومسؤولياته ليغازلها ويحبها؛ ولكنها تحتاج لأن تشعر بأنها ذات قيمة لديه وأن حبها في قلبه ولو بلمسة بسيطة أو لفتة أو كلمة، حتى لا تضعف نفسها وتأمرها بالسوء وتدفعها إلى البحث عن سبيل آخر خارج البيت يعوضها عن هذا الحرمان الذي يسبب لها فراغا عاطفيا يرهقها نفسيا وشعوريًا..
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة} التحريم: 6 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي". عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.