أنا مع الدولة المصرية المدنية العصرية الحديثة التي تأخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا، مع المحافظة علي قيمها وتراثها وهويتها، وتبعد كل البعد عن الفهلوة والخرافات والخزعبلات التي لا تأتي إلا بالخراب وبمزيد من التقهقر والتراجع للخلف في الوقت الذي تقفز فيه دول العالم المتقدم إلي الامام بسرعات مذهلة، لتتسع الهوة بيننا وبينهم يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة. أنا مع الدولة القوية التي تبسط سيطرتها ونفوذها بقوة الحق والعدل والدستور والقانون علي كل شبر من أراضيها دون الخضوع للمساومات أو التنازلات لكائن من كان سواء بالداخل أو الخارج. أنا مع الدولة التي تؤمن بالحرية والمساواه والعدالة الإجتماعية الحقيقية والمطلقة دون متاجرة بدين أو بمذهب أو بمعسول الكلام للسيطرة علي عقول البسطاء من بني وطني. والدولة بتعريفها الحديث هي مجموعة من الافراد الذين يعيشون في منطقة محددة ويخضعون لنظام يتولي شئون الإدارة السياسية والإقتصادية والإجتماعية بهدف التقدم والإزدهار وتحسين مستوي المعيشة لهؤلاء الافراد، وأهم السمات التي تميز الدولة هي ممارسة السيادة والهيمنة، فالدولة هي صاحبة القوة العليا فوق أي تنظيم أو جماعة داخل الدولة، وتملك الدولة قوة الإرغام لضمان الإلتزام بقوانينها ومعاقبة المخالفين، و يجب أن يكون للدولة درع وسيف، والدولة هي التي تحتكر العنف الشرعي مع الخارجين عن القوانين المنظمة لدولاب العمل بها. وتعتبر الحكومة جزء من الدولة وهي الوسيلة أو الآداة التي تؤدي الدولة من خلالها سلطتها، ويجب أن يكون موظفي هيئات الدولة محايدين سياسيا ولا يتبعون ايدلوجية معينة تحسبا لتغيير الحكومات.. ونشأت الدولة لحاجة المجتمعات الحديثة للدولة، فلك أن تتخيل مجتمع بلا دولة، أي يعيش حياة الطبيعة أو الفطرة أو القبيلة أو الجماعة أو العصابة، بالتأكيد ستساهم هذه الحياة في حروب أهلية جمة وصراعات لن تنتهي، وهذا ما هيأ الناس للإتفاق علي عقد إجتماعي لإنشاء الدولة، يتنازل الافراد بموجبه عن جزء من حريتهم نظير إقامة كيان يحافظ علي النظام والإستقرار والأمن، وللدولة وظيفتان رئيسيتان: الوظيفة الاساسية والوظيفة الخدمية، وتشمل الوظيفة الرئيسية تأسيس جيش لحماية مصالح الدولة والافراد، وحفظ الامن والنظام، وتنظيم القضاء وإنشاء المحاكم، ورعاية العلاقات الخارجية، وتوفر التمويل للمؤسسات، وإصدار العملة، أما الوظيفة الخدمية فتشمل التعليم والثقافة والصحة والمواصلات والمياه والكهرباء والصرف الصحي وإنشاء الموانئ والمطارات والإتصالات السلكية واللاسلكية. والعصابات لا تنشأ دولة ويجب علي الدولة ألا تسمح بإنشاء عصابات وجماعات خارج الاطر القانونية والدستورية للدولة، ومن يصلح لقيادة وإدارة عصابة أو مليشيات تعمل في الخفاء أو تحت الارض بالطبع لا يصلح لقيادة دولة بكل ما فيها مشاكل ومتناقضات وتحديات، فأني لمن إعتاد أن يعمل خارج إطار القانون والدستور أن يقيم دولة الدستور والقانون. أنا مع دولة المؤسسات والعلم والثواب والعقاب، ولست مع دولة الحاكم الفرد الملهم الذي يفهم في كافة التخصصات، ولست مع الدولة التي لا تٌعمل العلم في كافة قراراتها أو خططها أو مشروعاتها القومية، ومع الدولة التي تكافئ ابنائها المخلصين والمجتهدين، وتعاقب المقصرين والخارجين عن القانون، لا حبا في العقاب ولكن رغبة في التقويم والإصلاح، ودعوتي ودعواتي لكل محب لهذا الوطن، أن يترجم هذا الحب إلي مزيد من العرق والجهد والإجتهاد، فبالعلم والعمل الجاد والمخلص والمستمر تنبي الامم، لا بالمزايدات أو المتاجرة بالكلام.
وللحديث بقية إن كان في العمر بقية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.