نادي انبي خصص 6 آلاف جنيه لكل لاعب في حالة الفوز على الأهلي! إنها أموال النفط.. ورزق الهبل على المجانين! عندما قرأت هذا الخبر تذكرت شابا تخرج من كلية هندسة البترول جاءني يشكو الزمن الصعب الذي يعيشه، فقد أنفق عليه والده الفقير كل ما يملك (اللي قدامه واللي وراه) كما يقول العامة، من أجل أن يراه مهندسا ينقلهم من حياتهم القاسية! ذهب بعد تخرجه إلى كل شركات البترول يبحث عن عمل، وفتح الله عليه فاشتغل بمكافأة في صحراء رأس غارب. ليس مهما الصحراء أو حتى عواء الذئاب، المهم أنه يوما سينقل من جدول "الظهورات" إلى جداول التعيين وسيعوض والده وامه واخوته! لكنه تلقى صدمة كبرى عندما أبلغوه في الشركة أنه لا تعيينات ولا (ظهورات أيضا).. فالحالة أصبحت ضنكا! حمل حقيبته شبه الفارغة إلا من ملابس قليلة وركب احدى سيارات الشركة لتضعه على طريق رأس غارب الغردفة! هناك استقل احد الاتوبيسات إلى مدينته قنا ودخل على أبويه يجر أذيال خيبة السنين الطويلة في كلية هندسة البترول وتعب الليالي وكد والده وعرقه الذي ذهب سدى! ظل ينام كل النهار مثل ملايين الشباب العاطلين في مصر المحروسة الذين حصلوا على أوراق تفيد أنهم يحملون شهادات عليا! بعد أسابيع بدأ يبكي حال أبويه اللذين كتب عليهما مواصلة الحياة البائسة والشقاء الأبدي! منذ أيام جاءتني رسالة منه على بريدي الالكتروني يبشرني فيه بأنه اهتدى أخيرا إلى عمل! عمل والسلام أفضل من النوم والسهر على المقاهي! إنه يعمل موزعا لأنابيب البوتجاز متنقلا بين شوارع مدينته، يلبس العفريتة ويطرق على الأنبوبة، فيطل عليه الزبون من شرفته "تعال يا ولد"! هذه نهاية سنوات الجامعة، وهذا ما نقاسيه من وزاة أحمد نظيف، وهو رجل ارستقراطي لا يشعر بمآسي 90% من المصريين يعانون شظف العيش، ينامون بلا عشاء، ويفطرون على طبق فول في طريقه لأن يصبح مثل العنقاء والخل الوفي! انتهيت إلى نفسي تحدثني "هل نسيت أن هذه الزاوية التي تكتب فيها هي للكرة والرياضة وليس للحديث عن أحوال الناس"؟! اعرف ذلك.. لكنني حسبتها ببساطة شديدة.. 14 لاعبا من انبي من التشكيل الأساسي والاحتياطيين، لو حصل كل منهم على 6 آلاف جنيه في حالة الفوز على الأهلي، فان المحصلة هي 84 ألف جنيه! فعلا لكم الله يا ملايين العاطلين. يا من أدرككم اليأس وأنتم ترون حكومة مثل الحداية، فحتى لو تحققت المعجزة ورمت علينا كتاكيت، فستكون مصابة بانفلونزا الطيور! إن مشكلة رئيس الحكومة أحمد نظيف منذ حملته الصدفة من مكتب وزير الاتصالات إلى رئيس الحكومة، هو أن يصل الدعم إلى مستحقيه! أي دعم وأي مستحقين.. لا أدري!.. كل ما في الحكاية أنه يريد أن يجوع الناس أكثر! تذكرت احمد نظيف عندما أصبح رئيسا للوزراء فجأة وبدون مقدمات عبقرية منه! قبل ذلك كان قد أصبح وزيرا بالصدفة أيضا، وكنت مديرا لمكتب إحدى الصحف العربية في القاهرة. طلبني مدير مكتبه عدة مرات لأجري مع الوزير حوارا! بصراحة استكبرت شويتين.. يعني ايه وزير مجهول أكلف نفسي بالذهاب إلى مكتبه ومحاورته.. ما قيمة هذا الحوار لصحيفة دولية أعمل فيها! أنا صعيدي والصعايدة هم هكذا "مقفلة" معهم! أرسلت محررا صغيرا وأجرى الحوار معه، وجاءني بصورته إلى جانب الوزير! بعد كم شهر أصبح رئيسا للوزراء!.. لست واثقا هل هذه هي نهاية صعوده أم سيمضى إلى أعلى.. لكن الذي أثق فيه ان هناك أخطاء كثيرة لرجل يقوم بدور رئيس الحكومة لينفذ التوجيهات! هل يستطيع مثلا أن يحاسب سامح فهمي على الأموال التي ينفقها ببذخ على فريق انبي للكرة وشراء اللاعبين! هل يستطيع أن يقول إنه يدفع لهم من أموال دافعي الضرائب، أموال حكومية لا يجوز أن تصرف سوى على الشعب وراحته وتوظيف ابنائه! إنها أموال سايبة فعلا! مجرد تصويبة تقتحم المرمى يفوز بها انبي تساوي هذا المبلغ الكبير الذي لا يمكن أن يحلم معظم المصريين وإلا فانه سيكون أمثل بزيارة شيطان في المنام! [email protected]