طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" المجتمع الدولي بالعمل الجاد على وقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. وقال الرئيس الفلسطيني إنه لم يعد مقبولا لا على الصعيد الأخلاقي ولا على الصعيد السياسي أن يكتفي العالم بالتعبير لفظيا عن إدانته للاستيطان. وأشار عباس -في كلمته التي ألقاها نيابة عنه، اليوم الجمعة، الطيب عبد الرحيم، أمين عام الرئاسة الفلسطينية خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الذي تعقده لجنة الشرق الأوسط في الاشتراكية الدولية في مدينة رام الله بمشاركة قيادات وممثلين عن العديد من الأحزاب الاشتراكية- إلى أن الذرائع التي تستخدمها الحكومة الإسرائيلية لمنع الوصول إلى التعايش السلمي والسلام المنشود ما بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي ذرائع واهية لا تصمد أمام الحقائق على الأرض.. ونحن تجاوبنا مع كل المبادرات وكل أشكال المفاوضات، ونفذنا كل ما طلب منا من التزامات. وأوضح عباس أن الحكومة الإسرائيلية تريد باسم الأمن استمرار احتلالها وسيطرتها على أكثر من نصف الضفة الغربية، وتشمل تواجد الجيش الإسرائيلي على طول نهر الأردن، وعلى المرتفعات في الضفة الغربية، وعلى القدس كلها شرقها وغربها، في حين أن المدخل الحقيقي للأمن يوفره السلام الذي يؤدي إلى التعايش ما بين دولتي فلسطين وإسرائيل والشعبين الإسرائيلي والفلسطيني. وأضاف أنه من الذرائع الإسرائيلية أيضا أن اتفاق المصالحة الفلسطيني هو عقبة أمام السلام.. في حين أن هذا الانقسام نفسه كان ذريعة لليمين الإسرائيلي، حيث كانوا يرددونه في واشنطن وشرم الشيخ والقدس بأنهم لا يعلمون مع من يتفقون ومع من سيتوصلون إلى السلام. وأشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" إلى أن اتفاق المصالحة الذي تم التوقيع عليه من قبل مختلف الفصائل الفلسطينية في القاهرة ينص على تشكيل حكومة من شخصيات مستقلة برنامجها السياسي هو برنامج الرئيس محمود عباس الذي تعود إليه مسؤولية المفاوضات كونه رئيس اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير الفلسطينية التي وقعت كل الاتفاقيات السابقة مع دولة إسرائيل منذ اتفاق "أوسلو" للسلام، والتي تعود لها وحدها مسؤولية المفاوضات. وقال عباس: "أما المهمات الأخرى للحكومة الفلسطينية ستتشكل بموجب اتفاق المصالحة فهي رفع المعاناة عن الشعب في غزة وتولي الشؤون الحياتية الفلسطينية والإعداد لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني الفلسطيني خلال عام". وأضاف عباس: "الذريعة الأخرى، وليست الأخيرة، للحكومة الإسرائيلية لتعقيد الأمور تتمثل في مطالبتنا وحدنا بأن نعترف بإسرائيل دولة يهودية مع أنها وقعت معنا اتفاق أوسلو باسم دولة إسرائيل وسفاراتها في الخارج بهذه التسمية، وهي عضو في الأممالمتحدة باسم إسرائيل، وما يقرب من ربع شعب إسرائيل ليسوا يهودا". وأوضح الرئيس الفلسطيني أن هذا الطلب يعيد إثارة الشكوك مجددا حول سياسة التهجير (الترانسفير)، إضافة إلى إسقاط قضية اللاجئين من على طاولة مفاوضات الوضع النهائي قبل أن تبدأ. وأوضح الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" أن الأكثرية الساحقة من دول العالم ومنظماته السياسية والنقابية وغيرها تؤيد حل الدولتين على أساس انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلت عام 1967 مع إمكانية تبادل أراض بنسب محدودة وشرط عدم المساس بالتواصل الجغرافي للدولة الفلسطينية أو تحويلها إلى كانتونات وضمان أن تكون القدسالشرقية عاصمتها، وأن يستند حل قضية اللاجئين الفلسطينيين إلى مضمون ما جاء في قرار مجلس الأمن رقم 1515 ومبادرة السلام العربية أي حل متفق عليه، ويستند إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194". وأضاف عباس أنه يمكن على هذه الأسس التى أقرتها الأممالمتحدة واللجنة الرباعية الدولية، والتي تؤكد عليها دول الاتحاد الأوروبي، وخاصة في البيان الصادر في 2/ 5/ 2011 أن تبدأ مفاوضات، ويكون لها جدول زمني محدد بعد ما يقرب من عشرين سنة من المفاوضات بلا نتيجة، وتترافق المفاوضات مع التجميد التام للاستيطان لأنه يقضي على حل الدولتين، ولأنه من الأساس غير شرعي. وتابع عباس: "خيارنا هو المفاوضات على أساس المرجعية التي تطالب بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي عن الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1967، وليس مقبولا منطق الحكومة الإسرائيلية واليمين الإسرائيلي الذي يطالب بإجراء مفاوضات نقول عبرها ما نشاء على الطاولة، ويفعلون ما يشاؤون من فرض الوقائع بالاستيطان على الأرض". وقال عباس إنه إذا أغلقت كل الأبواب أمام مثل هذا الحل الذي نتطلع مع قوى السلام الإسرائيلية إلى تحقيقه، فمن الطبيعي أن نتوجه إلى الأممالمتحدة، وأن نحتكم للعالم، لا لنقوم بإجراء أحادي الجانب، وإنما لنترك للدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تعبر بشكل جماعي عن قرارها بشأن الاعتراف بدولتنا على حدود عام 1967، مدركين أن عضويتنا الكاملة بحاجة إلى قرار من مجلس الأمن الدولي لا يعوقه استعمال إحدى الدول الدائمة العضوية حقها في استعمال الفيتو، وبهذه الطريقة لا ننزع الشرعية عن إسرائيل، بل نثبت حدود الدولتين وحقنا في الحياة والعيش بكرامة مع جيراننا. وأعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" عن ثقته في مواصلة الأحزاب الاشتراكية الدولية القيام بدورها بكل جدية ونشاط من أجل أن يتخلص الشعب الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي الذى يعد الاحتلال الأطول والأقسى في التاريخ الحديث، وأن ينعم بحريته في دولته الفلسطينية المستقلة الديمقراطية. وقال عباس إن الشعب الفلسطيني بعد كل التضحيات والمعاناة يستحق عن جدارة دولة تسهم في استقرار وازدهار هذه المنطقة الهامة من العالم، وبدون ذلك فإنه لا أمن ولا استقرار في هذه المنطقة. من جانبه، قال لويس أيالا، سكرتير عام الاشتراكية الدولية، إن هدفنا هو جلب الأعضاء الفلسطينيين والإسرائيليين معا، ومحاورة الجميع لالتزامنا بقضية السلام في المنطقة. وأضاف أن الفلسطينيين طوروا أنفسهم ومؤسساتهم في الآونة الأخير بشكل لافت للنظر في طريق التطور والمشاركة في القرارات والخطط التي تخص الشعب الفلسطيني والمنطقة. وأشار أيالا إلى أن المجتمع الدولي مهتم جدا بمنطقة الشرق الأوسط، وجميع الأمور التى تشهدها المنطقة يوما بعد يوم، وأن توجهات القادة الأوروبيين والرئيس الأمريكي باراك أوباما تركز على أهمية عملية السلام في المنطقة برمتها. وأوضح أيالا أننا نتطلع إلى عالم تسود فيه الديمقراطية، خاصة في الشرق الأوسط، والوصول إلى عملية سلام حقيقية، ونحن مصممون على الوصول إليها. بدوره، قال الدكتور نبيل شعث، مفوض العلاقات الدولية بحركة فتح، إن لجنة الشرق الأوسط في الاشتراكية الدولية كان لها الدور الكبير في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين وتسهيل جميع الأمور لتحقيق العدالة بالمنطقة بأسرها. وأضاف شعث أن الأوضاع الراهنة صعبة جدا، وليس هناك أي تقدم في عملية السلام، ولا توجد مفاوضات، وهناك استمرار في عملية الاحتلال وبناء المستوطنات، ومن المهم الاستمرار في اجتماعات اللجنة رغم تعطل المفاوضات. وأشار الدكتور نبيل شعث مفوض العلاقات الدولية بحركة فتح إلى أنه كان لنا مشاركات عديدة في هذه الاجتماعات خلال الخمسة والعشرين عاما الماضية، وبالإصرار والحكمة والشجاعة نستطيع إكمال مشوارنا، وليس أمامنا خيار آخر، ولا نريد أي خيار يعود بنا إلى المواجهات المسلحة، حيث نريد أن نركز على حل سلمي ينهي احتلال إسرائيل لأراضينا. وقال شعث إن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يعاني المآسي الكثيرة جراء الحصار الإسرائيلي المفروض عليه. من جانبها، قالت كوليتا فيتال، رئيس وفد حزب العمل الإسرائيلي، في كلمتها خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الذي تعقده لجنة الشرق الأوسط في الاشتراكية الدولية في مدينة رام الله بمشاركة قيادات وممثلين عن العديد من الأحزاب الاشتراكية: "نحن ملتزمون بالسلام وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ونريد أن نكون شهداء على هذا الحدث المهم". وأضافت: "رغم أننا عشنا مفاوضات طويلة، فإننا لم نتوصل إلى شيء، ونحن اليوم جئنا لنستمع ونتعلم ونتطلع لأن يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون جنبا إلى جنب في سلام، وأن نعرف ما هي إستراتيجيتكم، وبماذا تفكرون، وأن نحدث تغييرات كبيرة جدا". وقدمت مفوضية العلاقات الدولية بحركة فتح -خلال المؤتمر- عرضا كاملا عن الأوضاع على الأرض قبل أن تقام دولة إسرائيل حتى يومنا هذا الذي يشهد استيطانا وبناء جدار الفصل العنصري وشوارع التفافية تخنق الضفة الغربية وتفرض حصارا حاليا على قطاع غزة. ويبحث مؤتمر لجنة الشرق الأوسط في الاشتراكية الدولية -الذي يعقد لأول مرة في فلسطين بتنظيم من مفوضية العلاقات الدولية بحركة فتح- عددا من القضايا، من بينها سبل دعم مسيرة عملية السلام، وإقامة الدولة الفلسطينية، وقضايا المصالحة الفلسطينية، وتشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية.