أكد محكّم دولي وخبير في قانون التعويضات، أن أكثر من 80% من تعويضات المصريين في حرب الخليج لم يتم استردادها على الرغم من قيام العراق بتسديدها منذ سنوات للجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة، لكنها مازالت تائهة بين اللجنة وشركات السمسرة التي تضم مسئولين بارزين من الولاياتالمتحدة ومصر. وكشف المحامي صابر عبد الفتاح المحامي، أن هناك "مافيا دولية وأخري محلية تضم مسئولين ووزراء سابقين من مصر والولاياتالمتحدة والكويت والأردن تتلاعب بأموال التعويضات المستحقة لأكثر من ثلاثة ملايين مواطن مستحقين للتعويضات". وذكر أنه سبق لمحكمة الجنايات التحقيق والحكم بالسجن علي مسئول بارز بوزارة القوي العاملة في القضية رقم 13761/ بتهمة التلاعب وتلقي رشاوى نظير تسهيل صرف أموال التعويضات. وقال إن جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق يأتي على رأس أفراد "العصابة الدولية" المتورطة في الاستيلاء على أموال التعويضات، بعد أن أسند له الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش مسئولية تسوية ديون تعويضات حرب الخليج، عبر إسناد هذه المهمة لشركة "كرلايل" العالمية التي يمتلك الوزير الأمريكي الأسبق 180 مليون دولار من رأس مالها. إذ أسند بوش إلى هذه الشركة مهمة تأمين واسترداد تعويضات حرب الخليج لتحل محل لجنة تعويضات خرب الخليج التابعة للأمم المتحدة بعد أن همشت دورها، وانحصر دورها في التصديق علي التعويضات التي تحددها وتقرها شركة بيكر التي قدرت حجم التعويضات المستحقة علي العراق بنحو 300 مليار دولار سيقوم العراق بسدادها خلال فترة تتراوح ما بين 50 إلى 100 سنه تم تخفيفها بقرار من الأممالمتحدة إلي 256 مليار دولار رغم أن تعويضات الحرب العالمية الأولى لم تتجاوز 132 مليار مارك ألماني، وفق الخبير القانوني المصري. وأضاف: تمكنت شركة بيكر من إصدار قرار من الأممالمتحدة باستقطاع 30% من إجمالي صادرات العراق من البترول لسداد ديون العراق لمستحقي تعويضات حرب الخليج وتقوم بالفعل بخصم هذه النسبة شهريا لصالح المضارين منذ 20 سنه، بالرغم من ذلك لا تقوم بتحويلها للمستحقين كما فرضت علي جميع الدول المستحقة للتعويض أن تحصل مبدئيا على 20% من التعويضات فقط وباقي التعويضات مجهولة المصير. وقال إن "شركة "كرلايل" مارست ضغوطا قذرة مع جميع الدول المستحقة للتعويضات وفي مقدمتها الكويت كأكبر دولة مستحقة للتعويضات، لكن مصر رفضت الشروط التي وضعتها هذه الشركة فتم تجميد أرصدتها، أما الكويت فوافقت على الشروط المجحفة". وبموجب ذلك تم رفع نسبة السداد لصالح الكويت من 20% إلى 70% ثم إلى 100% بالمخالفة لقرار الأممالمتحدة بينما رفضت لجنة التعويضات صرف مستحقات أكثر من 10 آلاف عامل مصري كانوا يعملون بالكويت كان نصيب الواحد منهم 100 ألف دولار. وأضاف إن الحكومات المصرية المتعاقبة تركت المواطن المصري فريسة لسماسرة التعويضات التي كانت تضم مسئولين مصريين من بينهم وزراء سابقون ومسئولون بارزون بالخارجية ووزارة القوي العاملة حتى ضاعت أموال المصريين لصالح الدول العميلة، لدرجة أن وزارة القوى العاملة وافقت علي تحويل ودائع المصريين لدي البنوك العراقية بالأصول فقط وبدون الفوائد وبسعر الدولار عام 1998 و1990 أي بأقل من 3 جنيهات. وأكد عبد الفتاح أن قيمة الحوالات الصفراء المستحقة للمصريين والتي أعلنت وزارة القوي العاملة عن صرفها الشهر القادم تقدر بنحو 425 مليون دولار وهي عبارة عن ودائع وأصول ثابتة للمصريين وليست تعويضات. وقال إنه على الرغم من ذلك سيتم صرفها وفق سعر صرف الدولار في عام 1990 وليس بسعر 2011، كما أن صرفها لن يتم بالفوائد التي تقدر بضعف المبلغ، حيث أن هذه الودائع مر عليها أكثر من 20 عاما بالبنوك العراقية، كما سيتم استقطاع نحو 17 مليون دولار ليصبح صافي التعويضات التي سيتم صرفها لنحو 637 ألف مصري هو فقط 408 ملايين دولار وليس 425 مليون دولار. وأضاف: لا ندري من وراء هذا المبلغ المستقطع هل هي الحكومة المصرية أم العراقية أم عمولات شركة "بيكر" الأمريكية، التي قال إنها قامت بصرف تعويضات لعملائها بالمخالفة للقانون حيث قامت بصرف مبالغ غير مستحقة لشركات كويتية وإسرائيلية بلغت أكثر من 20 مليار دولار على حساب تعويضات الدول الأخرى وفي مقدمتها مصر طبقا لتقرير مراقبي الأممالمتحدة. إذ يتضمن التقرير اتهامات لجنة التعويضات بأنها ارتكبت أخطاءً فادحة تضمنت خرقا فاضحا للمبادئ العامة للقانون والأعراف الدولية ولميثاق الأممالمتحدة، حيث منحت شركة النفط الكويتية تعويضا قدره 16 مليار دولار على الرغم من أن التقرير المقدم للأمين العام للأمم المتحدة قدر خسائر الشركة ب 5 مليارات فقط، كما أقرت طلبات بالخطأ تقدر بنحو بحوالي خمسة مليار دولار. وأكد تقرير آخر لجهاز الرقابة والتفتيش داخل الأممالمتحدة أن لجنة التعويضات وافقت علي قبول طلبات تعويض غير مُوقَّعة ومغالطات في تسجيل الوقائع، ومنح تعويض لأشخاص بأكثر مما طلبوا أو منح تعويض عن نفس الضرر أكثر من مرة، وحرمان عدد كبير من الأفراد والشركات والحكومات من التعويض المستحق لهم قانونا، وهو ما اعترف به رئيس لجنة التعويضات في جلسة عامة للأمم المتحدة معلقا أخطاءه على الشركة التي أدخلت بيانات المضارين وأكد أن نسبة الخطأ وصلت 20%.