أي صورة تبقى في الذاكرة عن قمة الدول الصناعية الكبرى بمدينة دوفيل الفرنسية هذا الأسبوع.. هل هي صورة الشاب مارك زوكربيرج البالغ من العمر 27 سنة، مؤسس موقع فيسبوك الاجتماعي، الذي يضم اليوم أكثر من 500 مليون مشترك؟ أم هي صورة عصام شرف، رئيس الحكومة الانتقالية في مصر ما بعد مبارك، أم السيد الباجي قايد السبسي رئيس الحكومة الانتقالية في تونس الثورة؟ أم هم التلاميذ المجتهدون في مدرسة الديمقراطية، من الرؤساء الأفارقة الذين تمت دعوتهم لحضور حفل العشاء الختامي للقمة؟ الواقع أن الدول الصناعية الكبرى حرصت على التنويه بالدور الكبير الذي لعبته الشبكة العنكبوتية في الحراك السياسي والتحول الديمقراطي الذي تشهده المنطقة العربية، وقدمت في هذا المجال خطة لدعم الديمقراطيات الجديدة في الشمال الأفريقي. ومن بين البيانات الثلاثة الختامية لقمة البلدان الثمانية يبرز البيان المتعلق بالشراكة الاقتصادية مع كل من مصر وتونس كمنطلق لمرحلة جديدة من التعاون بين مجموعة الثمانية والبلدان التي تجسد الربيع العربي، تماما كما حدث مع بلدان أوروبا الشرقية عقب انهيار جدار برلين مطلع التسعينيات من القرن الماضي. هي 40 مليار دولار لدعم الديمقراطيات العربية الجديدة، تتوزع ما بين قروض وضمانات ائتمانية وهبات، كما أكد رئيس قمة البلدان الصناعية الأخيرة -الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي- خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب الجلسة الختامية للقمة. في هذا السياق ستقدم البنوك 20 مليار دولار في إطار التبادل الثنائي، كما ستقدم الدول الصناعية الكبرى (مجموعة الثمانية) 10 مليارات دولار، إضافة ل 10 مليارات دولار أخرى مقدمة من بلدان الخليج العربي. وبالرغم من أن الرئيس الفرنسي لم يتطرق لحجم المساعدات التي سيقدمها صندوق النقد الدولي، إلا أن هذا الأخير عبر عن استعداده لتقديم غلاف مالي يناهز 35 مليار دولار في شكل قروض للبلدان العربية. وقد رافق خطة مارشال المصغرة لدعم الديمقراطيات العربية الجديدة - على الطرف الآخر- بيان شديد اللهجة يتعلق بالنظامين الليبي والسوري، حظي هذه المرة بموافقة الرئيس الروسي ميدفيديف، وذلك في تحول لافت لموقف سلطات موسكو من الأزمة المذكورة. ولم يفت على الرئيس ساركوزي هنا أن يذكر بأن "فرنسا عملت كل ما في وسعها من أجل أن تستعيد سوريا مكانتها المناسبة على الصعيد الدولي، لكن المسئولين السوريين مصرين هذه المرة على التراجع للوراء، ولذلك فإن فرنسا قد سحبت ثقتها". وإضافة للمطبات السياسية الكبرى بمنطقة البحر الأبيض المتوسط، تطرق قادة البلدان الأكثر تقدما في العالم، والأكثر مديونية كذلك، لوضعية الاقتصاد العالمي؛ حيث جددت باريس ثقتها في منطقة اليورو، معتبرة أنها تتسم بالاستقرار، حيث استعاد النمو الاقتصادي في منطقة اليورو عافيته، ومتوسط العجز المسجل في هذه المنطقة يعتبر أقل من المعدل المسجل في المناطق الأخرى، بحسب ساركوزي، الذي لم يفت عليه هنا أن يذكر قادة الدول الكبرى بالعلاقات الخاصة التي تربطه بالمستشارة أنجيلا ميركل، تأكيدا للدور القيادي لمحور باريس- برلين في البناء الأوروبي. ترجمة/ سعد بن أحمد ( الاسلام اليوم)