تقدم نحو 40 من أعضاء مجلس الشعب السابقين، الذين أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمًا بحرمانهم من الترشح للانتخابات البرلمانية مدي الحياة- نتيجة عدم أدائهم الخدمة العسكرية ودفعهم الغرامة نظير تهربهم- بمذكرة للمجلس العسكري لإعادة النظر في الحكم، مطالبين فيها بإعادة النظر في قانون مباشرة الحقوق السياسية. وتقدموا بأدلة تفيد بعدم دستورية الحكم لما يحتويه من مخالفة لحقوق الإنسان وحق كل فرد الدستوري في الترشح، ومنها القرار الصادر عن محكمتي القضاء الإداري بالمنصورة والإسكندرية في عام 2005 بعدم جواز الحرمان الأبدي من الترشح، وعدم جواز توقيع عقوبتين على جريمة واحدة، بالإضافة إلى حكم المحكمة الدستورية بأن تعديل التفسير يحتاج إلى قرار من المشرّع. وأكد الكتور هيرماس رضوان، أحد النواب السابقين المحرومين من الترشح، أن من ضمن المستندات التي قاموا بتقديمها للمجلس العسكري ولجنة تعديل الدستور الخطاب الذي حصلوا عليه من وزارة الدفاع بأن جنحة التخلف عن التجنيد ليست مخلة بالشرف، وما هي إلا جريمة انضباطية، وإنه بحصول الشاب علي نموذج 45 يعتبر موقفه من التجنيد منتهيًا وغير مطلوب نهائيًا، بالإضافة إلى حكم القضاء العسكري الذي ينص على رد الاعتبار بعد 6 سنوات من دفع الغرامة. وحظي هؤلاء الطاعنين على حرمانهم الأبدي من الترشيح بتأييد عدد من فقهاء القانون الذين رفضوا حكم المحكمة الدستورية العليا، القاضي بحرمان المتخلين من أداء الخدمة العسكرية من الترشح للانتخابات النيابية. وقال الدكتور جابر جاد نصار أستاذ القانون جامعة القاهرة، إن حكم المحكمة الدستورية العليا كان مجرد تفسير لنص القانون الفقرة 6 من المادة 5 من قانون مباشرة الحقوق السياسية، وهو يقوم على شرط أداء الخدمة العسكرية والإعفاء. وأضاف إن هذا التفسير يقوم على اعتبار أن المصريين الذين لم يؤدوا الخدمة العسكرية أو تجاوزوا السن لسبب أو لآخر سواء كان عمدًا أوناتجًا عن إهمال أو هروب، فإن العقاب المناسب لهم هو الحرمان مدي الحياة من حق الترشح. غير أنه وصف التفسير الذي خطته المحكمة الدستورية العليا ب "المتعسف"، لأنه يؤدي إلى حرمان مجموعة من المصريين من الترشح مدي الحياة، معتبرًا أن هذا يتعارض مع حقوق الإنسان لأنه يحرم المواطن من حقوقه الدستورية. وقال إن "العقاب الذي يعد مناسبا لهذ الحالة هو الحرمان المؤقت لمدة لا تتجاوز عن 10 سنوات"، لافتا إلى أن المؤدي لغرامة عدم أداء الخدمة العسكرية لم يرتكب جريمة الهروب من الخدمة العسكرية، رغم أن المتهم بالتهرب من أداء الخدمة يتم قبول ترشيحه بعد رد اعتباره. وشدد نصار علي ضرورة إصدار تشريع جديد للحيلولة دون تطبيق هذا التفسير المتعسف، وذلك عند إعادة إصدار قانون مباشرة الحقوق السياسية، موضحًا أن هذا الحكم غير موجود في أي دولة في العالم، حيث أن هذا التفسير المتشدد يحرم مجموعة من المواطنين من العمل السياسي مدي الحياة. من جانبه، قال الدكتور رجب عبد الكريم أستاذ القانون جامعة المنوفية، إن ما حدث من حرمان أبدي للمؤدين لغرامة الإعفاء إنما يعبر عن اتجاه قضائي في تفسير النص، وأضاف أنه من المفترض أن الحقوق السياسية والتي منها حق الانتخاب والترشيح حقوق دستورية لا يجوز للمشرّع منع أي إنسان منها. وأوضح عبد الكريم أن تفسير المحكمة الإدارية العليا والذي أيدته المحكمة الدستورية العليا يتعارض مع عدد من الفقهاء وكتب القانون، مؤكدًا أنهم سيناشدون المشرع لإعادة النظر في هذه القضية، وأن هناك عددًا من اساتذة القانون على استعداد للدفاع عن هذه الفئة من المواطنين.