من المفارقات اللطيفة، أن يطالب "ليبرالييون" مصريون، جماعة الإخوان المسلمين، بتقديم "بطاقة ضمان" لاحترامهم الديمقراطية حال فازوا في الانتخابات القادمة! الطريف ليس في الطلب في ذاته، على أساس أنه يتجاهل أن مصر تحولت بعد الثورة من حكم "الجماعات السياسية" إلى "حكم الدستور".. وأن الأخير هو "الضمانة" وليس من يحكم بشخصه أو بصفته. الطرافة في أن "الليبراليين" هم الذين بحاجة إلى أن يقدموا "بطاقة ضمان" بعدم تصفية الخصوم وخاصة الإسلاميين حال وصلوا إلى الحكم. فإذا كان الليبرالييون "قلقين" من صحيفة الأحوال السياسية للإخوان.. فإن مواقف الليبراليين الحالية، من الحريات والتعددية وقبول الخلاف والتنوع، يثير الرعب فعلا.. ويحمل الجميع على أن يشعر بالفزع حال آلت السلطة إلى أي من الجماعات السياسية التي تتشح بوشاح ليبرالي أو يساري. المسألة لا تتعلق بأعمال البلطجة الإعلامية التي قام بها الليبرالييون واليساريون قبيل وبعد استفتاء 19 مارس، وإنما بحملات الترويع التي خاضوها ضد خصومهم والتحريض عليهم ليس وفق منطق مقبول وعقلاني وإن كان موضع خلاف، وإنما بالكذب والتدليس وبكل الوسائل التي توصف بالرخص والانتهازية.. على النحو الذي يجعل من وصولهم إلى السلطة كارثة سياسية وحقوقية يسدد فاتورتها خصومهم السياسيون بالتصفية أو بالإقصاء والمطاردات الأمنية على أحسن الأحوال. ما يطلبه الليبرالييون من الإخوان اليوم، ليس من قبيل "الخوف" الحقيقي على الديمقراطية.. وإنما من قبيل اصطناع القلق والظهور في صورة "القديس الليبرالي" المطارد من "أعداء الحرية".. أو على سبيل اختلاق صورة للإسلامي المتجهم القاسي باعتباره "رمزا للديكتاتورية".. مقابل صورة الليبرالي "الحليوة" عاشق الديمقراطية.. إنها "حروب الصورة" في الإعلام التي عادة ما تكون عوضا عن "الهزيمة" المتوقعة على الأرض. المصريون بعد الثورة لن يحترموا إلا ما سوف تسفر عنه نتائج فرز الأصوات.. سواء أكان ليبراليا أو إسلاميا أو يساريا.. وإذا كان البعض يطالب الإسلاميين ب"ضمانات" تبدد مشاعر القلق من "نواياهم" حال وصولهم إلى السلطة.. فإن الرأي العام المصري، يطالب "الليبراليين" و"اليساريين" بضمانات مشابهة.. بعد أن استبد بالمصريين القلق من نواياهم حال فازوا بأغلبية المقاعد البرلمانية وشكلوا الحكومة وبات بامكانهم تسمية رئيس مصر المقبل. [email protected]