قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن السلطات في مصر أعدت الانتخابات المجيدة بشكل دقيق لدفع العسكري السابق المشير عبدالفتاح السيسي لمنصب الرئاسة وسط موجة موافقة شعبية دون أية عوائق سواء كانت كبيرة أو صغيرة يمكنها أن تقف في طريق المرحلة المخطط لها كي تبدو كأنها عودة إلى مسار الديمقراطية. وأضافت تحت عنوان" تتويج السيسي الحتمي لن ينهي العنف في مصر"، أن "هذا سبب منع برنامج الإعلامي الساخر باسم يوسف من العرض لحين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية المقررة مايو المقبل"، لافتة إلى أن "قيام القناة الفضائية المدعومة من السعودية منح "البرنامج" تلك العطلة هدفه تجنب التأثير على توجه الناخبين والرأي العام". وتابعت متهكمة أن" السيد باسم يوسف أصبح في الواقع مفسدًا لبثه المرح والدعابة خلال انتخابات مفروغ من عملية تصويتها مسبقًا وتسخر من عبادة شخصية السيسي". ورأت الصحيفة أن "انتخاب السيسي قد يشكل مأساة لمصر لكن للأسف ليس ذلك مزحة فهو شرعنة للاستبداد الجديد في البلاد، تؤدي أيضًا لتمهيد الطريق للحكومات الغربية المتبذبة لتطبيع علاقاتها مع القاهرة". واستطردت: "إذا كنت تتجاهل البيئة المحيطة بالانتخابات المقررة مثل السجون التي تعج بالإسلاميين، والمحاكم المتنافسة في إلقاء كثير من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وراء القضبان، إضافة لوسائل الإعلام العامة والخاصة التي تدعم السيسي وتعتبره المنقذ ربما يبدو الاستطلاع حقيقيًا". وأردفت أن "المشير الذي خلع زيه العسكري الشهر الماضي وشوهد مؤخرًا مرتديًا ماركة "أديداس" الرياضية ممتطيًا دراجته "البيجو" حول المدينة، هو معشوق العديد من المصريين الذين ضاقوا ذرعًا بالفوضى التي أعقبت ثورة 2011، الشعور بخيبة الأمل المريرة من حكم الإسلاميين القصير". وتابعت أنه "بغض النظر عن عودة السيسي بالدولة المصرية لما هو أكثر قمعًا من عهد حسني مبارك، أو لفترة القومية الشرسة عامي 1950 و1960 والتي جسدت انتكاسة، مازال الرجل القوي يصر على استعادة هيبة الدولة وهو ما يؤكده كثير من المصريين حاليًا على أن هذا ما تحتاجه البلاد". وأشارت إلى أن "انتخاب السيسي سوف يعطي الحكومات الغربية التبرير اللازم لفتح صفحة جديدة بعد فترة عزل الرئيس السابق محمد مرسي وما تبعها من سفك للدماء وقمع، فمنذ التدخل العسكري لم تتمكن الولاياتالمتحدة من تسمية ما حدث انقلابًا وكانت السياسة الغربية تجاه مصر في حالة ترقب وانتظار". ولفتت إلى أنه "تم الاستعانة بدول خارجية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والتي تبغض الإخوان المسلمين وقامت بضخ "البترودولارات" كي تظل القاهرة ثابتة على قدميها من الناحية المالية". وأضافت أنه "في العواصمالغربية سمعنا انتقادات علنية قليلة جدًا تجاه السلطات المصرية، وحتى لو اعتراف المسؤولون سريًا بأن البلاد تسير على الطريق الخطأ، لاحظ المعظم ردود فعل ملحوظة في الأسابيع الأخيرة ببريطانيا تعلن ابتهاجها بالنظام المصري حيث أجرت حكومة لندن تحقيقاً في أنشطة الإخوان المسلمين، إضافة لإرسال الاتحاد الأوروبي مراقبين للانتخابات الرئاسية كما لو كانت تجري بشكل حقيقي". وأشارت إلى أن" مصر تعد أمرًا هامًا للغاية لا يمكن تجاهله، وبالنسبة للحكومات الغربية فعودة النظام القديم بعد ثلاث سنوات من الارتباك يحمل في طياته طلبات معينة، ولقد برهنت ديمقراطية العالم العربي على فوضى كبيرة، موضحة أن الحكم الفردي لا يمنح سوى قشور خارجية من الاستقرار الذي دمر في النهاية تحت وطأة الفساد المتأصل والمظالم التي باتت في طي النسيان". ورأت الصحيفة أن السيسي سيظل في السلطة لأن الجيش والدولة الأمنية اللذين ساعدا في القضاء على مبارك ومرسي يسيران بقوة على جانبيه، إضافة للدعم الغني بالنفط الذي يرغب في رؤيته ناجحًا". وقالت إن "هناك كلمة تحذير واحدة قبل الاندفاع في التأييد، فعلى مدى السنوات الثلاث الماضية أثبتت أحوال مصر أنها لا يمكن التنبؤ بها، فالمزاج متقلب والشعب لا يرحم، وقد انقلب المصريون ضد كل من حاول حكمه". وأوضحت أنه "مع مرور الوقت باتت حدود قدرة السيسي في تحسين الاقتصاد المتعثر واضحة، إضافة لعيوب سياسته المتمثلة في القضاء على الإسلاميين، لكن يمكن فقط مواجهة الإسلام السياسي باحتواء المعتدلين وتعزيز مزيد من البدائل السياسية ذات الميول الليبرالية، لكن السيسي رافضاً لتأييد التعددية ولا شىء يوحي بأن انتخابه سوف يحوله لديمقراطي". http://www.ft.com/cms/s/0/73e40024-cad8-11e3-ba95-00144feabdc0.html#axzz2zjOA9m78