عبد الفتاح السيسي لن يفوز فقط من الجولة الأولى 26 و27 مايو القادم، إنما سيكون ذلك بفارق كبير عن أقرب منافسيه حمدين صباحي. هذا ليس علما بالغيب، ولا عبقرية صحفية ، فقط قراءة مجردة للواقع الذي تقول إحدى حلقاته أمس الأول " الاثنين" أن حملة المشير قدمت للجنة العليا للانتخابت 200 ألف توكيل، بينما صباحي لم يعلن عدد توكيلاته بعد، وهذا يعني أنه لم يستكمل العدد المطلوب، وهو 25 ألف توكيل. بالتالي يكون السيسي قد جمع 8 أضعاف ما يسعى صباحي لتحقيقه، وسيكون الأمر مدهشا لو تأكد أن حملة السيسي لديها أكثر من 400 ألف توكيل، كما قال بعض أعضائها، وأنها اكتفت ب 200 ألفا فقط حتى لايتم إرهاق لجنة الانتخابات في فرزها، والتيقن منها. جريدة "الوطن" لخصت القصة كلها في عنوانها الرئيسي: السيسي يستعرض بالتوكيلات، وصباحي يبحث عن "موكلين". ورغم الغمز في حمدين بالعنوان والصورة المنشورة مع الخبروهو يخفي وجهه بيده كما لو كان حزينا، أو تعرض لهزيمة مبكرة، فإن مايتعلق بالسيسي من استعراض هو في محله، ومن مظاهر الاستعراض بجانب ذلك العدد الضخم من التوكيلات أن تصطحب الكراتين المكدسة فيها الأوراق لمقر اللجنة سيارة مصفحة، وسيارتين جيب شيروكي، و7 دراجات نارية في موكب مثير، مع تكثيف أمني غير مسبوق حول مقر اللجنة. السيسي ليس مرشحا عاديا، فلن يسير في الشارع ، ولن يعقد مؤتمرات بسبب المخاطر الأمنية، فهو يجلس في المكان الذي يقيم فيه، ويدير منه حملته ، ولا أظن أنه نفس العنوان الذي ظهر في بطاقة الرقم القومي التي نشرتها الصحف لأنه صار معروفا، ولايجوز أمنيا أن يتواجد فيه، وهو حيث يعيش يستقبل وفود المؤيدين يوما بعد الآخر، وقبل إعلان أسماء المرشحين رسميا، وهو منذ استقال وأعلن ترشحه يعمل وفق خطة معدة جيدا لضمان تأييد قطاعات شعبية عديدة مؤثرة، وذات كتل تصويتية كبيرة حتى لاتحدث أية مفاجآت، فهو يريد فوزا غير عادي. وقد تنبأ مرسي نفسه بفوزه. لكن لماذا هذا العدد الكبير من التوكيلات؟!. هي تحمل رسائل عديدة للداخل والخارج، فهي أولا للإخوان وأنصارهم ذات دلالة بأن هناك دعم شعبي واسع لترشح السيسي للرئاسة، فهو ليس مجرد قائد الجيش الذي عزل مرسي ليحل محله، إنما هو مطلوب شعبيا ليكون رئيسا، وهو طلب مدعوم بضغط وتأييد شعبي جارف، فالتوكيلات تأتيه من كل حدب وصوب حتى فاضت عن الحد، ولن يتوقف عن استقبال المزيد لتصل لرقم مليون، وهذا يعني في رسالة التوكيلات أن 3 يوليو لم يكن انقلابا، بل استجابة لرغبة شعبية واسعة، وأن التأييد لم يتوقف، بل مازال مستمرا وبكثافة. والرسالة تتجه صوب منافسه الوحيد تقريبا حتى الآن حمدين صباحي بأننا انتهينا في 15 يوما من التوكيلات التي تكفي 8 مرشحين، والفائض الذي لم يتم تقديمه للجنة يكفي مثلهم، بينما المنافس مازال يجاهد لجمع العدد المطلوب، وبالتالي يتضح أين تميل الكفة، ولصالح من؟!. ورسالة الخارج أن السيسي لم يعزل مرسي ليأخذ مكانه، بل إن غالبية الشعب تريده، ومتمسكة به، والشاهد هي التوكيلات، بجانب ماسبقها من خروج كثيف في مناسبات عديدة استجابة لطلبه، وعمليا يبدو الغرب قد أقر بهذا الواقع، وتصريحات كاثرين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي خلال لقائها معه قبل أيام تؤكد ذلك، وتعترف بشكل غير مباشر بأنه الرئيس القادم، لذلك كانت حريصة على الجلوس معه، بينما وعدت صباحي بلقاء في زيارة أخرى بعد أن تعذر اجتماعهما لأسباب ليست قاهرة. ومجمل أول اتصال هاتفي أجراه وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيجل مع الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع المصري لايبتعد كثيرا عن هذا المعنى أيضا. لقد صار هناك إقرار أوروبي أمريكي بخريطة الطريق، وبسلطة الواقع الجديد التي خلقها السيسي، كما وصفها السفير إبراهيم يسري رئيس جبهة الضمير المحسوبة على الإخوان. واقعية السفير يسري هي التي تجعله يعترف بذلك، ويفكر في حلول، ولذلك يرى ضرورة تشكيل لجنة محايدة للمصالحة تبدأ عملها مع وجود الرئيس المنتخب، وسيكون هو السيسي بالطبع، أما الذين يعيشون خارج الواقع فلن يحصدوا شيئا، وستتعمق الأزمة أكثر، وسيبقى الوطن مأزوما. هذا رصد مجرد ومحايد للواقع الذي لايجب الهروب منه، أو التعامي عنه. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.