تحت عنوان "مصر تتودد لجنوب السودان لجذبها في نزاع النيل"، قالت مجلة "المونيتور" الأمريكية، إن مصر تواصل تطوير علاقاتها مع جنوب السودان بهدف حماية مصالحها المائية، في الوقت الذي يشهد النزاع بين القاهرةوأديس أبابا تصاعدًا كبيرًا. وقال دبلوماسي مصري بالجامعة العربية، إنه منذ انفصال جنوب السودان قبل ثلاث سنوات تقريبًا ومصر تحاول إدخال تلك الدولة للجامعة العربية لضمان وجود لغة للتفاهم والتواصل. وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، طلب خلال اجتماعه مع وزير خارجية جنوب السودان برنابا بنيامين يوم 8 مارس الماضي، أن يكون لجوبا وجود مسئول بجامعة الدول لتوفير الدعم العربي الذي طلبته جنوب السودان، وقد تم الاتفاق على مذكرة تفاهم تقضي بالتعاون في مجالات الاقتصاد والصحة والتعليم إضافة لمشاورات حالية سيتم التوقيع عليها قريبًا. ونقلت المجلة عن رئيس جنوب السودان سلفا كير قوله: "ليس لدينا مؤشرات تؤكد رغبة جنوب السودان في الانضمام لجامعة الدول العربية في هذا الوقت، لكن المشكلات السياسية التي تفاقمت بعد محاولة الانقلاب الأخيرة بقيادة نائب الرئيس رياك مشار، تعزز مطالب جوبا في الحصول على مساعدات عربية ودعم إدارتها السياسية". وقالت إنه في 9 مارس الماضي شاركت جنوب السودان لأول مرة في اجتماع لوزراء الخارجية العرب الذي عقد في القاهرة، حيث أوضح وزير خارجيتها بارنابا بنيامين في تصريحات ل "المونيتور" إن وضع بلاده السياسي يدفع لحشد التأييد في مواجهة المشكلات الداخلية، مؤكدًا تطلع جوبا لمزيد من الدعم العربي مع عدم المساس بعلاقات مصر والدول العربية الأخرى، كونها دولة وليدة تحتاج الانفتاح على كل دول العالم. ولفتت المجلة الأمريكية إلى أن بنيامين قلل من احتمالية انضمام جنوب السودان للجامعة العربية، وقال "ليس لدينا رغبة في الانضمام بالجامعة كعضو فاعل، لكن نتطلع لتعزيز العلاقات مع العرب، وسوف يزور الرئيس سلفا كير قريبًا عددًا من الدول العربية ونتوقع فتح سفارات بالإمارات والمملكة العربية السعودية". وأضافت أن مصر كثفت نشاطها الدبلوماسي بشكل مباشر مع جنوب السودان في أعقاب التوترات السياسية الأخيرة في جوبا، حيث شاركت لأول مرة في مفاوضات السلام بين الأطراف المتنازعة من خلال وزير الخارجية نبيل فهمي، الذي قدم الدعم السياسي والوساطة في محادثات أديس أبابا يوم 22 مارس، إضافة لعرض القاهرة المشاركة في قوات حفظ سلام الأممالمتحدة لاستعادة استقرار جوبا، وذلك وفقًا لما أعلنه المتحدث باسم الرئاسة السفير إيهاب بدوي يوم 23 مارس بعد زيارة وزير الدفاع السوداني الجنوبي كول مانيانج للقاهرة. أما العقيد فيليب أكوير، المتحدث باسم وزارة الدفاع في جنوب السودان، فقال: "هناك تنسيق عسكري بين القاهرةوجوبا الآن واتفقنا على تعزيز قدرات الجيش بجنوب السودان من خلال اتفاقيات تدريبية مع الكليات العسكرية المصرية.. القاهرة تتفهم جيدًا التحديات التي تواجه جنوب السودان، ولا تزال لديها مشكلات خاصة بتطوير الجيش بسبب النزاع المسلح والقتال الدائر مع المليشيات المسلحة". ورأت المجلة، أن قلق مصر من التوتر السياسي وعدم الاستقرار بجنوب السودان يأتي حرصًا على مصالحها في مياه النيل، فالقاهرةوجنوب السودان أهم دول الحوض، لأن هناك إمكانية في تنفيذ مشاريع لزيادة حصة البلاد من مياه النهر عن طريق استغلال المياه المفقودة حاليًا بأراضي جنوب السودان في الغابات والمستنقعات. في المقابل، قال وزير المياه المصري السابق محمد نصر الدين علام، في تصريحات للمجلة الأمريكية: "لا يمكن عقد مفاوضات مع جنوب السودان لإقامة مشاريع خاصة بزيادة حصة المياه أو استغلال الكميات المفقودة، لأن معظم الأماكن التي يمكن تنفيذ تلك المشاريع عليها تقع بمناطق الصراع، لذا يجب على مصر أن تغير وجهة نظرها بشأن تنفيذ تلك المشاريع وتقوم بتنمية المجتمعات المحلية بجنوب السودان وليس استغلال المياه لصالح مصر". ولفتت المجلة إلى أنه رغم وجود الأمل المصري في بدء محادثات استكمال قناة جونجلي، أعلنت جنوب السودان معارضتها للمشروع، لأنها لم تدرس آثاره البيئية السلبية ومدى استفادة القبائل المحلية بمنطقة جونجلي، وذلك وفقًا لبيان صحفي صادر عن أنتوني كون سفير جنوب السودان بالقاهرة سبتمبر 2013. وقالت إن موقف مصر المهتز حاليًا مع جوبا يشكل عاملًا رئيسيًا في رغبتها في توسيع العلاقات معها. وفي هذا الشأن، قال حلمي شعراوى، مؤسس مركز البحوث العربية والأفريقية: السبب الرئيس في عدم وجود علاقات مع جوبا هي حكومة شمال السودان، والتي سعت كثيرًا لإبعاد القاهرة عن قضية الجنوب وعزلها من محادثات الانفصال، والآن يجب إحياء هذه العلاقات بعد الإجراءات التي اتخذتها الخرطوم والتي لا تأخذ مخاطر البلاد في الاعتبار عندما قامت بدعم إثيوبيا، إضافة لعلاقات التقارب الإسلامي بين الرئيس السوداني عمر البشير ونظام الرئيس المعزول محمد مرسي. وأضاف شعراوى: "دعم جنوب السودان لم يعد خيارًا للقاهرة بل هو ضرورة في ضوء المأزق والتحديات التي تواجه مصر في الحفاظ على المياه بعد تجرؤ إثيوبيا في بناء سد النهضة الذي يمكن أن يؤثر على تدفق المياه للبلاد، لذا لا يمكننا السماح بإقامة إثيوبيا علاقات مع حكومة جوبا بمفردها". ورأت "المونيتور"، أن بيئة الصراع الدائر بين الميليشيات المسلحة في جنوب السودان لا تزال العقبة الرئيسية لمصر في جهودها لتأمين المصالح الاستراتيجية في مياه نهر النيل، رغم تصريحات المسئولين المؤكدة قوة علاقات البلدين على عكس الواقع. http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2014/03/egypt-south-sudan-nile-water-dispute-ethiopia.html#