صباح الخير يا أمي.. صباح الخير يا شمس الدنيا وبدر الوجود.. يا بسمة الحنان ونبض الأمل.. يا يد العمل والكفاح التى ربتنى وجعلت منى إنسانة حقيقية.. يا نفحات الدعم والدفء والدفاع والحماس التى تمنحنى المقدرة على استكمال مسيرة الحياة.. حبيبتى أمي.. ونور عينى التى أرى بها وروحى التى بها أشعر روعة الحياة.. لا أدرى لماذا أردت أن أكتب لك هذه الرسالة على الرغم من أننا دائمًا ما نتكلم معًا بحب وحرية.. واندفاع كأننا حبيبتان صديقتان وليس مجرد أم وابنتها.. فأنتِ يا حبيبتى أول من علمنى الحرية وغرس أجنحتها فى روحى لتطير عالية فى سموات الله الرحبة. أمي.. بدايةً.. أعتذر لكِ نعم.. أعتذر عن تلك الإساءات التى طالت أى أم فى الوجود ولم أستطع الدفاع عنها، ولم يستطع أى من أصحاب الصوت العالى فى الدفاع عن حقوق المرأة.. نعم.. أقصد تلك المؤسسات المشبوهة الذين لا هم لهم إلا أن ينالوا الدعم المالى والشهرة، ولم يفكر هؤلاء ذات صباح فى عشرات الآلاف من الأمهات فى دور المسنين بلا عائل ولا معين. أعتذر لك عن تلك الأمهات اللائى يعشن فى بيوت الإيواء والعشش بعد هدم بيوتهن وما يتعرضن له من الألم والوحشة بسبب الفقر وقلة الحيلة. أعتذر لكِ.. عن تلك الأمهات اللائى تعثرت بهن خطوات الحياة وتركهن أزواجهن ونالتهن المصاعب والمشاكل فحُرمن هدأة العيش ورغده، وسعين للعمل الشاق فى مهن غير آدمية.. أتدرين يا أمى الحبيبة.. لم أستغرب أبدًا حرصك على زيارة صديقاتك الأكبر سنًا منك والتودد إليهن وتقديم المساعدات بقلبك الرؤوف لهن والوقوف بجوار المعسرات منهن وتقديم العون لهن.. لأن هذا دأبك دائمًا.. ولأن قلبك الكبير الذى احتوانا وحمانا، قادر بأمر ربى أن يحمل ملايين البشر والعطف عليهم، فقد خلقكِ الله كيانًا عطوفًا محبًا للخير والعطاء.. أمي.. كم أحن إليك وأنا وأنتِ بيننا أقل من مائتى كيلو متر.. وصوتك الربانى الذى يرتفع بالدعاء لى فى كل مكالمة يملأ قلبى بالطمأنينة والسعادة.. أمى حبيبتي.. أحن إلى رائحتك المحببة وصهد الخبيز والطبيخ وعرق التنظيف حين يختلط بطرحتك فآخذها وأحتضنها لأنها عانقتك.. أمى.. معلمتى وملهمتى وحبيبتي.. هاأنذا أقبل رأسك الذى فكر معى وعينك التى سهرت على راحتى وفمك الذى قبل جبينى وأذنك التى استمعت إلى كل ما أقول.. أقبل يديك وقدميك.. وأشتاق إليك وأنا نائمة بين أحضانك أيتها الطيبة النقية البهية.. سلام الله عليك يا أمى دومًا دومًا.. ورضى الله عنكِ دومًا يا سعاد الجميلة.