إذا صح تسريب الفريق أحمد شفيق فهذا يجيب لي عن سؤال طرحته في مقال قبل عدة أسابيع وهو لماذا لم يعد لمصر رغم إزالة كل الموانع القضائية والسياسية أمامه ورغم حديثه مرات عديدة عن قرب رجوعه وفي بعضها حدد المواعيد لكنه لم يعد؟!. واضح الآن أنه لم يعد لأن الساحة لم تعد له بمفرده بعد الجهد الذي بذله طوال العام الوحيد الذي حكم فيه مرسي للإعداد للحظة 30 يونيو، فقد ظهر السيسي في 3 يوليو وعزل مرسي وسيطر شعبيا وسياسيا وعلا نجمه كبطل ومنقذ ثم تصاعدت المطالب له بالترشح للرئاسة وارتفعت أسهمه للفوز بأي وسيلة ربما على خلاف حسابات شفيق وهذا ما أربكه ويجعله يتأنى في اتخاذ قرار العودة وواضح من التسريب أنه لن يعود، إذ لماذا يعود طالما أنه لن يترشح للرئاسة، فهي كانت هدفه الأساسي بعد إسقاط مرسي والإخوان، وبالتالي يكون بقاؤه في دبي أفضل وأكثر أمانا له فلا يضمن تقلبات الظروف ومتغيرات السياسة من يوم لآخر. ربما ما يدعم تأخر شفيق في العودة أو بقاءه نهائيا في الإمارات بجانب ما ورد في التسريب هو ما يتعرض له رئيس الأركان السابق الفريق سامي عنان من حملات هجوم عنيفة وصلت لحد التطاول عليه بألفاظ وعبارات واتهامات وتحذيرات شديدة وبشكل غير مسبوق مع قيادة عسكرية ذات شأن وقيمة وكان لها دور محوري في ثورة 25 يناير وما أعقبها من تطورات ومسار ديمقراطي. يحدث ذلك مع عنان الذي قال إنه تعرض لمحاولة اغتيال مؤخرا، ولو صح ذلك سيكون أمرا خطيرا فعلا ، رغم أنه ألمح فقط لإمكانية ترشحه للرئاسة، ولم يعلن ذلك رسميا حتى الآن، فماذا يمكن أن يحدث له إذا ترشح فعلا، وبالتالي هذه نذر تقلق وتؤرق شفيق الذي يرى في نفسه مرشحا رئاسيا حقيقيا وجادا أكثر من عنان، ويعتقد أنه كان الفائز في الانتخابات الماضية وليس مرسي، وبالتالي يرى أنه كان الأحق بالرئاسة. هذا التسريب سيثير بعض الجدل على الشاشات وبين النخبة وأهل الكلام وفي مواقع التواصل لكن تصوري أنه لن يؤثر على مجمل الأوضاع في الساحة ولن يؤثر في كتلة تأييد السيسي التي هي نفسها كتلة شفيق مضافا إليها شرائح أخرى وتلك الكتلة ربما ترى أن السيسي أجدر من شفيق بالرئاسة وقيادة مصر اليوم لما تمر به من ظروف حساسة وخطيرة. عموما مصر يتم تهيئتها لاستقبال السيسي مرشحا ثم رئيسا لدرجة أن عنوان إحدى الصحف قبل أيام كان يبشرنا أن محلب سيكون رئيس الوزراء في عهد السيسي، فالصحيفة حسمت الأمور كلها وأخبرتنا أيضا باسم أول رئيس حكومة له. كما يأتي الإعلان عن مشروعات خدمية كبيرة الآن ليبدو وكأن ذلك مرتبط بالدعاية للسيسي مثل مشروع المليون وحدة سكنية للشباب ومحدودي الدخل والمائة ألف رأس ماشية هدية من الإمارات لمصر وقبلهما جهاز تشخيص وعلاج فيروس سي والإيدز الذي أثار ضجة كبيرة والأيام القادمة قد تشهد مزيدا من المشروعات الترويجية. إذن، ماذا سيقدم شفيق أو غيره من مرشحين آخرين مقارنة بمرشح محتمل بدأت المشروعات تهل قبل أن يحسم أمره. أيا كانت أهداف التسريب، ومن يقف وراءه وفي اليوم الذي تواجد فيه السيسي في الإمارات فإن شفيق صار خارج خريطة الرئاسة، لكنه يمكن أن يكون داخل خريطة البرلمان من خلال حزبه "الحركة الوطنية" فلو عاد وقاد هذا الحزب وقام بتنشيطه لحصد نتائج مهمة في الانتخابات المقبلة ولأصبح له دور مؤثر في الحكم. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
