ترقية الفريق السيسي إلى رتبة مشير، تؤكد نيته للترشح لمنصب الرئاسة، فقرار الترقية جاء بعد تمرير الدستور، وبالتزامن مع قرار إجراء الانتخابات الرئاسية أولا، وبمعنى آخر فإن المقدمات تؤكد بأن السيسي سيعلن ترشحه ربما خلال ساعات. ترشح السيسي للرئاسة يعني أنه الرئيس المقبل، فهو سواء اتفقت أو اختلفت معه يتمتع بشعبية كافية لانتخابه، فضلا عن ضعف المرشحين المحتملين، وهم معروفون بالاسم، ناهيك عن عزوف الشخصيات الأثقل والأكثر قدرة على المنافسةو الندية، عن المشاركة في بيئة سياسية مخضبة بالدم وتموج في اضطرابات اجتماعية وأمنية تتصاعد يوما بعد يوم، وأضف إلى ذلك عدم اليقين بشرعية كل الإجراءات التي اتخذت في اليوم التالي من 30 يونيو الماضي. سيناريو "تمرير" الدستور، سيكون تقريبا صورة "شف" من مشهد "تمرير" السيسي رئيسا، فهي مسألة محسومة، وعلى القوى السياسية، الاتفاق على مدونة وطنية جامعة، لتقديمها للجنرال القوى الذي جاء إلى السلطة متحديا، أخطر الجماعات السياسية وأقدمها وأكثرها جماهيرية وتنظيما وقدرة على الحشد وعلى إيذاء الخصوم. السيسي لن يقدم "مشروعا انتخابيا".. وإذا كان ثمة برنامج اجتماعي ينوي الاستناد إليه، فإن هذا البرنامج ليس ملحا عليه الآن.. أو في هذه اللحظة لأن "الهوس" به.. في غالبية القطاعات المؤثرة في الدولة، يغنيه عن تكبد مشقة التفكير في حلول لمشاكل بلد يتخبط في صعوبات ليس لها حل قبل مضي 50 عاما على الأقل.. وذلك حال افترضنا وجود حكومات متعاقبة، تملك القدرة على الإبداع والتجرد الوطني المحض. السيسي .. يختلف عن المرشحين المحتملين الآخرين.. فهو "زعيم شعبي".. أو هكذا أريد له، وسيظل محاطا بالطبقة الصلبة القلقة من الإخوان.. وهي طبقة عميقة وممتدة ومؤثرة وتملك التأثير على اتجاهات الرأي العام.. فيما يظل السيسي مهما قدمت من مبررات هو مرشح المؤسسة العسكرية، التي "تحكم" فعلا البلاد، منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي.. وهي المؤسسة الوحيدة التي تتمتع بتوافق وطني، وهي ميزة كبيرة ينفرد بها السيسي دون منافسيه الآخرين، حتى هؤلاء القادمين من داخل الجيش، مثل الفريق عنان والفريق شفيق.. فهما على "المعاش" ولا يحظيان بتأييد الجيش رسميا.. بينما المجلس العسكري يوم أمس 27 يناير 2014 دفع بالسيسي مرشحا رسميا للمؤسسة العسكرية على مقعد الرئاسة.
الانتخابات الرئاسية القادمة، هي مباراة من طرف واحد، والنتيجة محسومة، وعملية الاقتراع ستكون احتفالية بتسمية الرئيس الذي حسم النتيجة لصالحه قبل الانتخابات بتسعة أشهر.. غير أن الفرحة بالمقعد الرئاسي لن تدوم طويلا، حال اختفت السكرة وجاءت الفكرة، وطالب الشعب السيسي بجردة حساب. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.