طالب فقهاء دستوريون وقانونيون بإعادة النظر في العديد من القوانين، خاصة الصادرة في السنوات الأخيرة بدعوى عدم دستوريتها، مطالبين بتنقيتها وتنقيحها، حتى تتلاءم مع الإصلاحات التي سيتم تطبيقها خلال المرحلة المقبلة. وأجمع هؤلاء على وجود عدد كبير من القوانين الحالية التي يشوبها عدم الدستورية، مطالبين بتشكيل لجنة من عدد من كبار فقهاء القانون في مصر للنظر في تعديلها، بحيث تتوافق مع مبادئ وأسس الدستور الجديد. يأتي ذلك في الوقت الذي تعكف فيه لجنة يترأسها المستشار طارق البشري على إجراء تعديلات دستورية، بناء على طلب المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وفي ضوء قرارها بتعطيل العمل بالدستور. وصرح الدكتور إبراهيم درويش الفقيه الدستوري ل "المصريون"، أن هناك العديد من القوانين التي يشوبها عدم الدستورية، وكان آخرها قانون الضرائب العقارية، مشيرا إلى أن هذه القوانين لابد وأن يتم تعديلها تلقائيا بعد سقوط الدستور، حيث يجب أن تعدل حتى تتفق مع الدستور الجديد. من جهته، أشار المستشار محمود مكي نائب رئيس محكمة النقض السابق إلى العديد من القوانين التي تحتاج إلى إعادة نظر حتى تتلاءم مع أحكام ومبادئ الدستور الجديد، وعلى رأسها إطلاق حرية الصحافة، وقانون السلطة القضائية. وكان هذا الأخير قد أثارت المطالبة بتعديله منذ عدة سنوات الأزمة المعروفة بأزمة القضاة، حين طالب المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة وقتها بتعديله، مشيرا إلى أن حصر القوانين التي يشوبها عيوب أو لا تتمتع بالدستورية تحتاج إلى دراس. وأوضح أنه عندما يتوفر مناخ الحرية والديمقراطية والتعبير الحر عن الرأي ستبرز كل التشريعات وعيوبها من خلال تغيير حر. وأكد أن الحلول ليست في التعديلات وصياغة النصوص، فهناك كثير من التطبيقات غير المرضية التي ظهرت عند تطبيق هذه النصوص واحترامها، مشيرا على سبيل المثال إلى أن دستور 71 يحترم الحرية الشخصية وحرمة المواطن وحرمة منزله، ومع ذلك لم يُحترم نص الدستور والقوانين في هذا الشأن. وأكد مكي أن النصوص والقوانين ليست مهمة بقدر أهمية المناخ الذي تتم فيه واحترام نصوص هذه القوانين وما تنادي به. في حين رأى المحامي عصام الإسلامبولي، أن هناك قوانين كثيرة بحاجة إلى إجراء تعديلات عليها، وعلى رأسها القوانين المكملة للدستور، وهي قوانين مباشرة الحقوق السياسية والمدنية وقانون إنشاء الأحزاب، وقانون مجلسي الشعب والشورى، وقانون السلطة القضائية، والمحكمة الدستورية العليا، وقانون مجلس الدولة وقانون الطوارئ وقانون الإجراءات الجنائية، واصفا جميع القوانين المذكورة بأنها "متعارضة مع الدستور". وأضاف أن هناك قوانين مجتمعية بها العديد من النصوص غير الدستورية، منها قانون الضرائب العقارية الذي تم تمريره بمجلس الشعب علي الرغم من وجود العديد من الطعون الكثيرة في عدم دستوريته. وأشار أيضا إلى قانون الخلع حيث أنه لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة في شأنه أمام محكمة الاستئناف، وقانون فض المنازعات وشراكة القطاع الخاص، مؤكد أن هذه القوانين لابد وأن يجري عليها تعديلات حتى تتفق مع المبادئ الأساسية للدستور وحتى تتوافق مع إطاره العام. وأوضح أنه لن تصدر أية قوانين جديدة أو أي تعديلات على القوانين الحالية إلا بعد صدور الدستور الجديد بعد ستة أشهر من الآن، حيث أنه لا يصلح إصدار أي قانون أو إجراء أي تعديل عليه الآن، لعدم صلاحية ذلك في ظل تعطيل الدستور. من جهته، أكد خالد علي المحامي، رئيس المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن من أبرز القوانين التي تحتاج إلى تعديل بسبب ما يشوبها من خلل وقصور قانون العمل الذي يؤدي إلى سهولة التضحية بالعمال، وأيضا قانون النقابات المهنية، حيث أنه لا بد من السماح بالتعددية والحرية في إنشاء النقابات. وطعن في دستورية قانون التأمينات الاجتماعية الجديد، لعدم قانونية الوضع الحالي لأموال التأمينات الاجتماعية، نظرا لضمها لأموال الخزانة العامة للدولة، بخلاف ما ينص عليه الدستور من أن أموال التأمينات أموال خاصة لا يجوز المساس بها أو الاقتراب منها، مشيرا إلى أنه لا بد من إعادة الاستقلالية لتلك الأموال، بعيدا عن وزارة المالية، وعن أموال الخزانة. ومن القوانين الأخرى التي يري أنها بحاجة إلى تعديل قانون 100 الخاص بالنقابات المهنية، وقانون التجمهر المعمول به منذ عام 1914 والذي يشوبه الخلل والقصور، وقانون الرسوم القضائية الذي يحمل المصريين بالكثير من الأعباء المالية عليهم، مما يحرم عددا كبيرا منهم من الحصول علي حقه العادل في إقامة دعوي قضائية للحصول على الحقوق أو الفصل في أمور خاصة بهم، بما يخالف الدستور أيضا. وطالب علي بضرورة سن وإصدار قانون يحدد الحد الأقصى للأجور التي تخرج من المال العام، واشاد بقانون الإيجار القديم لكنه دعا إلى زيادة قيمة هذه الإيجارات حتى يتحقق التوازن للطرفين المالك والمستأجر وحتى يشعر كل منهما بالعدل. وشدد رئيس المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية علي حتمية إعادة تنقية التشريعات مرة أخرى بما يحقق العدالة الاجتماعية ويحمي الفئات الأكثر فقرا. بدوره، قال الدكتور حسنين عبيد، وكيل كلية حقوق القاهرة إن من أبرز القوانين التي طعن في عدم دستوريته والمنظور فيها أمام القضاء المادة 107 مقرر من قانون العقوبات، والخاصة بإعفاء الراشي في جريمة الرشوة.