حظيت المظاهرات التي شهدتها مصر الثلاثاء في إطار ما اسمي ب "يوم الغضب" باهتمام من جانب وسائل الإعلام والصحف الإسرائيلية التي اعتبرتها أول مظاهرة كبرى يشهدها الشارع المصري في عهد الرئيس حسني مبارك الذي يحكم مصر منذ نحو 30 عامًا. وذكرت الإذاعة العبرية أن شوارع القاهرة شهدت انتشار الآلاف من أفراد قوات الأمن المصرية، تحسبًا للمظاهرات الشعبية التي دعت جماعات المعارضة المصرية للقيام بها أمس على النمط التونسي، بالتزامن مع احتفال مصر بعيد الشرطة، وأشارت إلى أن الدعوات لإقالة وزير الداخلية حبيب العادلي تتصدر مطالب المتظاهرين، نظرا لشدة تعامل قوى الأمن مع التظاهرات. وأضافت الاذاعة، أن مطالب المعارضة المصرية بإقالة العادلي تأتي على الرغم من تحذيرات وزير الداخلية وتهديداته لمنظمي المظاهرات بالاعتقال لمخالفتهم القانون، بتنظيم مسيرات احتجاجية الثلاثاء للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية واجتماعية في مصر. لكنها قالت إن الشبان المتظاهرين ليس لديهم أي تأثير حقيقي على الشارع المصري، وإن مظاهراتهم تأتي وسط تحذيرات السلطات المصرية بأنها ستتصدى بكل حزم لأي محاولة للخروج عن الشرعية ومخالفة القانون. وقالت الإذاعة الإسرائيلية إن العادلي أدلى بتصريحات لوسائل الإعلام أمس أكد فيها قدرة قوات الأمن علي ردع أي خروج وأي مساس بما أسماه أمن المواطن وممتلكاته الخاصة والعامة". ونقلت عنه القول، إن "الأمن قادر على ردع أى خروج عن القانون أو الإضرار بالمواطنين، ولن يتهاون على الإطلاق في حال المساس بالممتلكات أو الإخلال بالأمن، وسيقوم بتأمينهم وحمايتهم في حال إذا كانت تلك الوقفات للتعبير عن الرأي"، وأن "الشرطة ترحب باختياركم لهذا اليوم للاحتفال بشهدائها لكي تعبروا عن آرائكم". بدورها، قالت صحيفة "هآرتس" في تقرير أعدته قبل خروج المظاهرات، إن عشرات الآلاف من المعارضين للنظام الحاكم بمصر غالبيتهم من الشباب سيخرجون للتجمع بميدان التحرير وسط القاهرة، وإذا حدث ذللك فسيكون "ثلاثاء الغضب" هو أكبر مظاهرة شعبية ينظمها الشارع المصري ضد النظام في عهد الرئيس مبارك. وذكرت أنه خلال العقد الأخير شهدت مصر العديد من المظاهرات ضد مبارك لكن تلك المظاهرات لم يشارك فيها أكثر من ألفين شخص . وأشارت إلى أن الشبكات الاجتماعية على شبكة الإنترنت مثل "فيسبوك" و"تويتر" للمدونات وموقع "يوتيوب" لمقاطع الفيديو شهدت خلال الأسابيع الاخيرة عمليات حشد وتجنيد وتعبئة واسعة للمتظاهرين ضد نظام الحكم في مصر. ولفتت الصحيفة إلى دعوات المعارضة برفع الحد الادنى للأجور إلى 1200 جنيه مصري، والسماح بحرية التعبير وإلغاء نظام الطوارئ المعمول به في مصر منذ مقتل الرئيس أنور السادات في عام 1981. وأضافت أن غالبية حركات وأحزاب المعارضة المصرية اعلنت انضمامها للمظاهرات سواء التي ستشهدها القاهرة أو المدن المصرية الأخرى، بينما اعلنت قوات الأمن رفع حالة التأهب القصوى، كما قام الحزب "الوطني" الحاكم بعملية تعبئة مضادة للشباب تتضمن وقوف نصف مليون شاب في الشوارع حاملين لافتات تعبر عن تأييدهم لمبارك. ووصفت الصحيفة جروب "كلنا خالد سعيد" الذي سمي على اسم الشاب السكندري الذي لقي مصرعه في يونيو الماضي بعد تعرضه للضرب العنيف على يد رجال الشرطة بأنه أقوى المجموعات على موقع "فيسبوك" البارزة في يوم الغضب. وأضافت إن سعيد تحول منذ مقتله إلى رمز لشهداء التعذيب وانضم إليه بعد ذلك ثمانية مواطنين حاولوا الانتحار حرقا احتجاجا على الأوضاع في مصر، خاصة الاوضاع الاقتصادية، أسوة بما فعله الشاب التونسي محمد بوعزيزي الذي أشعل انتحاره شرارة العصيان المدني في تونس. وقالت الصحيفة إن المتظاهرين في مصر يطالبون في يوم الغضب بمحاكمة كل معذبي المعتقين والمسجونين وكل متورط في عمليات الفساد، وتغيير بنية النظام الحاكم بحيث يصبح منصب رئيس الجمهورية رمزيا وتنتقل صلاحياته وسلطاته الى البرلمان المصري. كما يطالبون بالسيطرة على مؤسسات الحزب "الوطني" الحاكم وتحويلها الى مكتبات عامة، والقيام بإصلاحات في نظام الضرائب المفروضة على الشعب، وإجراء انتخابات نزيهة وبعيدة عن التزوير والفساد. وذكرت "هآرتس" نقلا عن منظمي مظاهرات "يوم الغضب" مطالبتهم المشاركين في المظاهرات بعدم استخدام العنف والخروج بملابس دافئة ومياه، تحسبا لاستمرار المظاهرات ساعات طويلة وربما لأيام وعدم رفع لافتات حزبية بل علم مصر فقط، وعدم الاشتباك مع قوات الأمن المصرية. وقالت إن تلك ليست المظاهرة الأولى في مصر وليست المرة الأولى التي يتم فيها استخدام شبكة الإنترنت للاحتجاج على النظام الحاكم، فمنذ انتخابات 2005 والشبكة الإلكترونية تحولت إلى وسيلة تعبئة وحشد مركزية يمكن بواسطتها للنشطاء السياسيية وحركات المعارضة التعبير عن آرائهم وانتقاد النظام المصري. ورأت أن المظاهرات الكبرى في مصر من شأنها أن تشجع مواطني الدول العربية الأخرى على الخروج للشارع وتقليد يوم الغضب المصري.