بحث اجتماع- أمن قومي مصغر- عُقد بالإسكندرية ظهر السبت ضم عددا من الشخصيات السياسية، ورؤساء جميع الأجهزة الأمنية، وخبراء في مجال مكافحة الإرهاب، تداعيات حادث تفجير كنيسة القديسيين الذي وقع بعد أقل من نصف ساعة من بدء العام الميلادي الجديد ليل الجمعة، وأسفر عن مقتل 21 شخصا، وإصابة 79 شخصا من بينهم مسلمون. وعلمت "المصريون" أن الاجتماع ناقش كافة الاحتمالات حول طرق تنفيذ التفجير، في الوقت الذي رجحت فيه الأجهزة الأمنية أن يكون التفجير قد تم بسيارة مفخخة عن بعد، وأبدت مخاوفها من التداعيات المحتملة لذلك، لأنه يعني دخول مصر منحنى خطير من العمليات الإرهابية خلال الفترة القادمة، وعودة ظاهرة التفجيرات في الشارع المصري كما كانت خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي. ورأت التقديرات الأمنية أن الحادث يمكن أن يكون من تنفيذ خلايا نائمة لتنظيم "القاعدة" في مصر، ذات خبرة بعملية صنع المتفجرات، أو من خلال عناصر وفدت من الخارج، خاصة بعد تهديداته فى مطلع شهر نوفمبر من العام الماضي بعد حادث تفجير كنيسة النجاة فى العراق. ولم تستبعد التقديرات الأمنية احتمالية تورط جهاز المخابرات الإسرائيلية "الموساد"- بشكل غير مباشر- في إطار سعيه الدءوب لإحداث الفتنة الطائفية فى مصر، وكرد فعل حول الكشف عن شبكة التجسس الأخيرة التي يتزعمها المصري طارق عبد الرازق حسين، أو أن تكون من تدبير المخابرات الإيرانية. وانتقد الاجتماع الطريقة المتبعة حاليا فى تأمين الكنائس في مصر، والتي تعتمد على فردي أمن أو ثلاثة على أكثر تقدير يجلسون فى حالة إجهاد وإعياء، نتيجة طول مدة الخدمة التي تصل إلى 24 ساعة متصلة. وكشف قيادات الأمن المشاركة في الاجتماع أن نحو ثلاثة الآف فرد أمن شاركوا فى تأمين كنائس الإسكندرية، بينهم عدد كبير كان مشاركا فى تأمين احتفالات مولد أبو حصيرة، وتأمين وفود اليهود الذين توافدوا على الإسكندرية خلال اليومين الماضيين قادمين من دمنهور. لكن المشاركين في الاجتماع اعترفوا بوجود قصور كبير فى أجهزة كشف المفرقعات، والأفراد المدربين في هذا المجال، ووجود نقص شديد في المعلومات المتوافرة لدى كافة الأجهزة الأمنية حتى السيادية منها. كما بحث الاجتماع تداعيات الحادث على النسيج الاجتماعي بالإسكندرية، وإمكانية تكراره، حيث حذر من إمكانية تكراره طالما لم يتم الكشف عن الجهة التي نفذته، والقضاء على أسبابه، وتطرق إلى ردود الفعل المحتملة من جانب أقباط المهجر، ودور الكنيسة المصرية فى احتوائها حرصا على عدم زيادة حالة الاحتقان بالشارع المصري. وأوصى الاجتماع بضرورة تهدئة الأقباط والكنيسة، وعدم السماح بأي تظاهرات بالشارع، ومراجعة كافة الخطط الأمنية التي سبق اعتمادها من أمن الدولة لتأمين دور العبادة بشكل عام، وتعاون كافة الأجهزة الأمنية السيادية والجنائية بالإسكندرية وتشكيل مجموعة عمل مصغرة تجتمع أسبوعيا، أو عند الضرورة لمناقشة ما هو متوافر لديها من معلومات عن النشاط الإرهابي بالإسكندرية بشكل خاص. كما أوصى الاجتماع بضرورة مراجعة قوائم القدوم والسفر فى جميع المطارات المصرية خاصة من البلدان التي يمكن قدوم عناصر إرهابية منها، ومراجعة قوائم النزلاء لجميع فنادق الإسكندرية، وكذا الشقق المفروشة، وشاليهات الساحل الشمالي، بالإضافة إلى مراجعة سجلات جميع الطلاب الوافدين من الدول الآسيوية، والأفريقية الذين يدرسون بالإسكندرية، والأكاديمية العربية للنقل البحري. كما اعترفت القيادات الأمنية بالإسكندرية بوجود حالة من الاحتقان الطائفي بالإسكندرية وجميع المحافظات المصرية على خلفية احتجاز الكنيسة لبعض السيدات القبطيات اللاتي تحولن للإسلام وتحتجزهم الكنيسة بعد إعلان إسلامهن، بالإضافة إلى تصريحات الانباء بيشوي – الرجل الثاني بالكنيسة الأرثوذكسية- التي زعم فيها وجود تحريف فى القرآن الكريم، وأن المسلمين فى مصر ضيوف على أقباطها. وأشار إلى وجود حالة من الغضب المكتوم بالشارع المصري خاصة لدى جماعة "الإخوان المسلمين" بسبب تزوير انتخابات مجلس الشعب التي جرت في أواخر نوفمبر وأوائل ديسمبر الماضيي بشكل غير مسبوق، وأعرب عن خشيته من أن تظهر بوادر هذا الغضب الشعبي المكتوم فى الأشهر القادمة مع قرب الانتخابات الرئاسية. يشار إلى أن أجهزة الأمن كانت قد ألقت القبض في أواخر يوليو وأغسطس 2007 على نحو 70 من المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم "القاعدة" كانوا قد دخلوا إلى البلاد من ميناء الإسكندرية بجوازات سفر مزورة، وأن بعضا منهم وبينهم قائدهم تمكن من الهرب إلى سيناء، وقد كشفت مصادرة أحد الحواسب الآلية عن خطط الجماعة لتنفيذ عمليات ضد المصالح الإسرائيلية والأمريكية بسيناء وقناة السويس.