بكل ثقة وثبات يؤكد المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا الأستاذ علي صدر البيانوني في حواره مع شبكة (الإسلام اليوم) أن النظام السوري زائل لامحالة، لأن هذا "النظام قد استنفد كل مقومات بقائه، بعد أن نفّذ كل المخططات الخارجية المطلوبة منه" . ومع ذلك يجدد "البيانوني" الذي يقيم في لندن رفضه لأي تدخل خارجي في سوريا، "لأننا نرفض إزالة الاستبداد بالاحتلال"، مرحّبا في الوقت نفسه بأي ضغط خارجي على النظام السوري يعتمد الوسائل السلمية السياسية. ورحب "البيانوني" بانضمام عبد الحليم خدام إلى صفوف المعارضة السورية في الخارج، معتبراً أنها خطوة في الاتجاه الصحيح، مشدداً على أن صندوق الاقتراع هو من سيحدد صاحب الدور القادم. يذكر أن "البيانوني" الذي وُلد في حلب عام 1938 قد انتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين في سورية عام 1952، وتدرج في مواقع قيادية فيها؛ إذ كان عضواً في مجلس الشورى والمكتب التنفيذي منذ عام 1972. وعُيّن نائباً للمراقب العام عام 1977، وشغل هذا الموقع لسنوات ، وانتخب مراقباً عاماً للجماعة في شهر يوليو/ تموز 1996. وقد أُعيد انتخابه عام 2002 لفترة ثانية مدتها أربع سنوات. اعتُقل البيانوني مدة عامين في سوريا بسبب انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، من 1975 حتى 1977. وقد غادر سوريا عام 1979، ويقيم حالياً في لندن. (الإسلام اليوم) التقت "البيانوني" في حوار سريع تناول بشكل خاص واقع المعارضة السورية في الخارج ، وآفاق المستقبل .. * أثار انضمام عبد الحليم خدام النائب السابق للرئيس السوري إلى جناح المعارضة السورية في الخارج -التي يغلب عليها الطابع الإسلامي- جدلاً بصفته أحد رموز الفساد في النظام السوري لعقود طويلة فمالذي تهدفون إليه من هذه الخطوة ؟ ** نحن لم ندخل أحداً في المعارضة، ولا نملك أن نعطي الناس صكوك المعارضة. والمعارضة موقف يتخذه أي إنسان. ونحن قبل أكثر من سنة وبالتحديد في شهر إبريل من العام الماضي، وجهنا نداء للرئيس بشار الأسد ولنوابه وللحكومة ولمجلس الشعب وللجيش وللمؤسسات الأمنية، طالبناهم جميعاً أن ينحازوا إلى جانب الشعب، ويقفوا معنا في عملية التغيير والإصلاح، فعندما يستجيب نائب الرئيس ألا نقبله، نحن رحبنا به، وطالبناه أن يحدد موقفه بشكل واضح من المرحلة السابقة، وأن يعتذر للشعب السوري من الجرائم التي ارتكبها النظام في حق الشعب أثناء توليه مسؤولياته، السيد خدام الآن اتخذ موقفاً يلتقي مع مواقفنا، يطالب بالتغيير الديموقراطي بعيداً عن التدخل الخارجي، يطالب بالتغيير السلمي بعيداً عن العنف، يطالب بائتلاف كل شرائح المجتمع ومكوناته، فهو الآن يلتقي معنا في هذا الموقف، ونحن في تحالفنا معه ومع الآخرين إنما نلتقي على قواسم مشتركة. نحن صحيح حركة إسلامية، لكن ليس كل حلفائنا في إعلان دمشق وفي الميثاق الوطني، ليسوا كلهم إسلاميين، هناك علمانيون، ويساريون، وهناك أناس من ديانات أخرى، نحن نرحب بكل مكونات المجتمع السوري، وبكل أطيافه السياسية مادمنا اتفقنا على هدف واحد مشترك، وهو الإصلاح الديموقراطي في سوريا . * لكن هناك من يقول أن "خدام" لما رأى أن الموجة في المنطقة لصالح أمريكا استبق الأحداث ليكسب الدور القادم لقيادة سوريا في المرحلة المقبلة، ما رأيكم؟ ** لا يملك أحد أن يرسم لنفسه الدور القادم، إذا صح التوجه نحو وضع حر وديموقراطي فالشعب هو الذي يختار من يلعب الدور القادم، نحن في مرحلة انتقالية، بعد تغيير هذا النظام لا بد أن تشترك فيه كل القوى وكل الفعاليات، بمن فيهم رجال النظام أنفسهم الذين لديهم استعداد للمساهمة في عملية التغيير، أما المرحلة القادمة فيحددها صندوق الاقتراع. * إذن أنت مقتنع بأن النظام سيتغير؟ ** أنا أعتقد أنه لا يمكن لهذا الظلم أن يدوم، الشعب السوري يعاني منذ أكثر من أربعين سنة من عمليات قمع وظلم وقتل وتشريد، هناك ملفات إنسانية عالقة، نحن مددنا أيدينا خلال السنوات الخمس الماضية إلى الرئيس بشار نطالبه بالإصلاح المتدرج، ومبدين استعدادنا للتعاون معه في إنقاذ البلد من هذه الأزمة، ولنواجه الضغوط الخارجية معاً في كتلة شعبية واحدة، لكن النظام رفض ، وأعرض عن هذه النداءات الوطنية منا أو من الفئات السياسية الأخرى، كان لابد من الوصول إلى قناعة مشتركة لدى جميع فئات المعارضة أن هذا النظام غير قابل للإصلاح، وأنه لابد من التغيير. * بصفتكم المعارضة الإسلامية في الخارج رفضتم إزالة الاستبداد بالاحتلال، فماهي الوسائل الأخرى التي تنتهجونها لتغيير هذا النظام؟ ** نحن نعتقد أن هذا النظام الذي يفتقد إلى الشرعية وإلى القاعدة الشعبية، إنما هو يحكم ويستمر بدعم من الغطاء الخارجي ... * من تقصد بالغطاء الخارجي؟ ** الغطاء الخارجي من القوى الدولية الغربية والحكومات العربية، التي تتستر على جرائمه، النظام ارتكب جرائم كثيرة في الماضي في حق الشعب السوري، وفي حق الشعب اللبناني والفلسطيني ، وارتكب جرائم في أوروبا وفي أماكن كثيرة، لكن كان هناك تعتيم على هذه الجرائم والمجازر، والغرب يدعمه؛ لأنه يقف في وجه الإسلاميين، وهم يعدون الإسلاميين -مع الأسف- خطراً عليهم، والنظام استفاد من هذه الورقة من أنه النظام الوحيد الذي استطاع أن يقضي على الحركة الإسلامية في سوريا، النظام مدعوم من الخارج، دخل لبنان بغطاء أمريكي وموافقة إسرائيلية، وخرج من لبنان أيضاً بضغط أمريكي إسرائيلي ، فالنظام كان ينفذ مخططات خارجية. والنظام الآن استنفد أغراضه في الخارج، وجريمة اغتيال الحريري إذا ثبتت عليه، ستكون هي القاضية؛ لأنه عندئذ سيصدر قرار دولي بإحالة رؤوس هذا النظام إلى المحكمة الدولية . * إذن أنتم ترحبون بالضغط الخارجي السلمي من أجل إزاحة هذا النظام؟ ** نحن نتمنى من كل القوى في العالم العربي وخارجه أن تنقذ الشعب السوري من معاناته بالوسائل السلمية والسياسية والدبلوماسية، نحن نرفض أي عقوبات جماعية على الشعب السوري، نرفض أي حصار اقتصادي، نرفض أن يُعاقب أفراد الشعب بسبب جرائم ارتكبها أفراد من هذا النظام . * لكن لو وفّرت لكم الخارجية الأمريكية دوراً سياسياً قادماً في سوريا على أن تتحالفوا معها في إسقاط النظام السوري، ماموقفكم؟ ** موقفنا واضح وحازم في هذه القضية، نحن نرفض أي تدخل خارجي في شؤوننا. نرفض أي تعاون مع قوى خارجية، ونرفض أن يكون الاحتلال بديلاً عن الاستبداد، وهذا موقف معلن، وقلنا مراراً أننا مستعدون للدفاع عن الوطن في حال الاعتداء عليه ولو في ظل هذا النظام، هذا أمر محسوم. * أحد المعارضين السوريين صرح بأن "نظام الأسد أسوأ من نظام صدام"، ما رأيكم في مثل هذا الكلام؟ ** أنا اعتقد أن أنظمة الاستبداد كلها سيئة، ليس هناك مجال للمقارنة، كل نظام يعتمد على القمع، وعلى مصادرة الحريات، ولايتيح حرية للناس في اختيار من يمثلهم، فهو نظام سيئ مهما تعددت الأسماء والديكورات. * هل لكم تحالف مع قوى تنظيمية في الداخل السوري؟ ** نحن إخواننا موجودون في كل مكان، ولكن لانقيم علاقات تنظيمية في الداخل. هناك قانون يحكم علينا بالإعدام لمجرد شبهة الانتماء؛ فلذلك لا نقيم علاقات تنظيمية مع قوى في الداخل. * تولّت الدكتورة نجاح العطار مؤخراً نيابة الرئيس بشارالأسد مفوضة الشؤون الثقافية وبذلك تكون أول سيدة عربية تنال هذا المنصب ، كيف تنظرون إلى هذه الخطوة؟ ** يؤسفنا أن تكون سيدة مثل نجاح العطار تسهم من أجل هذا النظام، وهي التي تعلم من قتل زوجة أخيها السيدة بنان الطنطاوي ابنة الشيخ علي الطنطاوي، وزوجة الشيخ عصام العطار وفي نفس الوقت الذي ثبت فيه أن من ارتكب هذه الجريمة هم أزلام النظام السوري تستمر هذه السيدة وزيرة للثقافة لسنوات طويلة، وهي الآن تُعيّن نائبة لرئيس الجمهورية. لا أدري كيف تسوّغ الدكتوره نجاح العطار لنفسها المساهمة في مثل هذا النظام الظالم المستبد الذي يسوم شعبنا سوء العذاب. * ماهي توجيهاتكم لمن يساندكم في داخل سوريا؟ ** نحن كل ما نطلبه من شعبنا في الداخل التكاتف والوحدة والتعاون، والاطمئنان إلى أن هذا النظام زائل لا محالة بإذن الله؛ لأنه لا يمكن لهذا الظلم أن يدوم، ونعتقد أن شعبنا بفضل وعيه وتلاحمه قادر على تفويت الفرصة على هذا النظام الذي يراهن على التقاتل الداخلي، ويراهن على الفوضى، وشعبنا جدير بأن يعيش حياة حرة كريمة وهو سيصل إليها بإذن الله. المصدر الاسلام اليوم