أدان عمرو موسى, رئيس لجنة الخمسين لتعديل الدستور، ما تتعرض له مصر من إرهاب على يد جماعة آثمة لا تعرف معنى الدين والوطن, مشددًا على ضرورة مقاومة الإرهاب بقرارات حاسمة, وعدم الالتفات لأي تصريحات خارجية فإن أي دولة تنتقد تعاملنا مع الإرهاب، وأن أي دولة إذا تعرضت لموجة إرهابية فلن تتوقف عن مواجهته, وعلينا أن نحمي مجتمعنا. وأضاف "موسى" خلال حواره بالإذاعة المصرية مع الإعلامى "عبد الرحمن رشاد" رئيس الإذاعة مساء أمس الخميس, أنه بالرغم من محاولات جماعة الإخوان المسلمين لتعطيل كتابة الدستور, فقد انتهت اللجنة من كتابته, وأيضًا بالرغم من محاولات تعطيل الجماعة لعملية الاستفتاء عليه, فالشعب المصري يزداد إصرارًا على المشاركة في الاستفتاء يومي 14 و15 يناير المقبل, مشيرًا إلى أن إنقاذ مصر يأتي بتنفيذ خارطة الطريق. وأشار رئيس لجنة الخمسين إلى أن مشروع الدستور ليس مجرد تعديل علي الدستور السابق, فجانب التعديلات الجذرية والجزئية على مواد ما, فالتوجه الأساسي لمشروع الدستور الجديد توجه مختلف تمامًا عن دستور 2012 , ومختلف تمامًا في روحه وإطاره عن دستور 71, مؤكدًا أن دستور 2012 لم يضع القرن الحادى والعشرين فى اعتباراته، ولم يكن يضع اهتمامات المواطن فى احتياجاته فى التعليم والصحة والوظائف وغدًا أفضل. كما أكد "موسى" أن الديباجة جزء لا يتجزأ من الدستور, موضحًا أن المادة "277" من الأحكام العامة تنص على أنه "يشكل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجًا مترابطًا وتتكامل أحكامه في وحدة متماسكة", أي أن الديباجة جزء من الدستور, مشيرًا إلي أن الديباجة تحدثت عن قيادات مصر ورؤسائها والثورات التي مرت بها وبعدها جاء الحديث عن الهوية المصرية وأدوار الأديان وصلة الأنبياء بمصر أرضًا وشعبًا وتتحدث أيضًا عن الحرية وسيادة القانون وعن سيادة الدولة المصرية, وأن مصر دولة ديمقراطية حديثة مدنية الحكم. وأوضح موسى أن الدستور الجديد ألغى حكم الرئيس الديكتاتور, حيث لابد أن يكون الدستور أعلى من الرئيس, وأن يحكم الرئيس في إطار الدستور, وأنه في الدساتير السابقة الرئيس كان أعلى من الدستور وكان يفسر مواده وفقًا لرغباته وسياسته, لافتًا إلى أن الدستور أكد أن السيادة للشعب, وأن الشعب هو مصدر السلطات. وأضاف موسي أن الدستور اهتم بالقضايا المختلفة وتحقيق العدالة الاجتماعية, حيث يضمن في نصوص صريحة للرعاية المجتمعية, والرعاية الصحية, والتأمين الاجتماعي, والتعليم والمدارس لإنشاء جيل جديد قادر على مواجهة التحديات. وأكد موسي أن الدستور الجديد ركز على أهمية المواطنة حيث كل المواطنين سواسية, ولا تفرقة من حيث لون أو دين أو جنس, مشيرًا إلى أن التفرقة جريمة وفقًا للدستور, كما ضمن عدم التمييز بين الرجل والمرأة وأعطى للمرأة المصرية حقها. وأشار الي أن اللغط الذي اثير حول الحديث عن الفرق بين "الحكومة مدنية ام حكم مدني" بالدستور , قال موسي ان هذا الحديث "زوبعة في فنجان" وجزء من اللغط الذي يراد به التشكيك في الدستور فالحكومة المدنية معناها الحكم المدني , لافتا الي ان الحكومة لفظ أشمل من الحكم واكثر تحديدا, فالحكومة هي الهيئة التي تدير شئون البلاد بينما لفظ حكم مدني فقط يحتاج للتفسير, مؤكدًا أن الديباجة واضح فيها أن الهيئة التي تدير في شئون البلاد هي حكومة مدنية وهو المتعارف عليه في الدساتير الدولية. وتابع رئيس لجنة الخمسين قائلًا "إننا حينما نقرأ المواد من أولها لآخرها نجدها تتحدث عن الدولة المدنية مع الأخذ في الاعتبار أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر رئيسي للتشريع". وعن ثورة 25 يناير و ثورة 30 يونيه قال موسي إن ثورة 25 يناير جاءت لإصلاح البلاد, وحينما قامت ثورة تونس أدرك تمامًا أن الثورة ليست بعيدة عن مصر, ثم جاءت 30 يونيه لتستأنف ما نادت به 25 يناير, فالثورتان متكاملتان, وثورات الربيع العربي هي أساس حركة التغيير الأساسية في العالم. كما أشار موسى إلى أن الرئيس المعزول محمد مرسي فقد شرعيته تدريجيًا, بداية من نوفمبر 2012 حينما أصدر الإعلان الدستوري الذي قضي على الديمقراطية , ثم فقد شرعيته نهائيًا بثورة 30 يونيه. وبسؤال عمرو موسى عن المادة الخاصة بتحصين شيخ الأزهر من العزل قال موسي إن خلال النظام السابق كان هناك مناورات لإقصاء شيخ الأزهر وتعيين من يريده الحكم, فلابد أن يكون شيخ الأزهر مستقلًا عن التغييرات السياسية وغير قابل للعزل، خاصة أن الدستور حدد فترتين فقط لتولي منصب الرئاسة, كما نصت المادة 7 على استقلال هيئة الأزهر أيضًا, حتى لا يتدخل الدين في السياسة والعكس صحيح. وتطرق الحديث إلى نسبة تمثيل المرأة, والعمال والفلاحين في الانتخابات البرلمانية فقال موسى إنه لا كوتة في الانتخابات البرلمانية فهي متاحة للكل, كما أنه لا يوجد 50% للعمال والفلاحين, مشيرًا إلى أن أمر نسبة العمال والفلاحين لم تأت بفائدة لهم. وأوضح موسى أن الدستور الجديد ضمن حقوق الفلاح، كما يحافظ على حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، والشباب, حيث جاء فى الدستور الجديد، أن الدولة تعمل على توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين، والعمال، والزراعيين، والصيادين، والعمالة غير المنتظمة وفقًا للقانون، وجاء ذلك في "مادة 17". كما يلزم الدولة بتخصيص نسبة من الأراضي المستصلحة لصغار الفلاحين، وشباب الخريجين، وحماية الفلاح، والعامل الزراعي، وجاء ذلك فى "مادة 29". أما بالنسبة لحقوق العمال قال موسي إن الدستور يعكس رغبات العمال ويضمن حقوقهم التي نالت نضال سنوات كثيرة، حيث تلتزم الدولة بحقوق العمال وتعمل على بناء علاقات عمل متوازنة بين طرفي العملية الإنتاجية وتكفل أيضًا سبل التفاوض الجماعي طبقًا للمعايير الدولية، كما تعمل على حماية العمال من مخاطر العمل وتوافر شروط الأمن والصحة والمهنية ويحظر الفصل التعسفي وذلك على النحو الذي ينظمه القانون, مشيرًا إلى أنه وفقًا للدستور الجديد فالحكومة ليس لها يد ثقيلة على العمال كما كان من قبل. وتابع موسى قائلًا "إنه بالنسبة للمواد الاقتصادية بالمشروع الجديد فقد حافظت على التوازن بين حرية الاقتصاد والعدالة الاجتماعية". وأكد موسي أن الدستور الجديد يضع الأساس لنقلة تاريخية في تاريخ مصر الاقتصادي من خلال نموذج اقتصادي يعتمد على القدرة التنافسية والإنتاجية, وحماية حقوق الملكية الفكرية. وهذا هو أول أساس لا غنى عنه في أي اقتصاد ليبرالي. وأشار رئيس لجنة الخمسين إلى أنه علاوة على ذلك، فإن الدستور الجديد يجعل من واجب الدولة إدخال تحسينات منهجية ومستمرة لبيئة الأعمال, ويشدد على أهمية استمرار جهود التنمية والنمو المتوازن، فإنه يفتح الباب على مصراعيه لإدخال إصلاحات جادة على سوق العمل، كما يأخذ موقفًا قويًا بشأن قضايا الاقتصاد مثل حماية المستهلك ومنع الاحتكار، والاقتصاد غير الرسمي. أما عن التعليم والصحة. قال موسي إنه تم مراعاة معايير الجودة العالمية في مواد التعليم، وقد ضاعفت اللجنة ميزانية التعليم في الدستور الجديد على أساس أن تكون ميزانية التعليم العادي تصل إلى 4% من الدخل القومي المصري, وبالنسبة للرعاية الصحية ضوعفت ميزانيتها إلى 6%, كما تحدث الدستور عن التأمين الصحي والتأمين الاجتماعي والضمان الاجتماعي، مشيرًا إلى أنه تم تخصيص نسبة 3 % من الدخل القومي للصحة على أن تتصاعد تدريجيًا، كما أنه تم تجريم الامتناع عن تقديم العلاج في نصوص الدستور.
وبسؤاله عن المادة الخاصة بالمحاكمات العسكرية للمدنيين نفى موسي وجود محاكمة مدنيين أمام المحاكم العسكرية في الدستور الجديد بخلاف حالات التعدي المباشر على المنشآت العسكرية أو أفراد الجيش, كما أشار إلى أن الدستور لم يحصن منصب وزير الدفاع. وتطرق الحديث أيضًا إلى الهوية الثقافية للدولة, حيث قال إنه لأول مرة يحتوي الدستور على باب كامل عن الهوية الثقافية كما ضمن حق الإبداع الفني والأدبي حسبما جاء في بيان للأزهر الشريف منذ عام ونصف. وأكد أن باب الحقوق والحريات يختلف جذريًا عن باب الحريات في دستور 2012، حيث نص على أن حرية العقيدة مطلقة, كما يشمل حرية الحصول على معلومات, حرية الملكية الفكرية, حرية الصحافة والطباعة, عدم فرض رقابة, استقلال المؤسسات الصحفية. واختتم رئيس لجنة الخمسين حواره حيث أكد أن مشروع الدستور الجديد يحتوي على كم وكيف هائل من الحقوق والحريات, كما وضع الأساس لحياة أفضل للمصريين, وتعامل مع الفساد وسوء إدارة البلاد.