منصب السفير الأمريكي في القاهرة سيظل شاغرًا لفترة طويلة ... علاقة السفير الأمريكي بالمعارضة الإسلامية السورية " يدق ناقوس الخطر " لدي المصريين "دبلوماسي عربي" : فورد مستعد للجلوس علي طاولة واحدة مع من هم أسوأ من الإخوان
كشفت مجلة " فورين بوليسي " – الأمريكية – عن قيام الإدارة الأمريكية باستبعاد روبرت فورد ، الدبلوماسي الأمريكي رفيع المستوي ، المتحدث للعربية بطلاقة ، وسفيرها لدي سوريا ، من أن يكون خلفًا لآن باترسون في القاهرة ؛ وذلك إذعانًا منها لرغبة الحاكم في مصر الرافضين له ؛ لاستعداده المعلن للتفاوض مع بعض المسلحين والجماعات السياسية الإسلامية السورية .وفقاً لما ذكرته مصادر مطلعة لم تكشف عن هُويتها المجلة . ولفتت إلي أنَّ هذا القرار سيترك منصبًا دبلوماسيًا في غاية الأهمية شاغرًا خلال فترة زمنية تشهد علاقة الإدارة الأمريكية بواحدة من أهم حلفائها في منطقة " الشرق الأوسط " ، توترًا قويًا غير مسبوق . وسخرت المجلة الأمريكية من هذا التحرك قائلة :" إنَّ الإسلاميين السوريين قد رفضوا من جانبهم حتي مقابلة فورد مما يعني ، يا للسخرية ، أنَّ الدبلوماسي الأمريكي ربما يفقد الوظيفة التي طالما حلم بها في مصر بسبب مخاوف المصريين من علاقة لم تتحقق بعد ." ورفضت المتحدثة باسم السفارة المصرية التعليق علي تعيين فورد ؛لأنَّه لم يتم تعيينه سفيرًا للولايات المتحدة بشكل رسمي. ورأتْ " الفورين بوليسي " أنَّ قرار تراجع "الإدارة الأمريكية "عن تعيين فورد سفيراً رسمياً لدي القاهرة ؛ إنما يسلط الضوء علي مدي الصعوبات التي يواجهها "البيت الأبيض" في الوقت الذي تستمر علاقته بالقاهرة في التدهور في أعقاب الاطاحة بمحمد مرسي أول رئيس إسلامي مصري منتخب ديموقراطيًا . وذكرتْ "المجلة الأمريكية" أنَّ آن باترسون السفيرة الأمريكية السابقة كانت قد غادرت البلاد " مسربلة بالخزي" ؛ لأنَّ الكثيرين بمن فيهم قادة الجيش المصري قد استشعروا قربها بدرجة كبيرة من جماعة " الإخوان المسلمين" . وفي الوقت نفسه ، واجه البيت الأبيض ضغوطًا هائلة من أعضائه لقطع المساعدات حتي تعود البلاد إلي الحكم المدني . وأشارت إلي أنَّ بعض المسؤولين في حكومة السيسي قد أصابهم القلق من أن فورد قد يحاول أن يقوم بنفس المحاولة [التي قامت بها باترسون ] ؛لإقامة علاقات مع تيار الإسلام السياسي في مصر ، وحثت الإدارة بهدوء علي أنْ تجد بديلاً له ليمثلها لدي مصر وفقا لمصادر مطلعة علي الأمر. وكان جون كيري وزير الخارجية الأمريكية قد رشح فورد لهذا المنصب هذا الصيف ، وأمل البيت الأبيض في تعيينه رسميًا مطلع العام القادم . ولكن بدلاً من ذلك ، قالتْ مصادر مطلعة علي الموقف بإنَّ الإدارة الأمريكية قررت التراجع عن قرارها ، وبأنَّ تبقيه في منصبه الحالي بوصفه سفيراً لبلاده في سوريا . وستبحث عن أخر لشغل هذا المنصب الشاغر . تلك الخطوة التي قد تستغرق شهورًا نظراً لتعليق جلسات مجلس الشيوخ في الوقت الحالي ، وغارق في الجمود الحزبي . وأوضحتْ " الفورين بوليسي " أنَّه كان من المفترض أنْ يقوم فورد برأب الصدع الحادث في العلاقات ما بين البلدين ، والسعي لبناء روابط للتقارب مع الحاكم الفعلي للبلاد الفريق أول عبد الفتاح السيسي ؛ إلاَّ أنَّ تواصل السفير الأمريكي لدي سوريا مع بعض المتمردين الإسلاميين في سوريا " يدق ناقوس الخطر " – علي حد تعبير المجلة – في القاهرة ، مما يبدو أنَّ هذا السبب يقوض من فرصته لتعيينه سفيرًا في القاهرة ، وأشارتْ إلي أنْ قادة مصر الحاليين لديهم اعتقاد راسخ بأنَّ إدارة الرئيس الأمريكي أوباما قد تخلت علي وجه السرعة عن نظام مبارك القائد العلماني ، وحليف الولاياتالمتحدة لأمد طويل ، كما أنَّ ذات الإدارة حليفة لمرسي ، وجماعة " الإخوان المسلمين ". ونقلت " الفورين بوليسي " عنْ أحد الدبلوماسيين العربي المقربين لأحد المفكريين المصريين تصريحه لها " إنَّه الرجل الذي يمكن القول بإنَّه علي استعداد للجلوس علي طاولة واحدة مع إسلاميين هم أسوأ من جماعة " الإخوان المسلمين " ؛ لذا فإنه من المثير للدهشة ، أن يعتقد البيت الأبيض بأنه الرجل المناسب للذهاب إلي مصر ... بالفعل ، هو رجل جيد ، إلاَّ أنَّه الشخص الخطأ علي الاطلاق لشغل هذا المنصب ، علي الأقل ، في الوقت الراهن." وتابعت "المجلة الأمريكية" القول ، وقالت بإنَّ أخرين كانوا أكثر جودًا في تصريحاتهم لها ، ونقلت عنْ دبلوماسي عربي يعرف فورد جيدًا قوله بأنَّه هو بالفعل الشخص المناسب للمنصب ، وانتقد تراجع الحكومة الأمريكية عن اختياره وألقي باللوم علي الحكام الحاليين لمصر فيما تشهده البلاد من حالة عدم الاسقرار إلي الآن . وأشار الدبلوماسي العربي الذي لم تكشف المجلة عن اسمه إلي أنَّ فورد بوصفه سفيرًا لدي سوريا قام بزيارة مدينة " حماه " التي يسيطر عليها المعارضة في يوليو 2011 ؛ لحضور تشييع جنازة قائدهم ، كما استغل الموقع الإلكتروني لسفارة بلاده بشكل روتيني ؛ لانتقاد الرئيس السوري بشار الأسد لمداهمته الوحشية لشعبه وتساءل الدبلوماسي العربي قائلاً " كم عدد السفراء الذين لديهم الشجاعة الكافية للذهاب إلي خطوط مواجهة الحرب الأهلية [كما فعل فورد في سوريا] " وقالتْ بإنَّ مسؤولين في الإدارة الأمريكية كانوا قد أكدوا علي أن فورد يواجه بالفعل بعض المعارضة في القاهرة ؛ إلاَّ أنَّهم قالوا بإنَّ السبب الرئيسي وراء عدم توليته هذا المنصب ؛ إنَّما هو حيوية منصبه الحالي بوصفه أداة الوصل الأساسية ما بين واشنطن والمتمردين السوريين ، وأشارت المجلة الأمريكية إلي أنَّ السفير الأمريكي أخذ يتنقل طوال الأشهر القليلة الماضية ما بين واشنطنوجنيف وأسطنبول كجزء من جهوده الساعية ؛لاقناع المعارضة السورية بالمشاركة في محادثات السلام المقرر عقدها في جنيف أواخر يناير المقبل . ونقلت " الفورين بولسي " عن مسئول بارز في وزارة الخارجية الأمريكية قوله :" بإنَّ السفير فورد يقوم بمجهود هائل في سوريا في هذا الوقت العصيب قبل انعقاد مؤتمر جنيف الثاني . إنَّها مهمة لها أولوية قصوي تفوق غيرها ... ويثق الجميع بداية من الرئيس إلي أصغر مسئول أمريكي في تعاطي فورد مع هذا الملف ... إنَّ الرئيس ، ووزير الخارجية ؛ بل الإدارة بأكمالها تكن الكثير من الاحترام لمجهوده – سواء هنا في واشنطن أم في دمشق – وهم يستشعرون أهمية مواصلته لجهوده ." وأوضحتْ "المجلة" أنَّ معارضي فورد كانوا قد اعترفوا بأنَّه من أكثر المبعوثين حيوية ، ومهارة في الإدارة الأمريكية ، وفي الوقت نفسه ، اعترف مؤيدوا السفير الأمريكي بأنَّ العامل الرئيسي الذي أفشل فوزه بفرصة منصب القاهرة هو تواصله المستمر مع قادة المعارضة السورية البارزين وأشارتْ "الفورين بوليسي" إلي أنَّ الكثيرين من قادة المعارضة السوريين قد رفضوا تقديم إجابة نهائية عما إذا كانوا يعتزمون حضور محادثات جنيف ، مع تصريح الكثير منهم بأنَّهم سيحضرون في حال حصولهم علي وعد من القوي الغربية بانتهاء المحادثات بالإطاحة بالأسد الأمر الذي اعتبرته المجلة " محض خيال " قائلة " إنه ليس من المستغرب أن يرفض الرئيس السوري تلك الشروط ."