تتفجر فى الآونة الأخيرة مشكلة كيفية الحفاظ على أموال البترول والغازات الطبيعية التى تباع من دول الخليج للعالم بعملة الدولار مع إستمرار تراجع قيمة الدولار قياسا على العملات الأجنبية الأخرى. فقد ذكر تقرير لجريدة إيكوشرشفه الإقتصادية التركية فى نهاية شهر مارس 2006 أن دولة الإمارات العربية قررت تحويل نسبة 10% من إحتياطيات العملات الأجنبية من الدولار إلى العملة الأوروبية اليورو. وقالت الجريدة الإقتصادية التركية أن دولة الإمارات ردا على منع شركتها من العمل فى الموانىء الأمريكية قررت جعل نسبة 10% من مبلغ 23 مليار دولار إحتياطيات العملة لديها تتحول إلى العملة الأوروبية بعد أن كانت فى حدود نسبة 2% فقط .وأن إجتماع رؤساء البنوك المركزية بدول مجلس التعاون الخليجى الذى عقد بإمارة أبو ظبى مؤخرا لبحث وتقييم الأمور المالية أعقبه إعلان عبد الله بن خالد العطية رئيس البنك المركز القطرى إمكانية تحويل نسبة 40% من الإحتياطيات القطرية للعملة الأوروبية الموحدة اليورو. بالطبع .. من حق دول الخليج البحث عن بدائل لحماية أموالها من التآكل أمام الضعف المستمر للدولار.لكن هذا الموقف الذى لا يمكن حسابه على أنه من المستجدات فيما يتعلق بتراجع قيمة الدولار الأمريكى فى الأسواق العالمية، لذا ألا يدفعنا جميعا موقف الدولار المتدنى لتذكر مشروع دينار الذهب الإسلامى الذى طرحه الدكتور نجم الدين أربقان رئيس الحكومة التركية الأسبق على مجموعة الدول الثمانية الصناعية الإسلامية D8 خلال إجتماعها الأول بإستانبول فى يونيو عام 1997 ومنذ ذلك التاريخ لم نسمع شيئا عنه وإلى أى مدى وصل أمره ! . فقط كل ما نعرفه أن الحكومات التركية التى جاءت لحكم تركيا بعد عام 1997 لم تبال بمجموعة الثمانية الإسلامية ومشروعاتها وتبدو أمورها مجمدة فى ثلاجة شديدة البرودة من نوع ألاسكا الأمريكى.إن تراجع قيمة الدولار ليست بالأمر الجديد وتآكل أموال المسلمين من عائدات البترول والغازات الطبيعية أو غيرهما ليست جديدة فالأمر عبارة عن لعبة أمريكية لا تنطوى على خبراء الإقتصاد والمال أو حتى تلاميذ التجارة والإقتصاد.لأن الملاحظ هو تراجع سعر الدولار دائماً مع كل زيادة أو طفرة تحدث فى أسعار البترول مما يؤكد أن تخفيض قيمة الدولار لعبة أمريكية لنهب جزء من أموال المسلمين لكى لا يستخدم هذا المال فى تحقيق التنمية بالعالم الإسلامى ولكى تستمر الهوة السحيقة العلمية والتكنولوجية بين الغرب الإمبريالى والرأسمالي المتوحش وبين الشعوب الإسلامية التى تستنزف ثرواتها بشكل دائم ومنظم.من هنا يجب على خبراء الإقتصاد وشؤون المال فى العالم الإسلامى إعادة النظر فى موقفهم المتردد من مشروع دينار الذهب الإسلامى والتحرر من الخوف لأنه من الناحية النظرية يمثل دينار الذهب الإسلامى على الأقل عامل توحد للأمة الإسلامية سيدفع الشعوب الإسلامية للتخلى عن إستخدام وتداول الدولار بشكله الواسع المعلوم اليوم والتوجه نحو عملة قوية إسلامية ذهبية تتدوالها الآيادى والمصارف ومؤسسات التمويل بكل أمان وفى كل الأصقاع متحررة من إحتلال الدولار الجاثم على الصدور منذ الستينات من القرن الماضى.إن موقف بحث دول الخليج اليوم عن بدائل للدولار والتوجه نسبيا نحو اليورو الأوروبى نفهمه ونقدره ولكن فى نفس الوقت لا نريد الإنتقال من إحتلال الدولار لإحتلال اليورو.لذا نأمل أن تكون العملة الخليجية الموحدة المنتظر ظهورها عام 2010 هى دينار الذهب الإسلامى، الذى يمكن تداوله فى أيادى المسلمين وليس اليورو الأوروبى.قد يقول قائل أن كميات الذهب والأموال الموجودة لدى دول الخليج لا تعادل قيمة أموال دولة واحدة مثل أسبانيا (800 مليار دولار دخل سنوى)، لكن ومع إحترامى لهذا الرأى الإقتصادى .... ألا يجب علينا أن نبدأ ولوّ بدول الخليج أولاً ثم تنضم الدول الإسلامية لاحقا وتدعم هذا الدينار الخليجى لكى نستطيع فى المستقبل القريب الإنتقال لعملة دينار الذهب الإسلامى.من زاوية الأرقام والفارق الرهيب بين الثروة الأمريكية أو الأوروبية وبين الثروة فى دول الخليج أو أمام كل ثروات الدول الإسلامية،يمكن فهمه وتقديره كما نوّهت سالفاً ومع هذا أليس جدير بهذه الأمة صاحبة الحضارة الإسلامية والتى سكت الدينارات الذهبية حتى نهاية عصر الدولة العثمانية (1908) أن تتداول فيما بينها على أقل الفروض عملة واحدة قوية مثل دينار الذهب الإسلامى ؟. كاتب وصحافي مصري مقيم بتركيا [email protected]