الخطيب: الكوتة من أخطر الأفكار التى تفتت المجتمع جاويد: لا يوجد نظام بالعالم يعترف ب"الكوتة" أقباط: نرفض الكوتة ولا نراها حلاً مناسباً حقوقيون: الكوتة ليست الحل لما تعانيه المرأة من تهميش سياسى
الدستور هو العقد الذى يربط بين الشعب والدولة، يحدد الحقوق والواجبات والالتزامات, التى على الدولة للشعب, وكذلك للدولة على شعبها, والمصريون يشهدون كتابة دستور جديد لبلادهم عقب ثورثى الخامس والعشرين من يناير و 30 يونيه يطمحون من خلاله لدستور يحقق العدالة لكل فئاته دون تحيز لفئة على أخرى وخاصة فى ظل الدعوات من قبل بعض الفئات التى طال تهميشها طوال العقود الماضية من قبل النظام السابق بأن يكون لها تمثيل معتدل فى المجالس النيابية المختلفة. وتدعو بعض الجمعيات المناصرة للمرأة والأخوة المسيحيين فى الشارع المصرى إلى أن يُكتب فى الدستور ما ينص على أن يكون لهم تمثيلاً فى المجالس النيابية المختلفة عن طريق ما يسمى ب"الكوتة" حتى يتثنى لهم أن يأخذوا حقهم وخاصة أنهم تعرضوا للتهميش فى العهود السابقة فى الحياة السياسية والتهم المتبادلة بأنهم أقصوا أنفسهم عن المشاركة وردهم عن أن الدولة والمجتمع لم يعطوهم الفرصة, ولكن السؤال الذى يطرح نفسه الآن هل الكوتة هى الحل لما يعانيه المسيحيون والمرأة من تهميش فى الحياة السياسية المصرية؟ أم أن هناك بدائل يمكن أن تطرح على الطاولة تحقق العدالة لكل فئات المجتمع دون فرضها على الشعب وخاصة فى ظل التخوف من أن تكون "الكوتة" فى الدستور باب يُفتح للتقسيم سواء الدينى أو العنصرى أو الجغرافى فى البلاد. ومن جانبه قال الدكتور يحيى الجمل الفقيه الدستورى, نائب رئيس مجلس الوزراء السابق, إن نظام الكوتة ليس الحل لما تعانيه بعض الفئات المهمشة فى المجتمع وخاصة فى ظل التلميحات من البعض إلى عدم دستورية مثل هذه النظم. وأضاف الجمل, أن الحل يكمن فى نظام القوائم لضمان التمثيل الأمثل فى المجالس النيابية, حيث إن القانون يلزم أن يكون فى رأس القائمة مسيحى أو امرأة وبذلك يتحقق التمثيل الملائم لهم دون اللجوء إلى نظام الكوتة, مشيراً إلى أن هذا النظام يراعى تحقيق تكافؤ الفرص للجميع. وأوضح المستشار أحمد الخطيب رئيس محكمة استئناف القاهرة, أن نظام الكوتة موجود فى بعض التشريعات الدولية المقارنة والتى غالباً ما تكون لفترة انتقالية حتى تحقق التوازن بين فئات المجتمع إلا أن هذا الوضع يختلف من دولة لأخرى. وأشار إلى أن الوضع يختلف بالنسبة إلى مصر وخاصة إذا وضعنا فى الاعتبار حالة الانقسام السياسى التى تمر بها البلاد وضعف الوعى الديمقراطى فإن الأخذ بهذه الفكرة من شأنه أن يضرب وحدة المجتمع وتماسكه ويحقق الهدف المرجو منه بل سوف تمتد أثاره إلى إلحاق الضرر بالجبهة الداخلية وتماسكها. وأكد أن الكوتة من أخطر الأفكار السياسية التى تهدد كيان المجتمع وتعتبر الخطوة الأولى نحو تقسيمه وتفتيته إذ أنها تفتح الباب أمام الكوتة بكل أشكالها سواء الدينية مثل الأقباط والشيعة وكذلك الجغرافية كالنوبة وأبناء سيناء والنوعية كالمرأة والعمرية كالشباب, حيث إن كلها تصب فى صالح تقسيم المجتمع إلى كانتونات وكيانات ويفتح الباب على مصراعية لضياع فكرة الدولة الواحدة. وألمح إلى أن نظام الكوتة سيؤدى إلى انصراف إرادة المرشحين إلى تحقيق مصالحهم الفئوية وتنفيذ أيديولوجيتهم الخاصة لصالح الشريحة التى يعبرون عنها على حساب المصلحة العامة وحل مشاكل الوطن بأكمله. وهو ما يتعارض مع طبيعة العمل البرلمانى إذ ينوب فيه النائب عن الشعب وليس عن جماعة معينة وهذا ما يتعارض مع مبادئ الدستور التى تقوم على تحقيق المساواة بين المواطنين دون تمييز أياً كان سببه أو مرجعه. وأضاف أن الحل الأمثل للتمثيل الأمثل لبعض الشرائح المجتمعية يكون من خلال الأخذ بنظام القائمة الانتخابية وقيام الأحزاب التى تنادى بالمواطنة واحترام حقوق المرأة بإثبات جدية تلك الشعارات من خلال التزامها أدبياً بوضع هذه الفئات على قوائمها الانتخابية فى مراكز متقدمة حتى تنال شرف التمثيل النيابى وهو مايدفع المرشحين نحو العمل الجاد والتواصل الفعلى مع الشارع السياسى حتى يحصل على أصوات المرشحين بما يثرى المنافسة ويفرز أفضل العناصر القادرة على تحقيق مصالح المواطن. ورفض المستشار سمير جاويد, أن يكون هناك كوتة لأى فئة فى المجتمع سواء المرأة أو الأقباط, مشيراً إلى أن من يريد دخول المجالس النيابية عليه أن يدخل السباق الانتخابى ويثبت جدارته. وأشار إلى أنه لا يوجد فى العالم ما يسمى ب"كوتة" لأى فصيل أو كيان, حيث إن الكل أمام القانون سواء, مشيراً إلى أن الحل يكون بالدفع بالمرأة والأقباط فى الأحزاب السياسية وانصهارها فيها وترشيحها على رأس قوائمها حتى يكون لهم تمثيل فى الحياة السياسية, مطالباً الأحزاب بضرورة العمل على تشجيعهم على الانضمام لها وترشيحها. وأكد الدكتور ثروت بدوى أستاذ القانون الدستورى, أن الكوتة تتنافى مع مبادئ المساواة التى يطالب بها الكثير, لافتاً إلى أنه لايجوز أن يكون هناك كوتة للأقباط أو المرأة أو غيرهما فى الدستور الجديد. وأوضح أن الحل لما تعانيه هذه الفئات من تهميش يكمن فى مبدأ الحرية وعودة الديمقراطية وحرية تكوين الأحزاب حتى تشارك هذه الفئات فى الانتخابات البرلمانية على رأس هذ الأحزاب دون أن يتم فرضها, موضحاً أن المرأة والأقباط هم من همشوا أنفسهم من الحياة السياسية عن طريق العزوف عن المشاركة فيها بأى شكل من الأشكال. وطالبت فرخندة حسن الأمين العام السابق للمجلس القومى للمرأة, بأن يكون هناك كوتة للمرأة موضحة أن المرأة على مستوى العالم لم تأخذ حقوقها إلا بتطبيق هذا النظام, لافتة إلى أن من يقول بعدم دستوريتها على اعتبار أنها تمييز فإنها تعتبر تمييزًا مؤقتًا ينتهى مع الوقت. وأبدت تأييدها لمبادرة حزب التجمع, الذى طالب بإضافة مادة فى الدستور تنص على ألا تزيد نسبة جنس على آخر بأكثر من 70 % حتى يتسنى للجنس الأضعف وهو المرأة الحصول على حقوقه, كما طالبت بضرورة إلزام الأحزاب أن يكون هناك نسبة معينة للمرأة, مشيرة إلى ضرورة تمثيل المراة فى المجالس النيابية على اختلافها وكذلك فى المحليات وشددت على ضرورة تخصيص فقرات بالدستور تخص المرأة بالتحديد واستخدام العبارات التى تشير إلى المرأة تعبيراً عن مساواتها بحقوق الرجل كمواطن داخل الدولة. فيما رفضت ندى ثابت ناشطة حقوقية, المطالبات بتخصيص كوتة للمرأة باعتبارها ليست أقلية فى المجتمع حتى يتم تمثيلها بهذه الطريقة, مشيراً إلى أن المرأة عليها أن تأخذ حقوقها بمؤهلاتها الدراسية وكفاءتها دون فرضها على المجتمع. واعتبرت إن السبب الرئيسى فى عدم حصول المرأة على حقوقها هو نوعية النساء اللاتى يعيشن عصر ما يسمى "سى السيد" فلا يردن المشاركة فى الحياة السياسية لافتة إلى أن تشجيع المرأة على المشاركة وتسليط الإعلام الضوء على النماذج الناجحة والدفع بهم فى العمل السياسى هو الحل. واعتبر هانى ميلاد حنا, مفكر قبطى أن الدستور الجديد يواجه نزاعات شديدة بين كثير من الفئات والطوائف فى المجتمع وليس الأقباط فقط, مشيراً إلى أن البلاد إذا بدأت الدستور ب" الكوتة" فهذا سيفتح الباب لطوائف أخرى مهمشة. وأكد أن الأقباط جزء من المجتمع لهم مشاكل ولكن الكوتة ليست الحل وأنه كمسيحى لا يقبل بها باعتبار أن هناك فئات أخرى تشعر الآن بالتهميش كالفلاحين والقضاة وأهالى النوبة وبدو سيناء ولم يتم تمثيلهم, مشيرًا إلى أن الهدف من الكوتة هو تحقيق التوازن وهو ما لم تحققه ولن تحققه خاصة فى ظل حالة التنازع التى تعيشها لجنة الدستور بين كل الأطراف. وأوضح القمص صليب متى, كاهن كنيسة مار جرجس, أنه يرفض أن يتم تمثيل الأقباط عن طريق "الكوتة" حيث إنها ليست الحل لما يعانيه المسيحيون من تهميش فى العمل السياسى. وأكد أنه على الدولة أن تضمن المشاركة لكل الفئات المهمشة داخل المجتمع عن طريق آليات تضمن التمثيل العادل لهم دون اللجوء ل" الكوتة" خاصة أن الوضع الحالى بالبلاد يشهد نزاعات كثيرة بين مختلف القوى السياسية التى ترغب فى أن يكون لها تمثيل عادل فى الدستور.