لإنهاء أزمة انقطاع الإنترنت.. توصيل 4000 خط تليفون جديد بالجيزة (تفاصيل)    انقطاع الكهرباء عرض مستمر.. ومواطنون: «الأجهزة باظت»    الكنائس تخفف الأعباء على الأهالى وتفتح قاعاتها لطلاب الثانوية العامة للمذاكرة    أخبار × 24 ساعة.. "التعليم" تعلن نتيجة الدور الأول للطلبة المصريين فى الخارج    بسبب عطل فني.. توقف تسجيل الشحنات ينذر بكارثة جديدة لقطاع السيارات    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 27 يونيو 2024 في البنوك (التحديث الأخير)    الحكومة تحذر من عودة العشوائية لجزيرة الوراق: التصدى بحسم    أصحاب ورش باب الشعرية: إنتاجنا تراجع 40٪.. واضطررنا لتسريح عُمّال    عاجل - بعد الانقلاب العسكري.. رئيس بوليفيا يوجه رسالة أخيرة ل الشعب    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لمدرسة تؤوي نازحين شرق خان يونس    إجراء جديد من جيش الاحتلال يزيد التوتر مع لبنان    سوريا.. استشهاد مدنيين اثنين وإصابة جندي بجروح جراء قصف إسرائيلي جنوب دمشق    تعرف على الطريق إلى نهائي «يورو 2024» ومواعيد المباريات    أحمد عبد الغني: أرفض رحيل هداف حرس الحدود ل الأهلي أو الزمالك    ميدو: الزمالك بُعبع.. «يعرف يكسب بنص رجل»    خالد الغندور: «مانشيت» مجلة الأهلي يزيد التعصب بين جماهير الكرة    انتهت.. الأهلي يضم يوسف أيمن من الدحيل القطري (خاص بالتفاصيل)    شوبير يكشف مفاجآت في شكل الدوري بالموسم الجديد    هيئة الدواء المصرية تستقبل وفد الشعبة العامة للأدوية باتحاد الغرف التجارية    مصرع طفل وإصابة شخصين في انهيار حائط بأسيوط    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    «نجار» يبتز سيدة «خليجية» بصور خارجة والأمن يضبطه (تفاصيل كاملة)    نجاة 43 أجنبيا ومصريًا بعد شحوط لنش فى «مرسى علم»    3 أبراج تتوافق مع «العذراء» على الصعيد العاطفي    «الوطنية للإعلام» تعلن ترشيد استهلاك الكهرباء في جميع منشآتها    أبطال مسرحية «ملك والشاطر» يقرأون الفاتحة قبل دقائق من بداية العرض (فيديو)    «مسيطرة همشيك مسطرة».. نساء 3 أبراج يتحكمن في الزوج    بمشاركة رونالدو.. منتخب البرتغال يسقط أمام جورجيا في كأس أمم أوروبا 2024    قانون جديد يدعم طرد الأجانب الداعمين للإرهاب في ألمانيا    جورجيا تحقق فوزا تاريخيا على البرتغال وتتأهل لدور ال16 فى يورو 2024    البابا تواضروس يتحدث في عظته الأسبوعية عن مؤهلات الخدمة    تنسيق الجامعات 2024.. تعرف على أقسام تمريض حلوان لطلاب الثانوية    الاستعلام عن شقق الاسكان الاجتماعي 2024    انتهت بالتصالح.. كواليس التحفظ على سعد الصغير بقسم العجوزة بسبب "باب"    السيطرة على حريق نشب داخل ورشة أخشاب في بولاق الدكرور    بينهم طفل وشاب سعودي.. مصرع 3 أشخاص غرقا في مطروح والساحل الشمالي    نشأت الديهي: هناك انفراجة في أزمة انقطاع الكهرباء    موظفو وزارة الخارجية الإسرائيلية يهددون بإغلاق السفارات    عاجل - مرشح رئاسي ينسحب من الانتخابات الإيرانية قبل انطلاقها بساعات..مدافع شرس عن الحكومة الحالية    دوري مصري وكوبا أمريكا".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    تعرف على سبب توقف عرض "الحلم حلاوة" على مسرح متروبول    حدث بالفن | ورطة شيرين وأزمة "شنطة" هاجر أحمد وموقف محرج لفنانة شهيرة    «30 يونيو.. ثورة بناء وطن».. ندوة في قصر ثقافة قنا للاحتفال بثورة 30 يونيو    محافظ بني سويف يكلف التأمين الصحي بتوجيه فريق طبي لفحص سيدة من ذوي الهمم    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    سماجة وثقل دم.. خالد الجندي يعلق على برامج المقالب - فيديو    بالفيديو.. أمين الفتوى: العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة عليها أجر وثواب    نقابة الصحفيين تتقدم بطلبات للنائب العام حول أوضاع الصحفيين في الحبس    في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات- هل الأدوية النفسية تسبب الإدمان؟    القوات المسلحة تنظم مؤتمراً طبياً بعنوان "اليوم العلمى للجينوم "    إقبال طلاب الثانوية العامة على مكتبة الإسكندرية للمذاكرة قبل الامتحانات|صور    بتكلفة 250 مليون جنيه.. رئيس جامعة القاهرة يفتتح تطوير مستشفي أبو الريش المنيرة ضمن مشروع تطوير قصر العيني    إسلام جمال يرزق بمولود.. اعرف اسمه    كيف يؤدي المريض الصلاة؟    الكشف على 2450 مواطنًا وتقديم الخدمات مجانًا بقافلة القومى للبحوث فى أطفيح    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    ميناء دمياط يستقبل سفينة وعلى متنها 2269 طن قمح    بدء جلسة البرلمان بمناقشة تعديل قانون المرافعات المدنية والتجارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور والفيديو.. نكشف حقيقة اغتيال "طفل العمرانية"
محمد بدوى.. عاش "سوستة" ..واستشهد وهو في سبيله إلى "علبة كشري"

عائلة الضحية تثبت تورط "الإخوان" .. وأعضاء الجماعة: اللقطات المصورة لعناصر مندسة
الشرطة حضرت بعد الواقعة بساعات واعتقلت عناصر إخوانية وتركت الطرف الثاني
أنباء عن صفقة بين عائلته.. مدح السيسى في الإعلام واتهام الإخوان مقابل الإفراج عن والده المحبوس.. وعمته اتهمت مستشفى تابعًا للإخوان برفض استقباله
ليس هناك أيسر من أن تستمع لرواية واحدة لاسيما إذا كانت تتفق مع هواك، سلط عليها الضوء ثم كررها كثيرًا حتى تصبح كالحقيقة، دون أن تبحث خلف تلك الرواية أو تستمع إلى روايات أخرى، أو حتى تتيح لغيرك البحث خلفها بأن تقدمها كمعلومة أولية وليست كنتيجة قبل أن تنتهي حتى أجهزة التحقيق من عملها، هكذا تناولت وسائل الإعلام المختلفة مقتل الطفل محمد ذي الأحد عشر ربيعًا، وهكذا أيضًا تاجرت بدمه كل على اختلاف توجهها بداية من الجزيرة بأن صورته بمحمد الدرة "مصر" وضحية جديدة للسيسى، وبعد أن كذب أهل الضحية تلك الرواية واتهموا الإخوان بقتله اقتنصت وسائل الإعلام الأخرى ذات التوجه المعاكس الضحية لتستغله بالطريقة التي تحقق أهدافها.
وفى إطار رفض "المصريون" لتلك الممارسة الإعلامية غير النزيهة قررت أن تبحث بنفسها عن الحقيقة، ونزلت إلى موقع الأحداث حيث حي العمرانية، والتقت الأطراف المختلفة على قدر المستطاع، ففي الوقت الذى كان العثور فيه على أهل الشهيد محمد أسهل مما نتوقع، كان الاستماع إلى شهادات عناصر إخوانية ضمن التي كانت في المسيرة أصعب مما تصورنا، حيث الخوف سيطر على الكثير، حتى أصحاب المحال من الملتحين رفضوا الحديث بالرغم من تواجدهم خلال الواقعة، إلا أننا وخلال عملية بحث استمرت 4 ساعات في شوارع الحي استطعنا أن نحصل على عدة معلومات ونكون صورة للواقعة نضعها أمام يدي القارئ.
عندما يتحول شارع يدب بالحياة إلى ساحة حرب !!!
لا يختلف عن نظائره في أي منطقة أخرى، فالطريق مزدحم بالسيارات والتكاتك والباعة على جانبي الطريق، والمحال التجارية على اختلاف أنشطتها، بل والمدارس والمقاهي أيضًا، وحديثًا ملاهي الأطفال التي استقرت أمام أحد المساجد التي تتمركز في منتصفه ولم يكتمل بناؤه بعد، ولكنه في أقل من نصف ساعة تبدل حاله وانقلب رأسًا على عقب، وأصبح أقرب إلى ساحة حرب منه إلى "عدوى سليم" الشارع المتفرع من ترعة الزمر بالعمرانية الغربية بمحافظة الجيزة.
لم تكن المرة الأولى التي يتم التظاهر فيه، فقد شهد مسيرات عدة وكلها لجماعة الإخوان المسلمين بدءًا من مسيرتهم خلال الانتخابات البرلمانية كنوع من الدعاية الانتخابية، مرورًا بالرئاسية، وختامًا بالرافضة لما أسمته "انقلاب عسكري" على الرئيس محمد مرسي، وفى كل مرة كانوا يمرون بها دون وقوع أي مشكلة، إلا أنه في يوم الجمعة الموافق 8 نوفمبر شهد ذلك الشارع ما لم يشهده من قبل حيث وقعت اشتباكات حادة بين أهالي شارع العامل أحد الشوارع المتفرعة منه، من "الغجر"، وهم طبقًا للسكان عائلات مسلحة تعمل في أنشطة غير شرعية كتجارة المخدرات والسرقة، وبين مسيرة الإخوان، وأكد شهود عيان ل"المصريون" ضم كل الفريقين لعناصر مسلحة بالرصاص الحي والخرطوش، فضلاً عن الحجارة والزجاج الذى استخدم في المعركة بين الطرفين والتي استمرت لأكثر من نصف ساعة أدت إلى سقوط محمد شهيدًا، فضلاً عن عشرات الإصابات، طبقًا للأهالي، معظمهم من المارة.
" موتوسيكل" العمرانية.. هنا مربط الفرس
هنا تبدأ الأحداث، مشهد دراجة بخارية "موتوسيكل" يستقلها شخص يتراقص مع نغمات "تسلم الأيادي" التي تتعالى فتلفت الأنظار، يرفع صورة للفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، ملوحًا بإشارة النصر في وجه مسيرة لأنصار جماعة الإخوان المسلمين.
لا تعلم إذا كان هذا الشخص تواجد خصيصًا في مكان التظاهرة لهدف استفزازي أم مصادفة، أيًا كان فكلتا الحالتين النتيجة واحدة، تندلع الأحداث إثر هذا الموقف ليواجه المتظاهرون إشاراته بإشارات رابعة، مجددًا يظهر السيسى مقابل مرسى، ولكن يبدو أن العدد هذه المرة ينتصر لأنصار الرئيس المعزول، فيقومون بالاعتداء على ذلك الشخص ويحرقون له دراجته، وفقًا لروايات شهود العيان، ومن هنا يبدأ التضارب، حيث يحمل بعض أهالي المنطقة مسئولية الواقعة إلى الإخوان، ويرون أنهم اعتدوا على شخص فقط لأنه مؤيد للسيسى، ولكن على الطرف الإخوانى يقولون إنه كان متواجدًا عمدًا لاستفزازهم.
وتتصاعد الأحداث بعد احتراق "الموتوسيكل" حيث يقول أهالي المنطقة إنهم اندفعوا للتصدي للمسيرة عقب اعتدائها على ذلك الشخص المؤيد للسيسى وبدأوا رشقها بالحجارة والزجاج، فيما استخدم أنصار الإخوان الرصاص الحي مقابل الأهالي، بينما للإخوان رواية أخرى حيث يقولون إن الموقف بدأ بتعدي هذا الشخص على المسيرة بالسباب والتهكم برفع صورة السيسي، فقابله أحد المتظاهرين بإشارة رابعة ما أدى لاعتداء صاحب "الموتوسيكل" عليه بسلاح أبيض "مطواة" وعلى هذه الواقعة تواترت الأحداث، حيث قام الشخص باستدعاء أهالي المنطقة تحديدًا "الغجر" المعروفين بخروجهم على القانون على حد قول أحمد سعيد صاحب محل منظفات، وقاموا بالتصدي للمسيرة في مشهد حرب شوارع بين الكر والفر، ويتابع "سعيد" إن المسيرة إذا كانت تتعمد الاحتكاك والشجار لماذا تفادت التواجد في شارع قسم العمرانية؟؟! إذا كانت تريد الاشتباك فمن الأولى أن تتجه إلى الشرطة لتنتقم منها!!"
وبعيدًا عن مدى دقة كل رواية فكلا الطرفين يتفق على أن واقعة الموتوسيكل تعد هى البداية الحقيقية للاشتباكات التي راح فيها صبى في التاسعة من عمره وعشرات المصابين، فبين من يقول إن المسيرة اعتدت على صاحب الدراجة ومن يرون أن الغجر هم من اعتدوا على المسيرة بالسلاح، تتكرس الأزمة والواقعة في أن محمد سقط وفقد حياته في حرب شوارع لم تعرفها منطقة العمرانية من قبل.
الإخوان يدافعون: لو كنا مسلحين لاتجاهنا للقسم.. وخرجنا بنسائنا وأطفالنا كالعادة
بعد عملية بحث شاقة عن مشاركين في المسيرة ليروى لنا ما حدث من وجهة نظرهم، تمكنا أخيرًا من العثور على إحدى الفتيات في المرحلة الثانوية انضمت للمسيرة عقب انتهاء درسها من منطقة الطلبية واستمرت معها إلى وقوع الأحداث.
أكدت الفتاة -التي فضلت عدم ذكر أسمها- أن المسيرة خرجت في صورة سلمية كالعادة، وكان عددها ضخمًا جداً، إلا أنهم في تلك المرة طرأ تغيير على خط السير، إذ لم يتجهوا إلى شارع مستشفى الصدر، أحد الشوارع الحيوية بالعمرانية، لتواجد القسم به ووصول معلومات للمسيرة عن تمركز عدد كبير من قوات الجيش والشرطة به، لذلك وتجنبًا للاحتكاك اتجهت المسيرة مباشرة إلى منطقة الزهراء حيث اندلعت الأحداث.
روت الشاهدة ل"المصريون" كيف بدأت الأحداث، قائلة: "في منتصف عدوى سليم فوجئنا ب"الغجر" يعتدون على المسيرة بالأسلحة والحجارة، فرد بعض الشباب في المسيرة عليهم بالحجارة، وطلبوا منا أن نسير خافضين رءوسنا إلى أن عبرنا منطقة الضرب وقامت بعض المحال التجارية بفتح أبوابها للنساء لحمايتهن من شدة الاعتداءات التي تعرضت لها المسيرة, مؤكدة أن أجواء المسيرة كانت طبيعية جدًا قبل الاشتباكات وأن العديد من الأهالى كان يلوح لهم بعلامة رابعة من شرفات المنازل، مضيفة "وذلك دليل على حسن نيتنا وسلميتنا كما كل جمعة حيث خروج المسيرة".
وعلقت شاهدة العيان على الفيديو الذى يظهر أحد الأفراد يطلق الرصاص ثم يعود للمسيرة بقولها، إن هؤلاء مندسين على المسيرة وليسوا من الإخوان، مشيره إلى أن معظم من أصيب في الأحداث من الإخوان.
وليد.. ترزي العمرانية الذى ساقه القدر ليشهد لحظات مفارقة الطفل للحياة
لم يكن مشاركًا في المسيرة أو حتى على مقربة منها، شخص عادى كان متواجدًا في الشارع وقت الأحداث في طريقه إلى عمله، وكأن القدر قد ساقه ليرى ذلك الطفل وهو يسقط في آخر لحظات حياته، لم يكن الموقف هينًا عليه، فعندما يموت بين يديك شخص فهو شيء مخيف ولكن أن يكون هذا الشخص طفل في التاسعة من عمره ويموت في حضنك فهو الخوف والرعب ذاته.
هو وليد ترزي منطقة العمرانية وجار الضحية، رحنا نبحث عن ذلك الشخص الشاهد الأول على مفارقة محمد لحياة، وأوصلتنا عملية البحث إلى جهاد أخت الضحية والتي أوصلتنا إلى وليد، وجدناه في الشارع عندما علم أننا صحفيون ونريد أن نستمع لشهادته تأكد أننا لسنا تبع قناة "الجزيرة" معلقًا إن الجزيرة لن يسجل معها بعد تغييرها لمضمون الفيديو الشهير له وزعمها بأنه تابع لجماعة الإخوان المسلمين.
بدأ شهادته في تأثير واضح على ملامحه: "كنت في طريقي للعمل وفوجئت بمسيرة أنصار الإخوان تحولت إلى اشتباكات بينها وبين الأهالى الذين تصدوا لها بالحجارة والزجاج، يحكى أن بداية الاشتباكات جاءت بعد اعتداء الإخوان على دراجة بخارية لأحد أنصار السيسى والذي استنجد بأهل المنطقة وقام المواطنون بالتصدي للمسيرة.
ويتابع: "رأيت شخصًا ملثمًا من داخل المسيرة يرد على الأهالى بسلاح ناري أثناء إطلاقه للرصاص أصاب محمد، جريت عليه أخذته مسرعًا إلى أي مستشفى، دخلت به إلى مستشفى "الإسلامية" وقبلته وأجريت له الإسعافات الأولية ثم نقلناه إلى مستشفى أم المصريين، وهنا يزداد تأثره، حيث اقتربت لحظة الفراق، عندما دخل بدأ يبحث في جسد الولد عن مكان الإصابة، لم يكن متوقعًا أن يكون بالرصاص الحي، ولكنه فوجئ بوجود رصاصة تسعة ملى اخترقت الرئة خرجت من الظهر، بعدها بلحظات أخبره الأطباء إن الولد قد فارق الحياة لم أكن أتوقع أنها ستكون رصاصة".
وتلقى خبر مفارقة محمد للحياة ليسقط معه على الأرض منهارًا، يحتضن الولد ويردد: "هقول أيه لأبوه"، مشهد كثيرًا ما شبهوه بمحمد الدرة، ولكنه يتوقف هنا ليكشف عن أن أثناء الأحداث شهد أحد أنصار الإخوان بإطلاق الرصاص على نفسه بعدما تأكد من القبض عليه من طرف الشرطة، وينهى وليد شهادته بأن ابنه زميل محمد والقريب منه سنًا لم يصدق حتى الآن وفاة رفيقه، متحدثًا عن مقاطعة أبناء المنطقة للدراسة اعتراضًا على وفاة زميلهم "سوستة".
تعددت الروايات والنتيجة واحدة "فراق بلا عودة"
والدة الشهيد: لآخر لحظة كان يساورني الأمل في أنه ما زال حيًا
افترشت سريرًا متهالكًا في حجرة بسيطة لا تحتوى على غيره وبعض المقاعد الأرضية، بدت كمريض يحتضر أو شخص فاق لتوه من غيبوبة، جسدها ضعيف لا يستطيع القيام دون مساعدة، عيونها استنفدت ما لديها من دمع في الأيام الماضية، فتركتها ذابلة، رافضة الطعام.
بدأت في رواية الواقعة قائلة: أثناء إعدادي طعام الغداء جاء إلى محمد يقول "ماما أنا جعان" فأعطيت له 2 جنيه لشراء علبة كشري دون أن أعلم بوجود المظاهرات أو أي شيء، وبعدها نادي على جده من الشارع وأخبرني وأهالي المنطقة أن أبنى أصيب بطلق ناري، نزلت إليهم وأنا غير مدركة لما يقولون، توجهنا في البداية إلى مستشفى الإمام على فأخبروني أن صبيًا أصيب بالرصاص وفارق الحياة توجهوا به إلى مستشفى الإسلامية والتي تبعد عنها عدة أمتار فاتجهت إليها ويسيطر على أمل ورجاء في أنه لا يزال حيًا وأن الرصاصة التي أصيب بها في قدمه.
وعند وصولي إلى المستشفى كان مع جارنا فأخذه إخوتي منه، والتي ادعت قناة الجزيرة أنهم بلطجية، وكان في يديهم كالنائم، والتقطه منه وأزلت بنطاله وبحثت في قدمه على أمل أن تكون تلك الغيبوبة إثر الرصاصة وضعف جسده لكن لم أر شيئا، فكشفوا لى عن صدره لأجد الرصاصة وقد اخترقته وخرجت من الجانب الآخر، وعندها فقط انقطع كل أمل لدى وعلمت أن ابني ذهب بلا عودة.
وقالت أريد حق ابني كي أستريح وتهدأ نار قلبي، فذلك الطفل الذى ليس له أي ذنب في شيء ليس له علاقة بمرسى أو السيسي، كان يجرى ليعود إلى المنزل بعد اندلاع الاشتباكات لكنه لم يتمكن، مضيفة: "في البداية لم أكن أعلم بالضبط أي طرف مسئول عن مقتل ابني، ولكنى توجهت إلى الله طالبة منه إظهار الحق كي يستريح قلبي، وبعدها أرانى جيراني فيديوهات التقطوها خلال الاشتباكات تظهر أحد أفراد المسيرة خلال إطلاقه النار.. ثم استطردت: "هما عايزين أيه بقى ما يوقفوا المظاهرات دى اللى بيموتوا منها ناس".
وعندها تعوض الله فيه ورضيت بقضائه وذهبنا في اليوم التالي لدفنه ولكنهم لم يسمحوا لنا بذلك" بتلك الكلمات بدأ ولد الطفل محمد في رواية وقائع يوم الجنازة فقالت: خلال سيرنا بالجنازة.
عندما تكون في محبسك ويأتيك خبر ابنك الأكبر
يقولون إن يكون لك ابن ويموت فهذا قمة القسوة التي يلقاها الإنسان في حياته، ولكن أن يأتيك هذا الخبر وأنت في محبسك ولا تستطيع أن تدرك كيف ولماذا حدث فهذه القسوة نفسها، هو والد الطفل محمد بدوى، المعاقب بحبس لمدة عام على خلفية شجار، جاءه خبر وفاة ابنه الأكبر محمد وهو لا يعلم ماذا يعنى من الأساس أن يكون ابنه قد مات، تقول ابنته جهاد وشقيقة الضحية في حديثها ل"المصريون" إنهم قالوا خبر وفاة أخوها إلى والدها أثناء زيارة قاموا بها وقد تلقى الخبر في صدمة أصابته موجة غضب عارمة، وأخذ في تعلية صوته، لا يعرف ماذا يفعل؟ وكيف حدث؟،
تقول إن والدها حتى الآن لم يستوعب الحادث ويعيش في حالة انفصال عن العالم، مرددًا جملة "مش هعرف أشوفه تاني"، ومع هذا الأب الفاقد لابنه والغائب عن جنازته هناك من يتولى استغلال الواقعة في الترويج السياسي، فبين الإخوان الذين قالوا إن الولد إخواني وإعلام السيسى الذى اتهمهم بقتله يترنح دمه ويترنح معه أسرته التي لا يهمها من الواقعة شيء سواء أن ابنها راح بدون عودة.
أنباء عن مساومة أسرة محمد على دمه مقابل الإفراج عن والده المحبوس.. والأم: "جوزي كدة كدة خارج"
بشكل تلقائي وبدون أي تلميح منا تنطلق قائلة "أنا هبيع دم محمد ليه ما جوزي كدة كدة خارج".. كلمات أثارت استغرابًا لماذا تقول هذه الأم المكلومة هذا الكلام، ونحن لن نسأل عنه بالأساس، أخذتنا الكلمات للسؤال "هل هناك من ساوموكى على دم ابنك" لترد مسرعة: "دم ابني غالى عليَّ وأبدًا عمري ما أبيعه".. إصرار في الكلام وتشديد منها على أنها لا تقول إلا الحقيقة، ليثير شكوكنا حول اندفاعها، ترى هل تشعر بأن شهادتها غير منطقية لذا تحاول أن تبرئ نفسها؟!. أخذنا هذه الخيط وبدأنا نسأل عن أي شبهة مساومة في واقعة استشهاد الولد، ليتكشف لنا من خلال حديثنا مع أهالي المنطقة أن والد محمد يقضى الآن فترة حبسه في السجن، وأن هناك أنباء تتردد عن أن الأسرة تلقت عرضًا من قبل الشرطة بالإفراج عن أبو محمد مقابل أن يتهمون أنصار الإخوان بقتله، وهو ما حاولت الأسرة مرارًا أن تنفيه في حديثنا معنا، وتابعت الأم كل الشهادات والفيديوهات اللى شفتها تؤكد أن اللى ضرب محمد من الإخوان"، مشيرة إلى أن الكاميرات كشفت عن أن من كان يحمل السلاح شخص مرتديًا لقميص "بمبي" ويغطى وجهه حاملاً سلاحًا يضرب منه على الأهالى ثم ينضم إلى المسيرة.
وفى خضم الشهادات التي جمعناها لاحظنا تضاربًا في حديث عمة محمد وأمه مع وليد جارهما الذى نقله إلى المستشفى فور إصابته، حيث اتهمت أمه مستشفى "الإسلامية" والمعروف في المنطقة بانتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين بمساهمته في وفاة ابنها من خلال رفضه استلامه لعلاجه وهو الأمر الذى نفاه وليد والذي أكد أن "الإسلامية" قبله وأجرى له الإسعافات الأولية، وتم نقله بعد ذلك إلى مستشفى أم المصريين نظرًا لخطورة الحالة.
عائلة إخوانية دفعت الثمن.. حرق منزل وتشريد أسرتين
رفع أحد أفرادها علامة رابعة فكلفته حرق منزله وتشريد عائلته باعتقال الشقيقين ومغادرة أطفالهما وزوجاتهما للمنزل، المنزل ظل شاهدًا على صعوبة ما عانته تلك العائلة، إلا أن شيئًا غير جدرانه المحترقة لن يستطيع أن يروى تلك اللحظات من الرعب التي عاشتها تلك العائلة، وبالرغم من وجودنا خلال الجنازة إلا أن غضب الأهالى والبلطجية واعتداءهم على الصحفيين وكسر الكاميرات حال دون الوصول إلى أفراد تلك العائلة والتي لم تستطع مغادرة منزلها إلا بعد قدوم الشرطة والتي ألقت القبض على الشقيقين.
بدأت الأحداث خلال سير الجنازة يوم السبت فقام أحد أفراد تلك العائلة برفع علامة رابعة، ما استفز الأهالي في المسيرة وسبوه، وتبادل الطرفان إلقاء الحجارة والزجاج، في اختلاف للروايات عمن بدأ الضرب، فالبعض يقول إن الإخوانى ألقى على المسيرة المياه والقمامة فردوا عليه ولكن بمولوتوف ما أدى إلى احتراق الدور الأول من المنزل، والبعض يقول إن الأهالى بعد رفعه علامة رابعة قاموا بإلقاء الحجارة عليه فردت العائلة عليهم.
"الشرطة" الطرف الذى اتفق الجميع على إدانته
"الإخوان": اعتقلونا دون الطرف الآخر.. والأهالي: "حضرت بعد خراب مالطة"
ليس المدان دائمًا هو فقط من قام بالفعل الإجرامي، ففي كثير من القضايا تغلق قيد "مجهول" إلا أن آخر غير مجهول يتحمل المسئولية ليس لفعله وإنما لعدم فعله وكان يستوجب حدوثه، بذلك المنطق اتفق الجميع سواء من الأهالى أو الإخوان على أن الشرطة متورطة في الأحداث، فبينما اتهم الإخوان الشرطة بالتحامل عليهم واعتقال عناصر منهم دون الطرف الآخر بالرغم من أنهم مسلحون وخارجون على القانون ومعظمهم من ذوى السوابق لمجرد غنائهم تسلم الأيادي ورفع علامة السيسي، وانتقد الأهالي أداء الشرطة السيئ للغاية سواء في تلك الواقعة أو غيرها حيث لم يحضروا إلا بعد الواقعة بعدة ساعات عندًا فضلاً عن إهمالها البحث والتحقيق.
قال محمد كمال، أحد المصابين في الأحداث، عندما سمعنا بالاشتباكات خرجنا إلى شارع عدوى سليم لرؤية ما حدث فأصبت بحجارة في عيني أثرت على الشبكية، ومن المفترض أن أجرى عملية فيها، متهمًا الشرطة بالتقصير الشديد حيث لم تحضر "إلا بعد خراب مالطة" وانتهاء الاشتباكات وسقوط ضحايا، مشيرًا إلى أنه توجه بعدها إلى قسم شرطة العمرانية لتحرير محضر بإصابته ولكنه عومل بأسلوب سيئ فغادر القسم دون تحرير المحضر.
وأكد "كمال" أنهم يعانون في المنطقة من غياب الأمن، والاندلاع المتكرر للمشاجرات بالأسلحة بين البلطجية الذين يقطنون المنطقة، وعندما يستنجد الأهالى بالقسم لا تتم الاستجابة، كما أن تجار المخدرات ينتشرون في الشوارع وعلى النواصي ويتاجرون فيها علنًا دون أن يتعرض لهم أحد إلا الأهالى الشرفاء.
ومن جهة أخرى أكد شهود عيان ل"المصريون" أنه عقب انتهاء الواقعة قامت الشرطة باعتقال وملاحقة من كان في المسيرة، وقبضت على البعض في الوقت الذى لم تتعرض فيه للبلطجية من "الغجر" والذين بدأوا بالاعتداء على المسيرة.
شقيقة محمد الصغرى في رثائه: "هتفضل فى قلوبنا"
"لن تريه مرة أخرى"، "لن يلعب معكي ثانية"، "لن يعود في المساء لينام في نفس الحجرة" كلمات تكررت على سمع الصغيرة، وأعقبها رؤيته وقد افترش خشبة وحمل على الأعناق، ومن وقتها لم تعد لتراه كما سبق وأخبروها، انتظرته ليلعب معها كعادته دون جدوى، ظلت ساهرة على أمل أن يفتح الباب ويأوي إلى فرشته المقابلة لها لكن غالبها النوم يومًا بعد الآخر دون أن يحضر هو، وعندها استسلمت رثته بعبارة مفادها حتى وإن لم نعد نراك فقلوبنا لن تنساك، وأمسكت بصورته وكتبت على ظهرها، "هتفضل في قلوبنا يا محمد بدوى زايد" ثم رسمت قلب وأخرجت منه سهمين وأحد يحمل أول حرف من اسمه والآخر من اسمها.
لم تكن إيمان فقط المشتاقة إلى محمد فأبناء خالته الصغار أيضًا وأخوه ذا البضع سنوات لا تفارقهم جميعًا صورته.
زملاء "سوستة": "بنحلم بيه وبيجلنا فرحان"
عندما تسأل "أين بيت الطفل المتوفى" يدلونك عنه هناك آخر الشارع شمال، على بعد خطوات منه تجدهم يتجمعون للعب أو للخناق، ثلاثة أطفال في سنه أو أكبر أو أقل قليلاً، محمد ومحمد وكريم، فور ما يعرفون أنك صحفي يخبروك بأنهم أصدقاؤه في المنطقة، كانوا يلعبون معه ويرافقونه إلى المدرسة، يبادر كريم أكبرهم سنًا، 12 عامًا، بالحديث: "كنا مسمينه سوستة، مش مصدق أنه مش موجود معانا"، تسأله: "كيف استقبل خبر وفاته" ليسارعك بالرد: "مصدقتش"، يقاطعه محمد، في نفس سن سوستة، محمد كان راجل، مفيش في مرة تطلب مساعدته إلا لما يجي معاك، وهنا يتدخل محمد الثاني في نفس العمر، أنا حلمت بمحمد ولعبت معاه، يتابع كلامه وعلى وجهة ابتسامة ممزوجة بدمعة: "لم أعد أراه في الواقع جالي في الحلم مبسوط ولعبنا مع بعض"، ويتدخل كريم في النهاية ليقول إن المنطقة من غير محمد، والذي اشتهر باسم "سوستة" لسرعة حركته مالهاش طعم، ليؤمن على كلامه رافقوه، ويؤكدون أنهم لن يخشوا النزول بالقرب من أي تظاهرات في قناعة غريبة أكبر من سنهم.
شاهد الفيديو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.