الحوار الوطني يفتح ملف الحبس الاحتياطي ومشاكل الدعم والثانوية العامة    الوزراء: جاري العمل على تسريع تنفيذ مبادرة زراعة 100 مليون شجرة    انطلاق الموجة ال 23 لإزالة التعديات على الأراضي بالبحيرة    غارة إسرائيلية تستهدف حيي الشيخ رضوان والزيتون في مدينة غزة    أول تعليق من الزمالك بعد نقل أحمد سليمان للمستشفى    مانشستر يونايتد لا يمانع رحيل لاعبه إلي الدوري الإسباني    حادث سير مروع بأسوان يسفر عن إصابة 16 سودانيًا    "ينفع أيه التعليم فى وطن ضايع" ..تسريب الكيمياء والجغرافيا فى امتحانات الثانوية العامة والغش الجماعى عرض مستمر    إيلون ماسك يفجر مفاجأة بشأن تطبيق واتساب.. ماذا قال؟    حسام حبيب أمام النيابة: كنت بدافع عن بنت شيرين عبدالوهاب    متحدث الوزراء يكشف توجيهات مدبولي بشأن مشروع تلال حدائق الفسطاط    مصدر رفيع المستوى: مصر تستضيف وفودا إسرائيلية وأمريكية للتباحث حول اتفاق التهدئة بغزة    لميس الحديدى عن رحيل أحمد رفعت: خبر حزين فاجأ الشارع والوسط الرياضى    متخصص فى الشأن السودانى: قمة القاهرة نقطة فارقة فى مسار حل الأزمة السودانية    طبيب الراحل أحمد رفعت يكشف تفاصيل حالته الصحية قبل وفاته    قافلة طبية مجانية ضمن «حياة كريمة» في قرية الكشاكوة بكفر الشيخ لمدة يومين    تركي آل الشيخ: مصر تسبقنا في الخبرات الفنية.. وشراكتنا تهدف للتكامل    دعاء النبي وأفضل الأدعية المستجابة.. أدعية العام الهجري الجديد 1446    من مسجد السيدة زينب.. بدء احتفال وزارة الأوقاف بالعام الهجري الجديد    المقاومة الفلسطينية تعرض مشاهد من أبرز عملياتها لقنص الجنود اليهود    ارتفاع واردات السيارات المستوردة بنسبة 5.3% فى مصر خلال أول 5 أشهر    شولتس يجري اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء البريطاني الجديد    ننشر أقوال إمام عاشور بواقعة تعديه على فرد أمن مول بالشيخ زايد    رسميًا.. وزير الصحة يعد بإنهاء أزمة نواقص الأدوية في هذا الموعد (فيديو)    3 قرارات.. نتائج جلسة المناقشة الثانية لمجلس نقابة المحامين    إستونيا تعلن تزويد كييف بمنظومات دفاع جوي قصيرة المدى    محافظ القاهرة يتفقد أحياء المنطقة الجنوبية    البابا تواضروس يشهد سيامة 24 كاهنًا جديدًا للخدمة بمصر والخارج    جامعة أسيوط تنظم حفل تخرج الدفعة رقم 57 من كلية التجارة    المروحة تبدأ من 800 جنيه.. أسعار الأجهزة الكهربائية اليوم في مصر 2024    توطين مليون يهودى فى الضفة «مخطط الشر» لإنهاء حل الدولتين    لأول مرة.. هروب جماعى لنجوم «الفراعنة» من أوليمبياد باريس    ضمن «حياة كريمة».. 42 وحدة صحية ضمن المرحلة الأولى من بني سويف    رانيا المشاط.. الاقتصادية    كلاكيت تاني مرة.. جامعة المنيا ضمن التصنيف الهولندي للجامعات    ناجلسمان يتطلع للمنافسة على كأس العالم بعد توديع ألمانيا ليورو 2024    عماد حسين: الحوار الوطنى يحظى بدعم كبير من الرئيس السيسي    خلال جولة رئيس الوزراء فى حديقة الأزبكية .. الانتهاء من أعمال التطوير بنسبة 93%    نتيجة الدبلومات الفنية 2024 (صناعي وزراعي وتجاري).. خطوات الحصول عليها    تأجيل محاكمة 3 مسؤولين بتهمة سرقة تمثال من المتحف الكبير لجلسة 7 أكتوبر    وزير الصحة يستقبل وفد من جامعة «كوكيشان» اليابانية لمتابعة الخطة التدريبية للمسعفين المصريين    أيام الصيام في شهر محرم 2024.. تبدأ غدا وأشهرها عاشوراء    المركز المسيحي الإسلامي يُنظم ورشة للكتابة الصحفية    انطلاق أولى حلقات الصالون الثقافي الصيفي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية    هل نجح الزمالك في إنهاء أزمة إيقاف القيد ..مصدر يوضح    أجواء مميزة وطقس معتدل على شواطئ مطروح والحرارة العظمى 29 درجة.. فيديو    "مات أحمد رفعت وسيموت آخرون".. مالك دجلة يطالب بإلغاء الدوري وتكريم اللاعب    لطلاب الثانوية العامة، أفضل مشروبات للتخلص من التوتر    وزير الخارجية: مصر تسعى لدعم دول الجوار الأكثر تضررًا من الأزمة السودانية    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين.. الرئيس السيسى يؤكد ل"الأسد" مواصلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    ماذا يريد الحوار الوطنى من وزارة الصحة؟...توصيات الحوار الوطنى تضع الخطة    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    «استحملت كلام كتير».. رد ناري من جمال علام على خروج إبراهيم عادل من معسكر المنتخب الأولمبي    تسنيم: بزشكيان يتقدم على جليلي في الفرز الأولي لأصوات الانتخابات الرئاسية الإيرانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضيوف والله أعلم !! عبد العزيز محمود
نشر في المصريون يوم 06 - 10 - 2010

بصراحة لم يكن احد منا يعرف بالضبط من هو صاحب عمارتنا؟! ولم يكن هذا غريبا فالعمارة عتيقة يرجع تاريخها الى زمن بعيد. لكن القضية كانت بحق مثيرة للجدل والأخذ والرد بين السكان!
فالاسطي بشاي ساكن البدروم يقول ان العمارة مملوكة في الاصل لجده المقدس اسطفانوس، ويستدل على هذا بالصليب المنحوت فوق باب شقته! والحاج محمد ساكن السطوح يقول انها ملك جده الشيخ العاصي مستدلا بالهلال المحفور على مدخل العمارة! أما برعي السمسار ساكن الجراج فيؤمن عن قناعة بان صاحب العمارة هو الخواجة شيكوريل الذي هاجر الى اسرائيل عام 48 وان الخواجة سوف يأتي يوما لاستلام عمارته !!
ووسط كل هذه النظريات كان الأستاذ مرجان مدرس التاريخ العجوز المقيم في الدور الرابع يرى ان عمارتنا اقدم من كل هؤلاء! فقد تعاقب على ملكيتها أروام ويونان وفرس وغجر وقوقاز وأتراك وألبان بل ان نقوشا في مدخل العمارة تشير الى أن ملاكها الاوائل كانوا من أهالي النوبة السمر الطيبين!
ومع احتدام الجدل حول هذه القضية تعامل معنا سكان العمارات المجاورة على اننا جماعة من المعتوهين. فعمارتنا قديمة قدم الزمان ذاته ولا يمكن نسبتها الى مالك واحد!! وبمرور السنين والاهمال وانعدام الصيانة اصبحت آيلة للسقوط. لكن انهيار العمارة لم يكن يقلقنا في ذروة بحثنا الدائم عن هوية صاحب عمارتنا!!
بالطبع لم يكن احد فينا يدفع الايجار، وكنا جميعا نقيم مجانا في شقق توارثناها عن ىبائنا وأجدادنا! ولمن ندفع الايجار اذا كان صاحب العمارة مجهولا وليس له ورثة بالمعني الصحيح؟! ومع ان العمارة ليس لها سجلات فقد كنا نسدد بانتظام الضرائب والعوائد وفواتير الغاز والكهرباء والمياه! بل اننا انتخبنا أكثر من رئيس لاتحاد الملاك لكنهم لم يكلفوا خاطرهم برعاية شئون العمارة لانشغالهم دوما بالسفر والبيزنس والاستمتاع بالحياة!!
لا يخلو تاريخ عمارتنا مثل سائر العمارت من خناقات بين السكان. احيانا بسبب لعب العيال وتفاهات الحريم واحيانا بسبب معاكسات البنات وسقوط مياه الغسيل من البلكونات. لكن الحياة كانت تمضي مملة رتيبة حتى جاء يوم فوجئنا فيه بهروب ابنة الاسطى بشاي في ظروف مازالت غير مفهومة. وكاد الأمر يتحول الى كارثة لولا ان البنت عادت في ظروف غامضة ثم اختفت في مكان مجهول. وبعد شهور فوجئنا بوائل الابن الاصغر للحاج محمد يهرب الى جهة غير معلومة ثم تبين انه هرب الى قريب للاسطي بشاي في تلك المدينة الساحلية البعيدة بعد ان وفر له عملا ومسكنا ووعده بالزواج !
بصراحة تسببت الحادثتان في تعكير الاجواء داخل عمارتنا لكن العقلاء حاولوا التهوين مما جرى باعتباره لعب عيال! وذات يوم كئيب اندلعت خناقة بين زوجة الاسطى بشاي وحرم الحاج محمد حول كوم الزبالة الموجود أمام العمارة، فوقف عم بشاي على بسطة السلم واطلق سيلا من العبارات القاسية. ثم قال: هل نسيتم انكم مجرد ضيوف في عمارة جدنا الراحل المقدس اسطفانوس؟؟!
وكمن اشعل فتيلا في برميل بارود. خرج غالبيتنا نحن السكان بالبيجامات والجلاليب في حالة واضحة من الذهول. أخذنا نتساءل كيف نكون ضيوفا في العمارة التي نقطنها منذ قديم. وثار الشباب وهدد العيال بامور صبيانية وذهبنا جميعا الى البدروم لمعاتبة الاسطى بشاي. فقال لنا بهدوء: نعم انتم ضيوف!!! فالعمارة مملوكة في الاصل لجدنا ونحن نملك المستندات !
كنا نعلم بالطبع ان المقدس اسطفانوس هو أحد ملاك العمارة القدامي لكنه لم يكن بطبيعة الحال المالك الوحيد! فالعمارة كانت مملوكة من قبله لجورجيان الارمنللي الذي اشتراها من يني الجريجي الذي اخذها تخليص حق من عثمان النوبي. وعندما طرحنا هذه الحقائق على الاسطى بشاي قال: ان جده اشترى العمارة من كل هؤلاء بعد ان دفع فيها دم قلبه!! وانها اصبحت منذ ذلك الوقت ملكا خالصا له ولآبنائه واحفاده من بعده!!!
ولما كنا غير متعمقين بشكل كاف في تاريخ عمارتنا وقفنا ساهمين باستثناء حسبو افندي ساكن الدور السابع الذي تساءل : واين المستندات؟!! لقد باع المقدس اسطفانوس العمارة برضاه للشيخ العاصي الذي باعها للمعلم امية الذي خسرها في خناقة مع العمدة عباس ثم استولى عليها الفتوة سليم الاناضولي قبل ان يلطشها منه خواجه فرنساوي في لعبة قمار واخيرا وضع علوة الالباني يده عليها لتنتقل ملكيتها من شخص الى آخر عبر السنين!!
ووسط هذه المتاهة من الحكايات والحواديت قال عم قنديل ساكن الدور الخامس والذي هو حاليا على المعاش: يا جماعة فلنستخدم المنطق ..اذا كانت العمارة مملوكة فعلا للمقدس اسطفانوس فكيف اعطى 94 شقة من عمارته للضيوف ولم يترك غير ستة شقق فقط لاولاده واحفاده؟؟!وهنا اعتدل الاسطى بشاي بعد ان كان متكئا وقال: ان ذلك حدث لأن جده كان كريما غاية الكرم مع الضيوف!
بالطبع الاجابة لم تقنع احدا وهكذا افترقنا على امل الوصول يوما إلى حل يرضي كل الاطراف. لكن سحبا كثيفة من الغضب خيمت على عمارتنا. كانت المشاجرات تشتعل لاهون الاسباب. واصبحت التهديدات والشتائم لغة الحوار الوحيدة. وكان طبيعيا ان نصطبح كل يوم على خناقة بين العيال. وفكر البعض في اللجوء الى القضاء لاثبات ملكيتهم للعمارة لكن المشكلة كانت في غياب المستندات!! وفكر آخرون في الاستعانة بسكان العمارات المجاورة. وانتشرت افكار عبثية من قبيل الانعزال والتفكيك والاقصاء وسيطرت على العمارة حالة من الجنون!
وذات يوم طرح اولاد الاسطى بشاي على ابيهم فكرة التقسيم لكن التنفيذ كان تقريبا شبه مستحيل! فالاسانسير والسلم ومواسير المياة والغاز والمنور والسطوح والجراج منافع مشتركة بين السكان. وحين هدد الحاج محمد باللجوء الى العنف معتمدا على الاغلبية العددية لوح الاسطى بشاي بالاستعانة بالبوليس. وهكذا دخلت العمارة في متاهة من التهديدات المتبادلة والضرب تحت الحزام.
واستمر هذا الصراع المجنون زمنا لا يمكن تقديره حتى فوجئنا يوما برتل من سيارات الدفع الرباعي يقتحم حارتنا مثيرا عاصفة من الغبار، وحين نزلنا بالبيجامات والجلاليب لاستطلاع الموقف وفي مقدمتنا برعي السمسار وجدنا غرباء ذوي عيون زرقاء يقتحمون عمارتنا للاستيلاء عليها بدعوى أنهم اشتروها بعقد بيع رسمي مسجل في الشهر العقاري من الخواجة شيكوريل !!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.