أقرت لجنة الخمسين لتعديل الدستور بعد جلسة عاصفة، استمرت خمس ساعات، إلغاء مجلس الشورى، وذلك بعد تصويت 19 عضوا لبقاء المجلس، فى مقابل 23 صوتًا لإلغائه وامتناع عضو القوات المسلحة عن التصويت وغياب 6 أعضاء. ويشار إلى أن عدد الأعضاء الحاضرين فى اجتماع الجلسة المغلقة اليوم الخميس، برئاسة عمرو موسى، بلغ 44 عضوا من إجمالى 50 عضوًا، هم عدد أعضاء اللجنة. وكشفت مصادر مطلعة عن محاولات عمل "توافقات" فى اللحظات الأخيرة قبل التصويت النهائى على مصير المجلس، وذلك أثناء انعقاد الجلسة الخميس، من جانب المؤيدين لوجوده أو رفضه، وذلك فى حالة مسبوقة منذ بدء أعمال اللجنة. وحرص كل فريق على محاولة التأثير على الأعضاء لاستمالتهم المختلفين معه فى الرأى، حيث يتصارع كل من فريق سامح عاشور نقيب المحامين وعضو اللجنة الرافض لوجود المجلس، وإلى جانبه الدكتور عمرو الشوبكى و منى ذو الفقار نائب رئيس الخمسين، وجابر جاد نصار مقرر اللجنة، أمام الفريق الآخر الذى يؤيد بقاء الشورى، ومثله عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين والدكتور السيد البدوى عضو اللجنة عن الأحزاب الليبرالية. وكشفت اللقاءات الثنائية حديث الدكتور جابر جاد نصار، المقرر العام للجنة، الذى يرفض وجود مجلس الشيوخ إلى كل من مفتى الجمهورية الدكتور شوقى علام وأحمد خيرى وأحمد عيد أعضاء اللجنة، حيث وجه نصار كلامه للمفتى قائلا: "والله إثم والله إثم.. مصاريفه 500 مليون جنيه واسأل الموظفين". وطبقا لمصادر مؤيدة لبقاء الشيوخ، قالت إن أغلبية الأعضاء الذين رفضوا وجود غرفتين كان لثلاثة أسباب، أولا أن أداءه كان سيئًا طوال الفترة السابقة، والثانى أن الشعب المصرى يرفض وجوده، والثالث أمر الموازنة المخصصة للمجلس. فى المقابل، قالت مصادر رافضة لوجود غرفتين، إن من يبررون وجوده هم من ينتمون إلى المدرسة القديمة فى التفكير، وهى صعوبة الاستغناء عن المجلس، لأنه قائم من سنوات، إضافة إلى أن الشيوخ حتى لو كان به عوار الفترة الماضية، فمن الممكن حل ذلك العوار وليس القضاء عليه نهائيًا. من جانبه، قال محمد سلماوى، المتحدث باسم لجنة الخمسين لتعديل الدستور، إن اجتماع لجنة الخمسين برئاسة عمرو موسى اليوم الخميس، استمر لخمس ساعات، مشيرًا إلى أن أربع ساعات منها كانت نقاشًا حول الموضوع وليس نصًا دستوريًا محددًا بشأن إلغاء مجلس الشورى. وأضاف سلماوى أن التصويت يعد استرشاديًا، مثل بقية المواد الفائتة التى تم إقرارها، موضحًا أنه لا توجد أى مادة حتى الآن حدث عليها توافق بنسبة 75%، حيث إنه بحسب اللائحة عند مناقشة التصويت النهائى سيكون هناك 75% توافقًا على جميع المواد، مشيرًا إلى أنه بناءً على أنه غرفة واحدة ستقوم اللجنة المختصة بالخمسين بإعداد نص بصدده. وكشف سلماوى أن جميع المقترحات التى عرضت من أجل الإبقاء على الشورى رفضت أيضًا، فكان هناك اقتراح أن يتم النص على مجلس الشورى وتكون الانتخابات بعد 5 سنوات، إلا أنه رفض وهو مقترح السيد البدوى، كما أنه كان هناك مقترح آخر لمنى ذو الفقار بأن توضع فى باب انتقالى مع توصية أن يناقشه مجلس الشعب، وأيضًا تم رفضه لأنه من حق مجلس الشعب أن يجرى تعديلاً على الدستور ويأتى بغرفة ثانية إذا أرادوا. من ناحية أخرى، شهدت أروقة مجلس الشورى عقب انتهاء جلسة لجنة الخمسين لتعديل الدستور، مشادة كلامية بين الدكتور أحمد خيري المقرر المساعد للجنة وبين عمرو موسى رئيس اللجنة، على خلفية رفض الأول إلغاء الشورى. وقال خيري منفعلاً مخاطبًا موسى: سوف أعلن أن ما حدث مخالف، حيث إن التصويت جاء بنسبة 70%، وهو مخالف للائحة اللجنة، مضيفًا: "المواد كلها مشيت كده"، مهددًا بالانسحاب من اللجنة في حال بقاء التصويت بهذه النسبة". ورد عليه موسى قائلاً: "اعمل اللي يعجبك.. التصويت جاء بالديمقراطية رغم إنه ضد رغبتي، وتركه وغادر متجهًا إلى مكتبه. وحاول الدكتور عبد الجليل مصطفى التدخل لتهدئة الأمر، إلا أن الدكتور أحمد خيري زاد انفعالهن مؤكدًا أن إلغاء الشورى يترتب عليه إلغاء نسبة العمال والفلاحين، وقال إن التصويت داخل لجنة نظام الحكم تم على بقاء البرلمان بغرفتيه. ومع انفعال الدكتور أحمد خيري، تدخل ممثل حزب النور السلفي الدكتور محمد إبراهيم رمضان، وطلب التوجه للجلوس في قاعة مغلقة لاستكمال الحديث بعيدًا عن الإعلام. من جانبه، علق الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة وعضو لجنة الخمسين، على قرار إلغاء مجلس الشوى بأنه جيد، خاصة أنه تم إنشاؤه عام 1981، لإحكام السيطرة على الصحف القومية وكان بابًا خلفيًا للاستبداد، لافتًا إلى أن إلغاء مجلس الشورى كان حلما أكاديميا وتحقق اليوم. وكشف نصار أن ممثل القوات المسلحة امتنع عن التصويت وممثل الشرطة صوت لصالح إلغاء مجلس الشورى. وشدد نصار على أن مدة عمل لجنة الخمسين 60 يومًا ولا يترتب على تجاوزها أى جزاء أو إبطال لعملها، موضحًا أن الدستور الآن يصنع كما تقول الكتب، ووضعنا 120 مادة دستورية، كاشفًا عن أن اللجنة أقرت المواد التى قدمت من الصحفيين. يأتى ذلك فى الوقت الذى تباينت فيه الآراء داخل حزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية، حول قرار لجنة الخمسين لتعديل الدستور بإلغاء الغرفة الثانية من البرلمان، والمعروفة باسم "مجلس الشورى". ففى الوقت الذى وصف فيه الدكتور شعبان عبد العليم، عضو المجلس الرئاسى للحزب، إلغاء مجلس الشورى بالأمر الجيد، قال الدكتور طارق سهرى، وكيل مجلس الشورى السابق، القيادى بحزب النور، إن وجود مجلس الشورى ضرورة، فيما أكد شريف طه المتحدث باسم الحزب أن "النور" كان يأمل بقاء الشورى. وقال شريف طه، المتحدث الرسمى باسم حزب النور: "كنا نفضل بقاء الشورى مع توزيع صلاحياته، حتى يتم إيجاد غرفة ثانية للبرلمان تساعد فى التشريع، كما هو الحال فى عامة الدول المتقدمة"، وتابع: "إلغاء الشورى لم يكن معركة، فنحن نرضى بنتائج التصويت". بينما ثمن الدكتور شعبان عبد العليم عضو المجلس الرئاسى لحزب النور، قرار لجنة الخمسين لتعديل الدستور، بشأن إلغاء مجلس الشورى، مضيفاً بالقول: "إلغاء الخمسين للشورى أفضل شىء، وأمر جيد، فمجلس الشورى إما أن يكون استرشاديًا، وإما أن يكون غرفة ثانية للتشريع، وفى الحالتين ليست مصر فى حاجة له". وتابع: "فلسفة وأهداف الغرفة الثانية للتشريع ليست متطابقة مع مصر"، مؤكداً أن وجود غرفة ثانية للتشريع، فى ظل الاستقطاب التى تشهده مصر، سيجعل الغرفتين يعطل أحدهما الآخر، خاصة إذا اختلفت الأغلبية فى مجلس الشعب عن مجلس الشورى. وأوضح "عبد العليم" أن مطلب إلغاء الشورى كان عنصرًا مشتركًا فى جلسات الاستماع التى قامت بها اللجنة التأسيسية لدستور 2012. من جانبه، وصف حسين عبد الرازق، القيادى بحزب التجمع، وعضو لجنة الخمسين لتعديل الدستور، جلسة أمس الخميس التى تضمنت قرار التصويت على إلغاء مجلس الشورى كانت تسير بشكل طبيعى، متهماً حزب النور بتسريب معلومات تؤدى لإحداث بلبلة حول أعمال لجنة الخمسين. وأضاف عبد الرازق، أنه لم تحدث أى حالة تدخل من الأعضاء أو من رئيس اللجنة للتأثير على قرار التصويت. وأوضح القيادى بحزب التجمع، أن جلسة الأمس كانت نموذجاً يحتذى به فى الديمقراطية، مشددا على أن لجنة الخمسين لتعديل الدستور تقوم بعمل جليل من أجل الخروج بدستور توافقى. من جهة أخرى، أشار عبد الرازق إلى أن قرار منع الأعضاء الاحتياطيين من حضور جلسات التصويت قرار خاطئ، مضيفاً أن هذا القرار لا يستند إلى أى سند أو قاعدة قانونية، مؤكداً أن حضور الأعضاء الاحتياطيين لجلسات التصويت، كان سيمثل إضافة قوية لعمل لجنة الخمسين، مفضلاً وجود تمثيل إيجابى للفئات الضعيفة. وأكد الدكتور عمرو الشوبكى، مقرر لجنة نظام الحكم بلجنة الخمسين لتعديل الدستور، أن عمرو موسى رئيس اللجنة، والسيد البدوى، كانا على رأس القائمة المطالبة ببقاء المجلس، وأن جلسة إلغاء مجلس الشورى كانت من أطول الجلسات منذ بدء عمل اللجنة. وأضاف "الشوبكى"، أن إلغاء مجلس الشورى يصنع نظاما ديمقراطيا جيدا، لافتا إلى أن ذلك الأمر سيحد من سلطات رئيس الجمهورية فيما بعد، مشددًا على أنه لا توجد مواءمات سياسية داخل لجنة الخمسين. وأوضح مقرر لجنة نظام الحكم بلجنة الخمسين لتعديل الدستور، أن التصويت الطائفى فى الانتخابات ليس مبرراً لبقاء مجلس الشورى.