التقى أمس السبت في العاصمة البريطانية لندن بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر بعض ضحايا فضيحة الاعتداء الجنسي على الأطفال وصلى معهم وسط احتجاجات آخرين على تعامل الكنيسة مع القضية. وقال بيل كلجالون، رئيس هيئة رعاية الشؤون الكاثوليكية الوطنية، وهي المجموعة الكنسية التي نظمت لقاء الضحايا المذكورين مع البابا، إن خمس أشخاص من الضحايا التقوا مع البابا لمدة تتراوح بين 30 و40 دقيقة اليوم السبت. وعن اللقاء بين رأس الكنيسة الكاثوليكية والضحايا، قال الأب فيديريكو لومباردي، المتحدث باسم الفاتيكان: "لقد تأثر البابا أيما تأثر بما قالوه له، وعبَّر عن أسفه العميق وعن العار (لما سببته الفضيحة)". وكان البابا قد قدَّم خلال وقت سابق من اليوم أشد اعتذار له لضحايا فضيحة الاعتداء الجنسي على الأطفال، إذ تحدث خلال قداس ترأسه في كاتدرائية ويستمنستر وسط لندن عن "العار والذل" الذي لحق بالكنيسة الكاثوليكية جرَّاء الفضيحة. بلسمة الجراح وعبَّر البابا في ثالث يوم من زيارته التاريخية لبريطانيا، والتي تستمر لمدة أربعة أيام، عن أمله بأن تساعد مثل تلك "المذلة" على بلسمة جراح الضحايا ومساعدة الكنيسة على تنقية وتصفية نفسها وتجديد التزامها بتثقيف الشباب. كما أعرب أيضا عن "حزنه العميق" للمرة الثانية بسبب "الجرائم التي لا توصف"، معترفا ب "المعاناة الهائلة" التي تسبب بها الكهنة الضالعون بالفضيحة للعديد من الأشخاص. والتقى البابا في أعقاب القداس آلاف الشبان من أتباع الكنيسة الكاثوليكية الذين احتشدوا خارج الكاتدرائية، قبل زيارته لإحدى دور المسنين جنوبي لندن. إقرار ب "الفشل" وكان البابا قد أدلى بتصريحات قبيل وصوله إلى بريطانيا أقرَّ فيها ب "فشل الكنيسة الكاثوليكية بالتصرف بشكل حاسم وسريع بما يكفي للتعامل مع قضية القساوسة الذين يغتصبون ويستغلون الأطفال جنسيا". فقد خاطب بابا الفاتيكان الصحفيين المرافقين له على متن الطائرة التي أقلته إلى بريطانيا قائلا إن مساعدة الضحايا على الشفاء وبلسمة جراحهم واستعادة ثقتهم بالكنيسة هي على رأس أولويات كنيسته. ومثلت تصريحات البابا تلك أول اعتراف له بإخفاقات الكنيسة بمعالجة فضيحة الاعتداءات الجنسية، والتي عادت إلى الأضواء مجددا مع الكشف مؤخرا عن وجود مئات الضحايا في بلجيكا، انتحر منهم 13 شخصا على الأقل. وكان البابا قد التقى في وقت سابق اليوم بمقر إقامته في لندن كلا من رئيس الحكومة، ديفيد كاميرون، ونائبه نِك كليج، وزعيمة حزب العمال المعارض بالوكالة، هاريات هارمان. صلاة في الهايد بارك هذا، وينهي البابا نشاطات اليوم بصلاة جماعية في حديقة هايد بارك، بينما سيحتشد المناوئون له وسط لندن للتعبير عن احتجاجهم على زيارته لبريطانيا. وكان البابا قد حذر يوم أمس الجمعة من "تهميش الدين، وخاصة المسيحية، عبر العالم"، وذلك في أول خطاب لرأس الكنيسة الكاثوليكية في كنيسة ويستمنستر آبي، الملحقة بمجلس العموم البريطاني بلندن. وقال البابا، مخاطبا حشدا كبيرا من النواب وكبار الشخصيات الدينية والسياسية والفكرية البريطانية، قائلا في كلمته التاريخية: "لا أقوى إلاَّ أن أعبر عن قلقي بشأن التهميش المتزايد للدين، وبالأخص المسيحية، الأمر الذي يحدث في بعض الأماكن، حتى في أمم تولي اهتماما كبيرا للتسامح." تحذير بابوي وأضاف البابا محذرا من وجود بعض الأشخاص الذين يودون رؤية "صوت الدين وقد جرى إسكاته." ودعا البريطانيين لإيجاد كافة السبل الكفيلة بترويج الدين والعقيدة "على كل مستوى من مستويات الحياة." كما شدد البابا أيضا في كلمته على تعزيز أواصر التعاون والصداقة بين بريطانيا وبين الفاتيكان من جهة، وبين الكنيسة الكاثوليكية، التي يمثلها، والكنيسة الإنجيلية من جهة أخرى. "أساس أخلاقي" وأكَّد البابا أيضا على أهمية الأخلاق في الحياة اليومية، وقال إن "غياب الأساس الأخلاقي" ساهم إلى حد كبير في حدوث وتفاقم الأزمة المالية التي هزت العالم مؤخرا وأثرت على الملايين في العالم. وقد وصف مراسل بي بي سي، بيتر هانت، خطاب البابا في قاعة ويستمنستر بأنه "دعوة لحشد التأييد ومناشدة لعدم ابتزاز الدين أو سحقه من قبل مجتمع علماني". وكان البابا قد التقى يوم أمس الجمعة بكبير أساقفة كانتربري، الدكتور روان وليامز، وذلك في مقر إقامته بقصر لامبث وسط العاصمة لندن. احتدام الجدل وقد احتدم الجدل وتصاعدت حدة الانتقادات الموجهة للبابا من قبل منظمات وجهات مختلفة بعد الخطاب الذي ألقاه أمام ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية في قصر هوليرودهاوس بإدنبره في مستهل زيارته إلى البلاد، والذي أشار فيه إلى وجود "رابط بين الإلحاد والنازية". إلا أن الكنيسة الكاثوليكية تحركت بسرعة للتقليل من وقع كلمات البابا، قائلة إنه "مدرك تماما لمعنى الإيديولوجية النازية". لكن منظمات وشخصيات ذات ميول غير دينية اعتبرت تلك التعليقات "مساسا بها وإهانة" لمن لا يؤمنون بالفكر الديني.