أعلنت وزارة التنمية الاقتصاديه مؤشرات الأداء الاقتصادى والاجتماعى للعام المالى 9/2010 . لتعلن تحقيق الناتج المحلى الاجمالى معدل نمو أكثر من 5 % خلال العام المالى . بل أن نسبة النمو لتقترب من 6 % خلال الربع الأخير من ذلك العام المالى . أى ما بين شهرى ابريل ويونيو من العام الحالى وهى فترة مشكلة الديون السياديه الأوربيه . كما تضمنت المؤشرات نمو الاستثمارات الكليه بنسبة 18 % . وتراجع معدلات البطاله لأقل من 9 % . وتراجع التضخم وانحسار عجز الموازنه الى 3ر8 % . وزيادة نصيب الفرد من الناتج المحلى لحوالى 16 ألف جنيه بنمو 14 % خلال عام . وما يزيد الحيره أن المبررات التى استند إليها وزير التنمية الاقتصاديه لتحقيق معدل النمو المرتفع . كان أبرزها تحقيق السياحه معدل نمو 12 % خلال العام . ونمو الصناعة التحويليه غير البتروليه نموا بنسبة أكثر من 5 % . وكان تقرير رسمى داخل نفس الوزارة تم اعلان نتائجه فى الأول من يوليو الماضى حول تأثير أزمة اليونان على الاقتصاد المصرى . قد توقع أن تؤثر تلك الأزمه فى تراجع حصيلة الصادرات بنسبة 15 % والاستثمار الأجنبى المباشر بنسبة 15 % والسياحة بنسبة 10 % وقناة السويس بنسبة 10 % والتحويلات بنسبة 5 % . لكن الوزير ذكر فى مؤشرات الأداء أن السياحه قد زادت بنسبة 12 % . رغم أن وزير السياحه نفسه فى حواره مع مجلة اكتوبر مؤخرا قد ذكر ان انخفاض سعر صرف اليورو قد أثر بالسلب على الايرادات الفعليه للمنشآت السياحيه . وكانت بيانات جهاز الاحصاء قد أظهرت أن نسبة 73 % من عدد السياح القادمين لمصر خلال العام الماضى كانوا من الأوربيين . كما ان نسبة 68 % من عدد الليالى السياحيه كانت للأوربيين . والمعروف ان دول مثل ايطاليا وأسبانيا تعد من الدول الرئيسيه فى تصدير السياحه لمصر وهى دول تضررت وترتفع نسب البطاله بها . الأمر الآخر الذى يصيب بالحيره هى مسألة نمو الصناعات التحويليه غير البتروليه . فى حين أن بيانات البنك المركزى حول القروض المصرفيه حتى شهر يونيو الماضى وهى آخر بيانات متاحه تشير الى أن نسبة نمو القروض غير الحكوميه خلال عام كامل بأقل من 7 % . وان نسبة نمو القروض بالعمله المحليه أقل من 6 % . بل كان هناك تراجعا لأرصدة القروض بالجنيه لقطاع الصناعه ولقطاع الزراعه . والمعروف أن أرصدة القروض تتضمن قيمة الفائدة عليها . والتى لاتقل عن 12 % فى متوسطها . أى أنه لو زادت أرصدة القروض بالجنيه بنسبة 12 % . فان الزياده الحقيقيه فيها ستكون صفر لأن هذه هى قيمة معدل الفوائد . فما بالنا بتلك النسب الضعيفه للنمو للقروض والتى تعنى أن معدل نمو القروض سلبى . الى جانب أن غالب القروض التى تمت خلال الفترة الأخيره . هى قروض مشتركه اتجهت للمؤسسات الكبيره ولقطاعات معينه وليس لعموم المستثمرين . ولعل ما أعلنه البنك المركزى مؤخرا من استمرار العجز بميزان المعاملات الجاريه خلال العام المالى الأخير - والذى يزعم الوزير تحقيق معدل نمو مرتفع به - يكشف التناقض . بين اقتصاد يبتلع العجز التجارى به ما تحقق من فوائض بميزان الخدمات ومن تحويلات المصريين بالخارج . مع استمرار تراجع حصيلة الصادرات وحصيلة قناة السويس . واستمرار تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر . ولعل لب المسألة . هو توقيت اعلان بيانات النمو الذى جاء بعد مرور 28 يوما فقط من انتهاء العام المالى . بل ان الطريف ان بيانات الاستثمار الأجنبى المباشر الخاصة بالعام المالى المذكور لم تكن قد تم إعلانها بعد حينذاك أو تحديد قيمتها باعتراف الوزير نفسه . فى حين أن دول الاتحاد الأوربى بكاملها وحتى اعلان الوزير المصرى نتائج العام المالى المنتهى فى يونيو من العام الحالى . لم تكن قد أعلنت بيانات الناتج المحلى الاجمالى بها الخاص بالربع الثانى من العام الحالى . رغم ما لديها من امكانيات احصائيه وفنيه تفوق ما لدينا . حيث أعلنت دول الاتحاد الأوربى أرقاما مبدئية للنمو بها عن الربع الثانى من العام الحالى . . فى الثامن عشر من اغسطس أى بعد 39 يوما من انتهاء الفترة . ثم أعلنت الأرقام النهائيه فى الثانى من سبتمبر أى بعد 63 يوما من انتهاء الربع . والأكثر طرافه أن الولاياتالمتحده نفسها كثيرا ما تعلن أرقاما فصليه لنمو الناتج بها . وبعد مرور فصل آخر تعدل من نسب النمو بالفصل السابق سواء بالارتفاع او بالخفض . بينما لم يحدث أن عدل وزير التنمية الاقتصاديه ولو مره واحده منذ توليه . أية بيانات فصليه أو سنويه للنمو . وهو المعروف أنه عندما تولى الوزاره قد شكك فى بيانات النمو التى كان يعلنها الدكتور الجنزورى خلال فترة توليه الوزاره . ولأننا مرتبطون بالاقتصاد الدولى فان معدلات النمو بمنطقة اليورو التى تضم 16 دوله اوربيه ولمنطقة الاتحاد الأوربى خلال العام الحالى بلغت نسبتها 1 % فقط . كما أن البطاله هناك زاد معدلها ما بين نهاية العام الماضى وحتى النصف الأول من العام الحالى . وتلك الدول تستحوز على نسبة كبيره من تجارتنا الخارجيه ومن الاستثمار الأجنبى المباشر الوارد إلينا . ومن السياحة الواصله لنا ومن التحويلات الماليه الوارده . فمن الطبيعى أن نتأثر سلبيا بما يحدث بها . خاصة وأن معدلات النمو الأمريكيه هى الأخرى ما زالت متدنيه ومعدلات البطاله بأمريكا مازالت مرتفعه . فكيف يمكن أن نحقق نحن 3ر5 % نموا فى ظل تلك الظروف الدوليه . وفى ظل عجز تجارى محلى مزمن وعجز مزمن بالموازنه . وهو النمو الذى لم يشعر به عموم المصريين فى معيشتهم . ولايتفق مع استمرار الأزمات من نقص فى البوتوجاز والسولار والخبز والمياه والكهرباء واللحوم وغيرها . ومما يؤكد التدخل الحكومى لإعلان أرقام نمو غير واقعيه . الاستشهاد من قبل وزير التنمية الاقتصاديه بتحقيق نسبة 3ر8 % بالموازنة الحكوميه بنفس العام المالى المذكور . ويتناسى أنها نسبة غير واقعيه لاتحسب أقساط الديون التى تفوق قيمتها 82 مليار جنيه حتى تقلل معدل العجز . أيضا الإدعاء بتراجع معدل البطاله فى مصر من 4ر9 % بالربع الثانى من العام المالى الأخير . الى 1ر9 % بالربع الثالث ثم الى أقل من 9 % بالربع الرابع من العام المالى . أى فى الفترة ما بين ابريل وحتى يونيو الماضى . ويرتبط بذلك ما قاله الوزير من ارتفاع قيمة الاستثمارات الكليه خلال العام بنحو 36 مليار جنيه خلال العام المالى الأخير . منها حوالى 24 مليار زيادة فى استثمار القطاع الخاص بنمو 20 % . و12 مليار جنيه زيادة بالاستثمارات العامه بنمو 15 % . وهى أمور لا تتفق مع ما يعانيه القطاع الخاص من مشاكل بالعماله ونقص بالتمويل وتراجع قيمة اليورو . ومن ناحيه أخرى العجز بالموازنات التى شملت كل دول الاتحاد الأوربى بالعام الماضى . وارتفاع البطاله هناك وهو ما يؤثر على الطلب الأوربى على المنتجات المصريه . ولعل ما يكشف عدم واقعية تلك البيانات للاستثمار الخاص هو اعلانها بعد مضى 28 يوما من انتهاء العام المالى . رغم أن غالب شركات القطاع الخاص ميزانياتها تتم وفق العام الميلادى الذى ينتهى فى شهر ديسمبر . كما أن معظمها يحجم عن الافصاح عن بياناته الماليه أصلا ولو بعد مرور سنوات . ومن يصدق بيانات الوزير عن انخفاض البطاله والتضخم عليه أيضا ان يصدق الزعم بنمو نصيب الفرد من الناتج بنسبة 14 % خلال العام المالى ليصل لحوالى 16 ألف جنيه . وحتى فى حالة صحة بياناته فهى تعبر عن متوسط عام من خلال حصيلة جمع دخول الأثرياء والفقراء معا ثم القسمه على عدد السكان . وهكذا نحن بحاجه الى جهه علميه متخصصه محايده لا تضم فى عضويتها . من يعملون كمستشارين للوزراء أو لجهات حكوميه كل مهمتهم تبرير ما يصدر عن الوزراء من بيانات . كى تتولى تلك الجهه المحايده تدقيق البيانات الاقتصاديه التى لا تعبر عن واقع المصريين . بعد أن تخلى الجهاز المركزى للمحاسبات عن تلك المهمه التى أوجب قانونه عليه القيام بها وهى تدقيق البيانات . وبعد تخلى البرلمان عن مهامه الرقابيه فى محاسبة المسؤلين عن البيانات الاقتصاديه غير الواقعيه . وكذلك تحول وسائل الاعلام الى وسائل لتجميل الصوره استنادا لتلك البيانات الخادعه . التى لا يخجل أصحابها من تكرار ترديدها . [email protected]