قال السفير البريطاني في القاهرة أنه لم يسبق لنا أن شعرنا بالتغيير السياسي بهذا العمق، فهو يأتي بعد عامين ونصف مليئين بالأحداث والاضطرابات عقب ثورة 25 يناير 2011. وأضاف السفير أن مصر قد أنهت تجربة حكم الإخوان المسلمين والتي استمرت عاماً كاملاً. ويشعر البعض بالحزن والغضاضة، ولكن غيرهم الكثير (حسبما يبدو لي) يرى أنه كان من الصواب البحث عن مستقبل جديد لمصر كدولة عصرية وديمقراطية. وأود هنا التركيز على آفاق هذا المستقبل تزامناً مع اليوم الدولي للديموقراطية الموافق 15 سبتمبر. وفي أعقاب المظاهرات الشعبية الحاشدة التي شهدتها مصر في 30 يونيو وعزل الرئيس مرسي في 3 يوليو وتعيين المستشار عدلي منصور رئيس مؤقت للبلاد، كان من الصعب علي أن أتخيل كيفية تنفيذ خارطة الطريق التي تحدد منهج وضع الدستور الجديد وعقد الانتخابات ولاسيما في حدود الإطار الزمني القصير والطموح للغاية الذي حددته خارطة الطريق للعملية. فلا نزال نذكر جميعاً المفاوضات الطويلة والمليئة بالجدل التي دارت حول دستور 2012 والنقاش المحتدم حول قانون الانتخابات وكيفية تطبيقه. ويسعنا أن نقول أن العملية السياسية التي تضمن مشاركة جميع الأطياف هي أفضل أمل لبناء نظام ديموقراطي على أسس متينة. إلا أن الظروف لا تكون دائماً مثالية، بل ينبغي عليك بدء العمل من الموضع الذي أنت فيه وأن تتعامل مع وقائع الحاضر وأنت تحافظ على إيمانك والتزامك بالنتائج الديمقراطية مع ضمان أقصى حماية لحقوق الأفراد والمواطنين. والسؤال الآن هو كيف ستنجح لجنة صياغة الدستور الجديدة فيما أخفقت فيه لجنة 2012؟ وفي وجهة نظري الشخصية، تعتبر لجنة الخمسين الجديدة أكثر حظاً من أي خيار بديل من الناحية العملية يمكنني تخيله في ظل الظروف التي تمر بها مصر حالياً. ويمتاز أعضاء اللجنة بمكانتهم الكبيرة في المجتمع المصري، كما أنه لا توجد أجندة أيديولوجية من شأنها تقسيم الأعضاء. فلا تزال الدروس المستفادة من التجربة الأخيرة حاضرة في الأذهان. ويعتبر فصل السياسة عن الدين مبدأً مقبولاً في عمل لجنة الخمسين، ولعل هذا الفصل هو الرغبة الأساسية التي توحد جموع الشعب المصري. إن هذا اللجنة تستحق النجاح، وتتزايد ثقتي في أنها ستدرك النجاح. إن صياغة دستور يضمن حرية التعبير والاعتقاد ويحترم مساواة المرأة دون تحفظات ويضمن بقية الحقوق الأساسية الأخرى لهو المكافأة العادلة التي يستحقها الشعب المصري بعد معاناة استمرت قرابة ثلاث سنوات.”