دعا رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي ريتشارد هاس إلى الانسحاب من أفغانستان بوصفها "حربا لا يمكن تحقيق النصر فيها", فيما اعتبر أن التدخل في باكستان أكثر أهمية من أفغانستان. وخلص المسئول الأمريكي في مقاله بمجلة "نيوزويك" إلى ضرورة إعادة توجيه الولاياتالمتحدة لسياستها في أفغانستان نحو خيار اللامركزية بحيث توفر مزيدا من الدعم للقادة المحليين وتسلك نهجا جديدا مع حركة طالبان، لأن الحرب التي تخوضها أمريكا في أفغانستان لن تنجح ولا تستحق ما يبذل من أموال ودماء. وقال هاس: "إن الوقت قد حان كي تقلص الولاياتالمتحدة من أهدافها وتقلل من مشاركتها على الأرض بشكل كبير"، مشيرا إلى أنه "كلما أدركنا أن أفغانستان لا تمثل مشكلة بحاجة إلى حل بقدر ما هي بحاجة إلى إدارة؛ كان الوضع أفضل". وأشار هاس, مؤلف كتاب "حرب الضرورة، حرب الاختيار.. سيرة حربي العراق", إلى أن الحرب التي يخوضها الرئيس باراك أوباما في أفغانستان هي حرب اختيار وليست حرب ضرورة. لكنه اعتبر احتلال أفغانستان في عهد الرئيس جورج بوش عام 2001 كانت "حرب ضرورة للدفاع عن النفس" للإطاحة بنظام طالبان, حسب تعبير هاس. وأشار هاس إلى أن إدارة بوش كانت تفتقر إلى السياسة الواضحة بشأن الخطوة التالية، وهو ما حصل أيضاً في احتلال العراق. وأكد هاس أنه مع قدوم أوباما للسلطة عام 2009 وتبنيه سياسة التصعيد، ازدادت الأمور تدهورا في أفغانستان، فاكتسبت حركة طالبان قوة واتسعت الأهداف الأمريكية لتشمل مواجهة طالبان إلى جانب مواجهة تنظيم القاعدة. كما أن القرارات التي صدرت عن إدارة أوباما لاحقا كانت متناقضة، فبينما أعلن إرسال قوة أخرى قوامها 30 ألفا لتحذير طالبان وطمأنة حكومة كابل الهشة، تعهد أوباما ببدء انسحاب القوات بحلول صيف 2011. وأشار الكاتب إلى أن إستراتيجية مكافحة "التمرد" القائمة حاليا والتي تتطلب الأعداد الكبيرة من الجنود ليست مجدية كما هو واضح، لاسيما وأن انتخابات أغسطس 2009 التي منحت الرئيس حامد كرزاي ولاية ثانية، شهدت تزويرا كبيرا وخلفت حكومة أقل شرعية من ذي قبل. ورأى المسئول الأمريكي أنه يجب على الولاياتالمتحدة أن تقدم السلاح والتدريب لزعماء أفغان محليين في البلاد يرفضون القاعدة ولا يسعون لتقويض باكستان، ولكن دون التركيز على بناء جيش وطني وقوة شرطة. كذلك رأى الكاتب أنه يجب على أوباما العمل في إطار الأهداف الرئيسية لاحتلال على أفغانستان، وهي حرمان القاعدة من أي ملاذ آمن والضمان بأن أفغانستان لا تشكل تهديدا للاستقرار في باكستان. واعتبر هاس أن من محاسن هذا النهج أنه يعمل لصالح -وليس ضد- التقليد الأفغاني من حيث مركز الحكم الضعيف والمحيط القوي، ولكن هذا النهج يتطلب مراجعة للدستور الأفغاني, حسب قوله. وفي الوقت نفسه, اعتبر المسئول الأمريكي أن باكستان أكثر أهمية من أفغانستان لأسباب تعود إلى الترسانة النووية والحجم السكاني والعدد الكبير ممن وأسماهم ب"الإرهابيين" على أرضها وتاريخها في حربها مع الهند.