كشر النظام عن أنيابه ، ولم يجد غضاضة أن يستخدم الهراوات الغليظة مرة أخري أمام شاشات الفضائيات العالمية وأجهزة الإعلام الدولية ضد جماهير الشعب المصري التي وصلت إلى نادي القضاة ومحكمة النقض للتضامن مع قضاة مصر في مواجهة المذبحة التي تنتظرهم ليقول :إنني لن أقبل أي احتجاج على مذبحة القضاء التي أعد لها من أجل تمرير سيناريو التوريث حيث يتم الترتيب له على قدم وساق ، وخاصة بعد تأجيل انتخابات المحليات ، ومحاكمة القضاة ، وإذلال أساتذة الجامعات ، والمراوغة في تنفيذ إلغاء حبس الصحفيين .. وإذا أضفنا إلى ذلك كله سلسلة الكوارث والمصائب التي سقطت على رءوس الوطن والمواطنين ، بدءا من العبارة التي قتل صاحبها ألف مصري دون أن يهتز له جفن ويجد صحفا صفراء مأجورة تدافع عنه وتحكم له بالبراءة وعدم المسئولية ، مرورا بمحنة أنفلونزا الطيور والحمى القلاعية التي عصفت بالثروة الحيوانية بعد العصف بالثروة الداجنة ، واشتعال التطرف النصراني الذي أخذ بعدا غير مسبوق في فرض شروطه والدعوة علنا لإلغاء الإسلام من خلال الحديث عن فصل الدين عن الدولة وإلغاء المقررات الإسلامية ، والحظر على الأئمة والخطباء التحدث في شئون العقيدة والتوحيد ، والوقوف عند قضايا هامشية يرضى عنها المتطرفون النصارى المتوقحون ، وحديث أنصارهم من المسلمين عن حذف الآيات القرآنية التي تتناول أهل الكتاب من المناهج ومن وسائل الإعلام فضلا عن المنابر الإعلامية .. ثم كارثة التفجيرات الدموية التدميرية في دهب والجورة من خلال أصابع شيطانية لا ندري أهي محلية أو هي أصابع الجيران الغزاة .. إذا أضفنا ذلك كله أدركنا حجم الكوارث التي تنتظر هذا الوطن في ظل اهتمام النظام ببقائه دون أدني اهتمام بالقضايا الأساسية التي تعطل مسيرة الوطن دون التحرك إلى الأمام .. دول العالم الجديدة بدأت تتحرك إلى الأمام .. حتى الدول التي شاركت مصر في تحريرها من الاستعمار في الستينيات صارت الآن تتفوق علينا ، وتمضي قدما إلى الأمام في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والزراعية والتجارية والصناعية والثقافية ،بل إنها تسير بخطوات عظيمة في مجال الحرية والديمقراطية ، لن أتكلم عن سنغافورة وتايوان وتايلاند وكوريا الجنوبية ، ولكن أشير إلى كينيا وزيمبابوي وموزمبيق التي نسخر منها ونضرب بها المثل في التخلف .. لقد تقدمت وتحركت ، لسبب بسيط ، وهو التوافق الداخلي ، والمحافظة على حرية الإنسان وكرامته .. فهل لدينا توافق داخلي وحرية وكرامة إنسانية ؟ الواقع يقول إن النظام لا يحب شريكا يؤمن بمفهوم الشركة الحقيقية ، ثم إنه لم يبق على أية كرامة لا للوطن ولا للمواطن، فقانون الطوارئ مازال جاثما على صدر الشعب منذ عام 1923م ، باستثناء سنوات قليلة جدا تعد على أصابع اليد الواحدة ، ولم يمنع هذا القانون الاغتيالات ولا العنف ولا الدمار سواء كان القائمون بالجرائم أفرادا أو جماعات أو أجهزة أمنية أجنبية ،لسبب بسيط جدا هوأن النظام لا يعاقب الجناة ، والمجرمين ، ولكنه دائما لا يعاقب إلا الأبرياء الشرفاء الذين يعارضون الاستبداد والتبعية للأجانب ومن يعملون على قتل هذا الشعب وسحقه وحرمانه من النهوض والاستقلال، ولنأخذ على سبيل المثال ما جرى بعد تفجيرات طابا وشرم الشيخ .. لقد أعلن النظام ( ولا أقول الأمن ) الحرب على الأهالي في سيناء واضعا الجميع في دائرة الاشتباه ، ولوحظ أن المسئولين كانوا حريصين دائما- وما زالوا- على عدم الإشارة إلى العدو الاسرائيلي النازي في فلسطين ، بل إن بعضهم برأه مقدما وقبل أن تنتهي التحقيقات ، مع أن كل الدلائل تشير إلى أن هذا العدو له يد فيما جرى بطريقة ما ، وانظروا إلى تحذيراته لأتباعه بعدم الحضور إلى الأماكن السياحية في سيناء لتوقعه عمليات تفجيرية .. هل كان يمزح ؟ هل هو أكثر حضورا ووجودا استخبار يا في سيناء من استخباراتنا وأجهزتنا الأمنية ؟ أنتم تعرفون الإجابة !! ثم إن النظام من خلال أجهزته الأمنية حريص على تعذيب من يقعون في قبضته لا يفرق بين شخص وآخر .. كل من يرى أنه يهدد النظام بالرأي أو الفكر فإنه يقع في قبضة الزبانية الذين لا يعرفون الله ، وقد سجل القضاء المصري في أروع صفحاته نقاء وصفاء نماذج صارخة لهذا التعذيب الذي تهتز له الأرض والسموات . وهو التعذيب الوحشي الذي مازال بعض الجلادين وقد بلغوا أرذل العمر ينكرونه ويظهرون على الفضائيات ليقولوا جهارا نهارا " ما حصلش" ، ونسوا أن الله ليس غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار !! والنظام لا يهتم بأمر مواطنيه لا في الداخل ولا في الخارج ، بل يتركهم نهبا للضياع والاعتماد على أنفسهم في مواجهة واقعهم . إنه يتذكرهم في لحظة الجباية وحدها ، ما عدا ذلك فعليهم أن يدبروا حالهم كما يقول أهل الشام !! النظام يحب الطاعة العمياء المطلقة ، لأنه يملك الحقيقة المطلقة كما يسميها العلمانيون وخدام الغرب .. وقد رأينا كيف كانت تهوي الهراوات أمام نادي القضاة ونقابة الصحفيين ومحكمة النقض على رءوس الشباب والمواطنين ، لدرجة أنها لم توفر النساء كما يقتضي العرف والذوق والأخلاق .. فهل بعد ذلك يمكن القول إن النظام يحافظ على كرامة الوطن والمواطنين ؟! بالطبع فإن الفترة التي نزلت فيها الهراوات إلى أسفل ، وتوقفت فيها القنابل المسيلة للدموع، وسكتت فيها الأعيرة النارية الحية والمطاطية كانت بأمر السادة الكبار في البيت الأبيض ،أما لماذا كشر النظام عن أنيابه اليوم ، فلأن هؤلاء السادة الكبار أخذوا من النظام ما يريدون بالنسبة لإيران والعراق وفلسطين .. وكما يقول العامة : سلم لي على الديمقراطية وحقوق الإنسان واستقلال القضاء !! لماذا يأخذ النظام الجانب العنيف في تعامله مع القضاة وأساتذة الجامعات والصحفيين والنقابيين والطلاب والحزبيين ونشطاء الضمير ؟ الإجابة واضحة .. من أجل التوريث تهون كرامة الأمة والوطن والمواطن جميعا !! ولماذا يحرص النظام على الديكور الديمقراطي في هذه المسألة ؟ والإجابة تقول : ألم تسمعوا عن المحلل.. الديمقراطية الكرتونية هي المحلل الذي تعبر عليه الديكتاتورية المقنعة .. ومن خصائص هذه الديكتاتورية أن تعود العصا الغليظة أشد من ذي قبل ليعتبر من لا يعتبر .. حتى لو آمن أن الملك لله وحده الذي يرث الأرض ومن عليها ! [email protected]