بحكم عملى كمحرر برلمانى منذ أكثر من 15 عاماً وحتى الآن.. اقتربت بشدة من معظم قيادات جماعة الإخوان سواء فى مجلس الشعب أو فى مجلس شورى الجماعة، وأيضاً مكتب الإرشاد، ويحسب لى – بكل تواضع - أننى كنت أول إعلامى يتيح الفرصة لهؤلاء النواب وتلك القيادات الإخوانية فى الظهور فى برامج التوك شو الشهيرة قبل ثورة 25 يناير، وفى مقدمتها برامج: 90 دقيقة و48 ساعة والشارع المصرى وغيرها. أقول هذا الكلام حتى يعلم الجميع أننى لست متحاملاً على الجماعة أو قياداتها، بل إننى أقسم بالله صادقاً كنت أتمنى لهم النجاح فى السياسة مثلما كانوا ناجحين فى العمل الدعوى والخيرى. لذلك سوف أحاول فى السطور القادمة أن أكشف عن بعض الأسباب التى أدت إلى فشل التجربة الإخوانية فى العمل السياسى عقب نجاح مرشحهم محمد مرسى فى الوصول لكرسى الرئاسة فى شهر يونيه العام الماضى ولم يستمر فى هذا المنصب سوى لمدة عام واحد فقط: - قرار خوض انتخابات الرئاسة كان من أكبر أخطاء الجماعة لأنها لو كانت تملك عقولاً سياسية لأدركت قبل اتخاذها هذا القرار أن مصر بعد ثورة 25 يناير كانت تعانى من اضطراب الأوضاع وأن احتمالات نجاح أى رئيس تكاد تكون معدومة. - حتى بعدما نجح محمد مرسى فى الوصول للرئاسة فشلت الجماعة فى التكيف مع المجتمع سياسياً وتعمدت اتباع المنهج الاستقطابى لأبناء الجماعة والإقصائى لأى تيار سياسى آخر حتى لو كان ممن ساندوا مرسى فى جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة. - تصورت الجماعة بشكل خاطئ وساذج، أنها يمكن أن تدير الدولة بسياسة السمع والطاعة التى يتربى عليها الإخوان، وأنهم سينجحون فيها مثلما نجحوا فى إدارة شئون الجماعة طوال 80 عاماً. - أخطأ الإخوان عندما تصوروا أنهم يستطيعون فرض سياسة الأمر الواقع على الشعب من خلال إصدار إعلانات غير دستورية ساهمت فى تقسيم المصريين والاستعانة ببعض الشخصيات، مثل حازم أبو إسماعيل وأتباعه لمحاصرة المحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامى وحرق مقر حزب الوفد وغيرها.. وتوهموا أن الشعب يمكن أن يقبل بهذه التجاوزات الفجة التى ساعدت على زيادة حالة الاحتقان الشعبى ضد سياسات الجماعة. - لم يتعلم الإخوان من تجربة الحزب الوطنى المنحل، بل كرروا نفس أخطائه حرفياً، بداية من تخوين المعارضين والتشكيك فى وطنيتهم وولائهم لمصر واتهامهم بالعمالة، مروراً بمحاولات فاشلة لتشويه سمعتهم والنيل منهم بأى طريقة. - ثبت بالتجربة خلال فترة وجود مرسى فى الرئاسة، أن الإخوان عكس ما كانوا يروجون له لسنوات طويلة أن لديهم كفاءات وخبرات فى كل المجالات، وهو ما ثبت أنها كانت مجرد دعايات فارغة وأكاذيب فجة. - راهنوا بشكل خاطئ على أن القوى الكبرى، وفى مقدمتها أمريكا وحليفتها إسرائيل، ستظل حامية لهم ولوجودهم فى السلطة طالما التزموا بتقديم تنازلات وضمانات تحقق مصالح أمريكا وأمن واستقرار إسرائيل، ولم يدركوا أن رهانات أمريكا تكون على مصالحها فقط، وأنها تنحاز للشعوب وإراداتها وقت الضرورة مثلما حدث مع نظام مبارك، وتكرر مع مرسى عندما خرج الملايين ضده. - تصوروا واهمين أيضاً أن ضغوط أمريكا والاتحاد الأوروبى ضد النظام والحكومة الجديدة فى مصر ستؤدى إلى إعادة مرسى للرئاسة وعودة مجلس الشورى المنحل ودستور الإخوان الصادر فى 2012.. وتوهموا أن النظام الجديد لن يقوى على فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة بسبب الضغوط الخارجية تحت أى مسمى، وهو ما ثبت أنه كان وهمًا كبيرًا.