يحسب لنظام مبارك غير المأسوف عليه أنه لم تقتل متظاهرة خلال سنوات الحراك والاحتجاجات الخمس الأخيرة في عهده باستثناء تحرش مقصود من بلطجية بفتاة في مظاهرة أمام نقابة الصحفيين وكان حادثًا مستهجنًا ومحرجًا لذلك النظام ولم يتكرر. ويحسب للمجلس العسكري خلال حكمه للبلاد، أنه لم تقتل متظاهرة في عهده، رغم الدم الكثير الذي سال هنا وهناك باستثناء تعرية فتاة في ميدان التحرير، وهي الحادثة المدانة والتي استغلها معارضوه لتصعيد الهجوم ضده وتجريسه، مما دفعه للاعتذار ولم يكررها جنوده، وكانت هناك واقعة أخرى سبقتها تتعلق بكشف العذرية وقد أحرجته داخليًا وخارجيًا ودفعته لمحاكمة المتورطين في ذلك التصرف غير الأخلاقي ولا القانوني. ويحسب لمرسي أنه لم تقتل متظاهرة في عهده رغم كثرة المظاهرات التي شهدها عامه الوحيد في الحكم، باستثناء لطم فتاة على وجهها أمام مكتب الإرشاد، وقد روجها المعارضون بشكل واسع وحاصروا بها الإخوان، وهي مدانة بالطبع وقد اعتذروا عنها. أما في العهد الجديد، فقد صار كل شيء فيه مباحًا، عادت مصر إلى مرحلة كنا نتصور أننا طويناها للأبد من تكميم للأفواه، وقمع لحرية الرأي والتعبير، وعمليات القبض الواسعة على الخصوم والمتظاهرين بتهم فضفاضة، وإسالة أنهار من الدماء، وإطلاق فرق البلطجية كالكلاب المسعورة على شعب مرسي المنبوذ للتنكيل به وسط صمت الداخلية أو تواطئها، وأكثر ما يحدث إيلامًا للنفس السوية بعد مجزرة الساجدين أمام نادي الحرس الجمهوري، هي مجزرة العار في المنصورة قبل يومين والتي سقط فيها ثلاث مصريات نحسبهن عند الله شهيدات، وهي جريمة مدانة بشدة، وتستحق انتفاضة أخلاقية من كل مصري حر على ضياع المروءة والرجولة والشهامة في زمن الانحطاط الذي يبشر بأن القادم أسوأ وأننا قد نندم على ما سبقه من عهود. بالنسبة لي على الأقل، وبعد ذلك الذي يحدث من ردة للخلف في ملف الحريات والديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان وظهور فاشية تفوق ما كانوا يسمونه فاشية دينية وتضييع كل منجزات ثورة 25 يناير حتى لو كانت ضئيلة، وكأن من يدعم مرسي اليوم صار بلا حقوق ولا حماية وأصبح دمه مهدورًا وخارج حسابات تلك السلطة التي تميز بين المصريين وتعتمد مبدأ "إما معنا أو ضدنا". أيها الحكام لماذا لا تؤمنون مسيرات معارضيكم، كما تؤمنون مسيرات واعتصامات أنصاركم في ميدان التحرير حتى وهو خالٍ من المتظاهرين، ومتروك للبلطجية والباعة يمرحون فيه؟ أليس مؤيدو مرسي هم من شعب مصر؟ أم أنكم أسقطتم الجنسية عنهم، وتتركونهم لبلطجية يتحركون بالريموت كنترول ينهشونهم، ويستهدفونهم بالرصاص الحي والخرطوش والسلاح الأبيض والترويع بالكلاب كما حصل في المنصورة ؟! لو الرئيس المؤقت رئيسًا فعليًا لقام بإقالة وزير الداخلية فور استشهاد المصريات، أو بعد مجزرة الحرس، أو بعد تكاثر قتلى الشوارع. محمد البرادعي وشركاؤه قالوا كثيرًا إن شرعية مرسي كرئيس سقطت مع سقوط أول قتيل عند الاتحادية، ولذلك نسأل: ألم تسقط شرعية البرادعي والشركاء وبقية الحكام، بعد سقوط مئات القتلى بينهم سيدات وأطفال، أم أن النسيان هو آفة حارتنا كما قال نجيب محفوظ؟! أوجه هنا التقدير إلى مها أبو بكر عضو المكتب السياسي لحركة "تمرد" لأن موقفها على "الجزيرة" من دماء المصريات والمصريين مسئول ومحترم ويسمو لحجم الكارثة، فقد كانت واضحة في الإدانة وفي تحميل المسئولية للرئاسة والجيش والشرطة، بينما الساسة الكبار أمثال البرادعي وصباحي مارسا المراوغة وهما يدينان بتوزيع المسئولية على البلطجية، وعلى الإخوان، بزعم أنهم يدفعون النساء لمثل هذا المصير. عجيب أمركم، هل مطلوب من الإخوان أن يمنعوا النساء المتعاطفات مع قضيتهم من التظاهر؟ هل في المرحلة الانتقالية تقتصر المظاهرات على الرجال فقط؟ ولماذا لم تمنعوا النساء من التظاهر ضد مرسي وقبله المجلس العسكري في كل ميدان وشارع؟ تلومون من تسمونهم "الظلاميين" لأنهم يعرقلون المشاركة السياسية للمرأة، فهل أصابتكم عدوى إقصاء المرأة وأصبحتم أنتم الظلاميين؟! رحمة الله على حرائر مصر، شهيدات مصر، وعلى كل شهداء مصر. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.