استبعدت مصادر قضائية مطلعة حدوث أي انفراجة في أزمة القضاة مع النظام بعد فشل جميع محاولات الوساطة بين الطرفين ، والتي اصطدمت بتشديد حكومي غير مبرر وعدم رغبة من النظام في حل مشاكله مع القضاة سواء المتعلقة بمشروع قانون السلطة القضائية أو بإحالة المستشارين محمود مكي وهشام البسطويسي إلى لجنة الصلاحية. وأرجعت المصادر إلغاء اللقاء الذي كان مقررا بين المستشار محمود أبو الليل وزير العدل والمستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة إلى عدم التزام الحكومة بالوعود التي قطعتها على نفسها لحل الأزمة وعدم اتخاذ مجلس القضاء الأعلى لأي قرار بتجميد القرار الإداري بإحالة مكي والبسطويسي إلى لجنة الصلاحية ، مشيرة إلى أن النظام مارس ضغوطا شديدة على المستشار محمد صديق برهام لعدم سحب الشكوى المقدمة منه ضد البسطويسي ومكي واستمرار النهج المتشدد لمجلس القضاء الأعلى في التعامل مع قضية الإحالة لمجلس الصلاحية. ورجحت المصادر استمرار القضاة في اعتصامهم للأسبوع الثاني على التوالي خصوصا أن الحكومة لم تقدم جديدا واكتفت بترديد أقاويل عن قرب حل الأزمة لخلق حالة من الارتخاء في أوساط القضاة والقوى السياسية المؤيدة لهم ، وإيهام الرأي العام بأن النظام لا يعش أزمة دستورية. في سياق متصل ، يواصل نادي القضاة مساعيه لحشد أكبر قدر من الأنصار والمؤيدين أمام محكمة جنوبالقاهرة بباب الخلق أثناء نظر استئناف الطعن المقدم من المستشارين مكي والبسطويسي ضد قرار رئيس محكمة استئناف القاهرة الذي سبق وأن أحال التحقيق معهما إلى وزير العدل متنازلا بذلك عن اختصاصه بالتحقيق مع المستشارين. في سياق متصل ، علمت "المصريون" أن نادي القضاة تراجع عن عزمه إرسال مذكرة لرئاسة الجمهورية لنفي وجود أي انشقاقات داخل النادي بعد أن نما إلى علم أعضائه أن مسئولين قد نقلوا للرئيس مبارك أنباء عن وجود خلافات داخلية بين أعضاء النادي ، وقالت مصادر قضائية إن هذا التراجع قد جاء بعد أن أظهرت الأحداث الأخيرة وجود أكبر قدر من التضامن في أوساط القضاة مع مطالب النادي خاصة اعتداء قوات الأمن المركزي على عدد من القضاة . من ناحية أخرى ، قلل العديد من القضاة من أهمية اللقاء الذي جمعهم مع المستشار ماهر عبد الواحد النائب العام ، معتبرين أن الوعود التي قدمها عبد الواحد بتسوية أزمة النظام مع القضاة ما هي إلا أداة لتخدير القضاة وخداعهم. من جانبه ، أكد المستشار محمود مكي نائب رئيس محكمة النقض عدم وجود أي نية لدي الحكومة ، ممثلة في وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى ، لحل أزمة القضاة والاستجابة لمطالبهم ، مشيرا إلى أن ما يحدث هو مجرد تخدير للرأي العام والإيحاء بأن مشكلة القضاء في طريقها للحل حتى تنفض القوي السياسية المتضامنة مع القضاة من حولهم . وشدد مكي على أن الالتفاف حول القضاة ومطالبهم الإصلاحية من جانب القوي الوطنية والمنظمات الحقوقية والجماهير يزداد يوما بعد يوم وسيتضح هذا يوم الخميس القادم موعد جلسة التحقيق مع المستشارين البسطويسي ومكي في مجلس الصلاحية. واستبعد مكي أن يسحب المستشار محمد صديق برهام بلاغه من مجلس الصلاحية لإنهاء هذه المحاكمة ، حسب ما زعمت تقارير صحيفة ، مرجعا ذلك إلى غياب رغبة حقيقية لدي الحكومة لحل هذه المشكلة فلو كانت الحكومة راغبة في حل هذه المشكلة لقرر المستشار محمود أبو الليل وزير العدل إلغاء قرار الإحالة ، وذلك من صلاحياته . وأوضح مكي أن هناك رغبة جامحة لدي أعضاء مجلس الصلاحية المعينين في مجلس القضاء الأعلى للانتقام من القضاة لإبدائهم آراء في مجلس القضاء الأعلى ومطالبتهم بأن يكون أعضاء المجلس بالانتخاب وهو ما أزعجهم. من جانبه ، أشار المستشار هشام البسطويسي نائب رئيس محكمة النقض إلى عدم دستورية وصلاحية مجلس التأديب للتحقيق مع القضاة وأنهم سيثبتون ذلك أثناء التحقيق وأنهم سيفضحون وقائع تزوير الانتخاب في الدوائر ، مشددا على أن القضاة لن يتراجعوا عن مطالبهم الإصلاحية وإطلاق مشروع قانون السلطة القضائية ، فهذه خطوط حمراء لا يمكن التنازل عنها لتحقيق استقلال كامل للقضاء