حثت الباحثة الأمريكية تمارا كوفمان ويتس، إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما على استغلال نفوذ الولاياتالمتحدة في مصر للضغط من أجل أن تعود مصر إلى مسار الديمقراطية وضمان ألا يكرر قادة مصر القادمون نفس أخطاء الرئيس المعزول محمد مرسي. وقالت ويتس، الباحثة بمركز الأبحاث الأمريكي "بروكينجز"، إن الإطاحة بحكم الرئيس محمد مرسي لن ينهي الاضطرابات السياسية في البلاد، وأن الدروس المستفادة من الثورة المصرية تظهر أن تحقيق الاستقرار الدائم يتطلب حكومة شاملة تتحمل المسؤولية أمام الشعب المصري وتستجيب لمطالبه من أجل الحرية والكرامة، وهو الدرس الذي لم يستوعبه محمد مرسي وجماعته، على حد قولها. وأشارت إلى أن العديد من المصريين كانوا يرتابون في جماعة الإخوان، إلا أن منهج مرسي في فرض رؤيته وطريقته فقط على الانتخابات والدستور وغيرها من القضايا الرئيسية، بالإضافة إلى استعداده لاستعادة الممارسات والقوانين القمعية للنظام السابق من أجل استخدامها ضد ناقديه نفّر الكثيرين منه. وبالنسبة للولايات المتحدة فإن هذه التحركات كان ينبغي أن تطلق صافرات الإنذار بأن مصر لا تسير على الطريق الصحيح للديمقراطية المستقرة، إلا أن استجابة الإدارة الأمريكية كانت بطيئة. وترى ويتس أن جماعة الإخوان المسلمين أبلت بلاءً حسنًا في الانتخابات بفضل الأصوات الاحتجاجية التي اكتسبتها على مر سنين، ولكن هناك أيضًا شريحة كبيرة من المجتمع تشعر أن جماعة الإخوان المسلمين هي أفضل من يمثلهم سياسيًا، وهؤلاء أيضًا لهم الحق في تشكيل الأحزاب ودعم المرشحين الذين يعكسون معتقداتهم. وحذرت من أن أي محاولة لحظر الأحزاب الإسلامية أو علمنة الإطار العام بالقوة لن تتسبب في فقط في تنفير أعضاء جماعة الإخوان ولكنها ستنفر أيضًا كل هؤلاء المصريين الذين يقولون في الاستطلاعات إنهم يؤمنون بأن السياسة يجب أن تعكس تأثير الإسلام. وأضافت أن جماعة الإخوان المسلمين أيضًا عليها اتخاذ بعض القرارات والتي من شأنها أن تحدد ما إذا كانت مصر ستتجه نحو المزيد من الاستقرار أو نحو حرب أهلية، فإذا اختارت الجماعة أن تقاوم بعنف فإن الدولة قادرة على سحق جهودهم ولكن الثمن سيكون باهظًا، مشيرة إلى أن المصريين البسطاء والأقليات الدينية في البلاد على الأرجح ستكون الخاسر الأكبر. واعتبرت أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو التيارات السلفية التي قفزت مؤخرًا لمعسكر السياسة الرسمية ولكن لا تزال يملأها الشك، فهذه الجماعات لديها ماضي عنيف، والآن بعدما تم تجاوز الديمقراطية باسم الدفاع عن "الحرية" فهل سيرى هؤلاء سببًا للبقاء في اللعبة السياسية؟. وشددت ويتس على أنه إذا تبع هذا الانقلاب قمع لا لزوم له فإنه سيتسبب في خلق جيل جديد من الإرهابيين الإسلاميين في مصر، مشيرة إلى أن المصريين عانوا بما فيه الكفاية من الإرهاب بالفعل. وأشارت إلى أن حتى لو كان هذا العمل العسكري للإطاحة بالرئيس المنتخب جاء استجابة لمطلب شعبي فإن ذلك لا يعني أنه لم يكن انقلابًا. وأضافت أنه من الممكن بكل تأكيد أن يحقق الانقلاب العسكري تنمية ديمقراطية، ولكن حدوث ذلك أمر نادر. وقالت ويتس إن القرارات التي أعلن عنها وزير الدفاع، عبد الفتاح السيسي، بإعادة سلطة الدولة مرة أخرى في أيدي ثلاث من أقوى أدوات نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك: الجيش والداخلية والقضاء. ودعت الباحثة الأمريكية إدارة الرئيس أوباما على استخدام نفوذ الولاياتالمتحدة لدى الجيش المصري للضغط من أجل الحصول على أدلة واضحة، أن السلطة الانتقالية الجديدة ستحكم بشفافية وضبط للنفس، وستعيد البلاد بسرعة إلى الحكم الديمقراطي، مشيرة إلى أن ذلك يجب أن يبدأ بجدول زمني واضح وسريع للعودة للحكم الديمقراطي. ولفتت ويتس إلى أن الولاياتالمتحدة لديها قانون يدعو للقطع الفوري للمساعدات في حالة حدوث انقلاب عسكري، وأن القانون الأمريكي تم تصميمه بشكل يعطي الحكومات التي تنشأ بانقلاب حافزًا قويًا لإعادة بلادهم إلى الحكم الديمقراطي، حيث يمكن استئناف المساعدات فور عقد انتخابات ديمقراطية جديدة. واختتمت ويتس داعية إلى تحكيم القانون الأمريكي في الحالة المصرية، واستخدامه لتحميل الجيش المصري مسئولية إحراز تقدم سريع في خارطة الطريق الانتقالية التي وضعها.