ما علاقة مظاهرات 30 يونيه والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة بحرق مقرات الإخوان، كنا نشاهد على الهواء مباشرة حرق المقر الرئيسي بالمقطم، فهل ذلك فعل ثوري؟ أم استمرار لخطة منظمة تنفذ على مراحل منذ أشهر؟! خليط عجيب يجمع 30 يونيه، لكن المؤكد أن من بينهم جماعات المصالح التي ترتبط بالنظام السابق والبلطجية المستأجرين، وهم أبرز من يرتكبون الجرائم المدانة بتغطية سياسية من قوى معارضة وحركة "تمرد". أيًا كانت الأعداد التي خرجت من هذا الخليط، لكن هناك شارع آخر يؤيد شرعية الرئيس، وهو شارع أثبت سلميته ونبذه للعنف باستثناء بعض عبارات لفظية خرجت في أجواء الحماسة الخطابية على المنصة وسط ألوف من المشاركين، وهو شارع أيديولوجي لن يتخلى عن خياره السياسي والشرعية التي يدافع عنها. ولو افترضنا جدلاً أن الرئيس خضع ورحل، فهل سيتقبل ذلك جمهوره بسهولة خصوصًا وهناك تهديد واضح من معارضين بأن أحزابًا وجماعات وشخصيات من داعمي مرسي سيخضعون لمحاكم ثورية، وسيعودون للسجون والمعتقلات، وأن صحفًا وفضائيات ستغلق، أي الإقصاء، وهذا كلام خطير لأنه بعد التمتع بالحرية لن يسمح أحد ممن ينتمي لأي تيار سياسي بأن تصادر حريته، أو تنتهك حقوقه، أو يتم عزله، أو يتعرض للتنكيل مرة أخرى. إجبار الرئيس على إجراء انتخابات مبكرة، أو الاستقالة ولو تحت ضغط مليون متظاهر مثلاً سيكون أسوأ وصفة أنتجتها ثورة 25 يناير لأن مرسي الذي بقى عامًا ورحل لن يمضي التالي له إلا أشهرًَا قليلة حتى يخرج متظاهرون آخرون يطيحون به، وبالتالي لن تتأسس ديمقراطية في مصر، وسيكون العودة للاستبداد هو الخيار الأقوى. من يحكم بأن شعب مصر خرج كله للشوارع كما نسمع منذ صباح 30 يونيه وحتى اللحظة؟ أليس شعب مصر هو الآخر حاضرًا في ميدان رابعة العدوية، وميادين أخرى؟ أم أن مؤيدي مرسي ليسوا مصريين؟ وهذا معنى خطير، فإذا كانت المعارضة وهي خارج السلطة تمارس هذا التصنيف الإقصائي، فما بالنا إذا تولت الحكم؟! جاء بسرعة اليوم الذي يحصل فيه أنصار النظام السابق الذين عاثوا في البلاد فسادًا وتخريبًا على قبلة الحياة ليتحولوا إلى ثوار يحتشدون لإسقاط رئيس خرج من رحم ثورة يناير، وهي فرصتهم التاريخية، ولا يريدون التفريط فيها، وتصريحات البعض منهم طوال الساعات الماضية تحمل معاني التهديد والوعيد، وكأن مصر قد دانت لهم، وجاء الوقت الذي يقومون فيه بتصفية حساباتهم مع صناع ثورة يناير، ولا يتصور من يشاركونهم المظاهرات من المعارضة والشباب أن شركاءهم اليوم من النظام السابق سيترفقون بهم، بل مع أول انتخابات رئاسية وبرلمانية سيكون تصويتهم موجهًا لمن ينتمي لهم، ولا أستبعد لو سارت الأمور كما تخطط المعارضة، فإننا سنستيقظ على رئيس من رجال مبارك مثل أحمد شفيق وبرلمان أغلبيته من الفلول، وكأنه لا ثورة قامت، ولا تغيير قد تم، ويكون سيناريو رومانيا الذي كنا نعتقد أننا تجاوزناه قد تحقق عندنا أيضًا. مصر دخلت نفقًا مظلمًا، وتعيش، وتنام فيه. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.