كان للجاحظ رسالة فكاهية تحت عنوان " التربيع والتدوير يصف فيها أحد الناس حيث كان يتمتع بأعضاء وملامح صغيرة يجب أن تكون كبيرة ، وأخرى كبيرة يجب أن تكون صغيرة ! . تذكرت هذه الرسالة حينما قررت أن اشترى قطعة شيكولاته بجوز الهند اسمها معروف جدا ً حيث كنت أحب التهامها منذ سنوات .. ويبدوا أن التخفيض نزل على تلك القطعة التي كانت تباع ب25قرشا ً .. فهي هي بنفس السعر ولكنها تحولت من قطعه فى حجم الإصبع إلى قطعة في حجم عقلة الإصبع !. نفس الشيء حدث لمشروع عصير القصب .. فالكوب الذي كان بربع جنيه أصبح بنصف جنيه وصنعوا للكوب المقدر له ربع جنيه كاسات صغيرة مثل التي تستعمل في معامل كليات العلوم !!. نفس الشيء حدث لزجاجة الكحة حيث أعانى من كحة شديدة منذ شهور فالزجاجة تقزمت وأصبحت بلاستيكية تنفع فى للعب وليس في التداوى !!. الأعجب .. أن ساندوتش الفول الذي كنت استطعمه عند " بتاع الفول" المفضل لدى أصبح ينتهي عند التهامه فى غضون إشارات ضبط الوقت ، بينما كنت فيما مضى انتهى منه لحين الانتهاء من دقات ساعة بج بن وانتهاء نشرة الأخبار في إذاعة لندن !!. هذا التقزم العجيب فى الحاجات والمحتاجات يبشر بعملقة الإنسان المصري الذي أصبح ضخما بجوار هذه المبيعات !. فإن كان المواطن المصري ينتمي للعالم الثالث .. إلا أنه بتطبيق نظرية النسبية " لأينشتين " يجب أن ينضم سريعا للعملاق الأول فهو كبير .. كبير.. بجوار ما يشترى وما يأكل حسب قدرته المالية .. فهناك بالفعل سلع حجم عائلي ولكنها ليست في طاقته المتقزمة !. هذا الموقف الساخر في واقعية الحياة الحالية فهمه الفنان الساخر الراحل نجيب الريحاني في فيلم "لعبة الست " حينما جاءته زوجته الناشز لتزوره في بيته بعد أن تزوجت غيره وتمردت على تقزم مرتبه وحياته فأرادت أن تتهكم على تقزم حاجاته ومحتاجاته فسخرت من الفواكه الموجودة بصالة المنزل كالعنب والتفاح ورغيف الخبز .. وقالت .. كل شيء في بيت زوجها اللبناني العملاق . " أد كده " وتشير بيديها الى كبر الحجم العائلي لكل سلعة . وهنا فطن نجيب الريحاني إلى خبث طويتها حينما أشارت إلى البطيخ وقالت له : ما هذا ؟! فقال لها : هذا زيتون !! ولكن من تغفيلهم " في مصر يسمونه : بطيخ !! ولا أنسى أن أقول إن رغيف الخبز الموجود في المخابز البلدية حاليا ً ربما يكون "حبوب فيتامين " ومن "تغفيل" المواطن البسيط بيسميه " عيش " لكي يعيش .... المنشاوي الورداني