رأت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية أن العامين ونصف العام الماضيين هما الأكثر زخرا بالأحداث في تاريخ الشرق الأوسط المعاصر. وأشارت -في تعليق على موقعها الإلكتروني الثلاثاء- إلى ما شهدته هذه الفترة الوجيزة من إطاحة الثورات الشعبية بالأنظمة الديكتاتورية في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن، واندلاع حرب أهلية في سوريا، بالإضافة إلى عودة ظهور الحركات الإسلامية، وارتفاع النبرة الطائفية، واحتدام الصراعات حول طبيعة الدولة، ونشوب حرب إقليمية وعالمية بالوكالة عبر دعم قوى متصارعة في سوريا. وتساءلت المجلة عما يمكن أن يكون العرب بصدد التفكير فيه الآن في ظل هذه الأوقات المضطربة. وحاولت المجلة البحث عن جواب لسؤالها عبر التطرق إلى دراسة حديثة أجراها المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات بالدوحة على عينة ضمت 20 ألف شخص في 14 دولة عربية في الفترة من يوليو 2012 وحتى مارس من العام الجاري. وتشير نتائج الدراسة، التي أجريت وجها لوجه، إلى أن نسبة 61\% من العينة ترى الربيع العربي في عمومه أمرا إيجابيا مقابل نسبة 22\% تراه سلبيا. ولفتت "الإيكونوميست" في هذا الصدد إلى أن الغرب يرى مقابل النتائج السيئة للربيع العربي نتائج أخرى إيجابية كارتفاع معدلات حرية التعبير على سبيل المثال. وفيما يتعلق بالأزمة السورية، كشفت نتائج الدراسة عن أن نسبة 66\% من العينة ترى أن نظام الأسد ينبغي الإطاحة به مقابل 3\% فقط ترى أنه ينبغي سحق المعارضة، بينما لم تتجاوز نسبة من يعتقدون في جدوى المفاوضات السلمية 10\%. كما رصدت الدراسة رغبة معظم العينة في إقامة أنظمة ديمقراطية تعددية تتبارى فيها كافة الأحزاب دينية كانت أم غير ذلك. كما رصدت رغبة هؤلاء في إعادة النظر في نفوذ رجال الدين على الشئون العامة، فيما رصدت انقسامهم حول ضرورة الفصل بين الدين والسياسة من عدمه. وحول الهوية العربي، كشفت الدراسة تمسك معظم العينة في الدول الأربع عشرة بالهوية العربية على الرغم من اختلاف التجربة الخاصة التي تعايشها كل دولة؛ حيث رأى أربعة أخماس العينة أن العرب أمة واحدة كما أعلنت ثلاثة أرباعها دعمها للتكامل بين الدول العربية. ورصدت الدراسة رفض الغالبية العظمى من العينة الاعتراف بإسرائيل رسميا؛ مشيرة إلى أن نسبة 36\% من هؤلاء يعتبرون إسرائيل الكيان الأكثر تهديدا لأمن بلادهم، فيما تضفي نسبة 11\% هذا الوصف على أمريكا. أما في اليمن والعراق والكويت والسعودية، فإن أكثر من ثلث العينة في تلك البلاد تعتبر إيران الأكثر تهديدا. وقد تمخضت الدراسة عن بعض النتائج المدهشة، فعلى الرغم مما لعبته تقنيات الإنترنت عبر مواقع التواصل الاجتماعي من دور مهم في إنجاح الثورات، إلا أن العالم العربي لا يزال يعتبر الإنترنت بمثابة ظاهرة، بحسب المجلة. وقد كشفت نتائج الدراسة عن أن نسبة 55\% من العينة لم تستخدم مطلقا الإنترنت بينما تعتمد على التليفزيون كمصدر للأخبار.