نشرت مجلة "الإيكونوميست" تقريراً عن السبب الرئيسي لإشعال فتيل الاحتجاجات في الربيع العربي، والذي لفتت النظر إلى أن السبب هو أزمة الغذاء خاصة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تعتمد على استيراد المواد الغذائية أكثر من أي منطقة أخرى، فمعظم الدول العربية تشتري نصف غذائها من الخارج وذلك بين عامي 2007 و 2010، وارتفعت واردات الحبوب للمنطقة بنسبة 13 % أي إلى 66 م طن، وتعلل المجلة هذا الارتفاع بأن دول المنطقة تستورد الكثير جدا، عندما ترتفع الأسعار لامتصاص ارتفاع سعرها في المواد الغذائية، وفي 2007- 2008 ثبتت الأسعار ولكنها تضاعفت مع المحاصيل الأساسية، وارتفعت أسعار المواد الغذائية المحلية بنسبة 37 % في 2008-2010. وتشير المجلة إلى أن الخبز تسبب في تصاعد موجة من أعمال الشغب وشهدت البحرين واليمن والأردن ومصر والمغرب مظاهرات حول المواد الغذائية 2008 ، وتضيف الصحيفة أن هذه الدول عانت من انتفاضات سياسية بعد ثلاث سنوات فيما بات يعرف بالربيع العربي، ونقلت المجلة عن جين هاريجان من مدرسة لندن للدراسات الشرقية والأفريقية قوله” إن ارتفاع أسعار الغذاء كان بمثابة المسار الأخير في نعش الأنظمة التي فشلت في الوفاء بالعقد الاجتماعي من جانبها “. وتشير المجلة أن ارتفاع أسعار الغذاء يدفع إلى زيادة الإنفاق العام، وذلك لأن معظم الدول العربية تعوض ارتفاع الأسعار العالمية للحفاظ على أسعار المواد الغذائية بسعرها المحلي، وترى المجلة أن تكلفة تلك السياسات باهظة، فدعم المواد الغذائية يلتهم نحو 4 % من ميزانية مصر، والمغرب عزز الانفاق على الوقود والغذاء إلى 5 مليارات دولار هذا العام، كرد فعل على الاحتجاجات، ومعظم الدول العربية تزيد من دعمها مثل الكويت التي وفرت المواد الغذائية الأساسية مجانا للجميع لأربعة عشر شهرا. وترى الصحيفة أن هذا الدعم له آثار ضارة، فوفقا لاستطلاع أجرته مؤسسة جالوب العالمية، فإن بين نصف وثلاثة أرباع الشعوب العربية تقول إنها غير راضية عن جهود حكوماتها لمكافحة الفقر، وتضيف الصحيفة أن رخص سعر السعرات الحرارية مضر بالصحة، فالدول العربية كما تقول الصحيفة بها أكبر معدلات السمنة في العالم، حوالي 30% من البالغين في مصر و 35 % من الأردنيين يعانون من السمنة المفرطة، وتقول الصحيفة أن هذا الدعم لا تتحمله دولا كثيرة خاصة التي تستورد النفط. وتشير المجلة إلى تزايد الحاجة إلى الإصلاح، فالمجلة ترى أن الدعم للسلع الغذائية ينبغي استهدافه في عمليات الإصلاح الاقتصادي لأنه غير فعال، وتضرب الصحيفة بمصر مثلا على ذلك، فالمصريون يستغلون رخص سعر الخبز ويستخدمونه كطعام للحيوانات، فالأربعين في المائة الأكثر فقرا يحصلون على أقل من أربعين في المائة من الإنفاق على الخبز المدعم، وترى المجلة أيضا أن الطبقات الوسطى تأخذ أكثر من حقها في الاستفادة من هذا الدعم، فلقد كشفت دراسة جديدة أجراها المعهد الدولي لأبحاث السياسة الغذائية، أنه بدلا من الدعم الشامل يمكن أن نقلل الدعم في الوقت الذي نحمي فيه الفقراء، ولكن الحكومات لا تريد أن تجازف وتقتطع من دعم الطبقة الوسطى.