أودعت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، حيثيات حكمها بإلزام كل من الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزيري الدفاع والعدل ورئيس جهاز المخابرات العامة والمخابرات الحربية، بإطلاع الشعب على ملابسات حادث مقتل 16 فرداً من أبناء القوات المسلحة فى منطقة رفح بسيناء فى أغسطس عام 2012، ومرتكبيها وما اتخذ بشأنها من إجراءات وتحقيقات. وأكدت المحكمة فى حيثيات حكمها أن ما تعرض له أفراد القوات المسلحة فى أغسطس الماضى أثناء أداء واجبهم المقدس فى حماية حدود الوطن هو اعتداء إرهابى غاشم ولا شك أن تلك الجريمة الإرهابية قد أوجعت كل مصري ونالت من كرامته وعزته، بأنها وقعت على قواته المسلحة التى هى ردع الوطن وسيفه وسياج أمنه وأمانه وموضع فخره واعتزازه على مدى العصور والأزمنة. وقالت المحكمة إنه واجب على كافة سلطات الدولة المعنية باتخاذ كافة الإجراءات والأعمال بما فيها استخدام القوى العسكرية اللازمة على الفور لتعقب المجرمين الذين دنسوا أرض الوطن وتجرأوا على حدوده، وهانت عليهم دماء أبنائه الذكية دون مراعاة حرمة أو دين أو قانون، حتى يتم الكشف عنهم ومساءلتهم ومحاسبة من ناصرهم أو عاونهم أو حرضهم أو شارك معهم. كما يجب على سلطات الدولة المعنية وعلى رأسها رئيس الجمهورية، أن يعلن للشعب دون إبطاء أو تأجيل كافة الملابسات الخاصة بالحادث وأسبابه ومرتكبيه وإطلاع الشعب على ما اتخذته الدولة من إجراءات أو تحقيقات فى هذه الجريمة، ولاشك أن تلك حقوق للشعب لا محل للمجادلة فيها أو إنكارها عليه أو الانتقاص منها على اعتبار أن السيادة فى الدولة تكون للشعب وفقاً للدستور، فلا سلطة تعلو ولا سلطة تسمو على إراداته. وتبين للمحكمة أنه حتى الآن لم يصدر عن أية سلطة فى الدولة بما فيها رئيس الجمهورية، ما يكشف عن ملابسات هذا الحادث الإجرامى ومرتكبيه وما تم بشأن التحقيق فيه وهو ما يعد مخالفة للدستور وحجباً لحق كفله للشعب، فليس من شك أن من حق الشعب المصري بعد ثورته المجيدة فى 25 يناير التى فجرها أبناؤه وشبابه الأطهار وبذلوا فى سبيلها دماءهم وأرواحهم أن يشارك ويتابع كل ما يهم وطنه ويحقق تقدمه ويصون أرضه وعرضه وكرامته، خاصة إذا تعلق الأمر بالقوات المسلحة التى هى ملك للشعب وحمت ثورته وحرصت على نجاحها. وذكرت المحكمة أنه من غير المقبول الاحتماء وراء دواعى الأمن القومي للبلاد أو سرية التحقيقات أو خلافه لتبرير عدم الإعلان حتى الآن عن ملابسات الجريمة ومرتكبيها وما اتخذ بشأنها وما آلت إليه التحقيقات، خاصةً أن الإعلان عنها من شأنه أيضاً تحقيق الأمن القومي حيث سيشعر المواطن بتقدير السلطة المختصة لحقوقه وكرامته ويضحى مستعداً لمشاركة تلك السلطة فى اتخاذ ما تراه للثأر لكرامته ورد وردع من تجرأ على المساس بها وبقواته المسلحة. وأوضحت المحكمة أن الإعلان عن ملابسات تلك الجريمة دون إبطاء أو تراخٍ من شأنه أن يضع حداً للشائعات والمعلومات ملأت ربوع الوطن وما زالت، عمن تجرأ على دماء وأرواح أبناء القوات المسلحة، متهمة جاراً أو أخاً مسلماً فى الضلوع بارتكاب هذه الجريمة. وألزمت المحكمة رئيس الجمهورية استناداً إلى المادة 146 من الدستور التى نصت على أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأن هذه القوات طبقاً لنص المادة 194 مملوكة للشعب ومهمتها حماية البلاد، وأن ممارسة السلطة ليست ميزة شخصية لمن يتولاها ولا تجيز له أن تأبى بها على أحكام الدستور والقانون ولا تخوله أن يذهب بها بعيداً عن الغرض الذى من أجله منحه الشعب إياها، وإنما تكون ممارستها دوماً مقرونة بمبدأ سيادة القانون والخضوع لأحكامه.