بناء إثيوبيا ل"سد النهضة" وتحويل مجرى النيل الأزرق لا يعني إلا شيئًا واحدًا؛ هو إعلان الحرب على مصر، فتلك مؤامرة دنيئة دُبِّرت بليل لتعطيش مصر وشعبها، مما يُعتبر تهديدًا للأمن القومي لمصر. وإسرائيل ليست مبرأة في تلك المؤامرة، بل هي رأس الأفعى التي تثير القلاقل في منابع النيل ضد مصر. هذه المؤامرة تستدعي على وجه السرعة بذل جميع الجهود الدبلوماسية؛ للحفاظ على حقوق مصر المائية، وفي نفس الوقت ضرورة اصطفاف وطني يتكاتف فيه جميع أبناء مصر من حكومة ومعارضة وتيارات سياسية مختلفة؛ من أجل الوقوف في وجه هذا التهديد، فلابد من مواجهة أي انتقاص لحقوق مصر بكافة الوسائل بما يحفظ حقوق مصر ومكانتها وعلاقاتها مع الشعب الإثيوبي وكافة الشعوب الإفريقية. نعم، يجب استنفار كل طاقاتنا الدبلوماسية مع إثيوبيا، بتوفير كافة أشكال التعاون في حل أزمة الكهرباء لدى الإثيوبيين، لكن إذا فشلت تلك المساعي فيجب على الفور التلويح بالخيار العسكري؛ لأنه ضرورة حينئذٍ، والعالم لا يعترف إلا بالأقوياء، والحمد لله؛ فجيشنا المصري العظيم قادر على حماية مصر وأمنها القومي، وحماية ثرواتنا المائية من نهر النيل، لذلك يجب على السلطة الحاكمة أن تُلوح باستخدام "الخيار العسكري" إذا لزم الأمر، في حال فشل الدبلوماسية في حل أزمة "سد النهضة" الإثيوبي، كما لا يجوز التهوين من الأمر، خاصة أن كل الخبراء يؤكدون تأثير بناء "سد النهضة" على حياة ومستقبل المصريين، وأنه تهديد مباشر للأمن القومي المصري؛ فلابد من التحرك السريع، لأن نهر النيل هو شريان الحياة لجميع المصريين. نحن نعلم تمام العلم أن المشكلة ليست وليدة اليوم، ولكنها جزء من ميراث نظام مبارك الكارثي الذي وَرِثته الثورة المصرية؛ من إهمال نظام مبارك في التعامل مع هذا الملف، وكذلك كافة قضايا القارة الإفريقية؛ مما أتاح ل"إسرائيل" أن تعبث في تلك البلاد الإفريقية، لذلك يجب على الحكومة الحالية تصحيح الأوضاع الخاطئة، ومواجهة العبث الإسرائيلي في المنطقة، وأن تتواجد مصر في العمق الإفريقي؛ بالاستثمارات، وبالقواعد العسكرية إذا لزم الأمر، وكما قلت: إن الجيش المصري قادر على استعادة حقوق المصريين في أي وقت. ليس الأمر كما يعتقد البعض أن الحرب دائمًا تكون لخراب البلاد ودمار الشعوب، ولكنها تكون في بعض الأحيان لدعم السلام والتعايش وإقامة العدل والخير في الأرض، إضافةً لردع الظالمين وتأديب الطغاة، ولو سكتنا عن جريمة سرقة مياه النيل لأصيبت مصر كلها بالجفاف في بضع سنوات، وستُلاحقنا وتطاردنا لعنات الأجيال القادمة على تهاوننا وتقاعسنا في ذلك الأمر، إن الأمر جد خطير، ويحتاج إلى قوة وبذل وتضحية وفداء، وإن الموت على أعتاب "سد النهضة" في إثيوبيا لهو خير لنا من أن يَعطش شعب مصر أو أن تصاب أرضها الطيبة بالجفاف، فلابد أن يكون التحرك سريعًا وعاجلًا، وإن الاصطفاف الوطني -حكومة ومعارضة- قد أضحى واجبًا قوميًّا دفاعًا عن مصر وشعبها وتراثها.. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.