استمرارا للأزمة السياسية المتفاقمة في بلاد الرافدين, اتهم رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي رئيس الحكومة نوري المالكي بالتمرد على الدستور, بعد رفضه حضور جلسة برلمانية طارئة لمناقشة التدهور الأمني, ملوحا بإمكانية إقامة دعوى قضائية ضده. ونقلت وسائل الإعلام العراقية عن النجيفي قوله في مؤتمر صحفي بمقر مجلس النواب "البرلمان" في 21 مايو إن المالكي أثبت في تمرده على الدستور, وتحريضه نواب الشعب على عدم ممارسة سلطاتهم الدستورية في مناقشة الانهيار الأمني, أنه ماض بالاستخفاف بالدماء الزكية. وأضاف "امتناع رئيس الوزراء عن الحضور انتهاك واضح للدستور وتعال على مجلس النواب, وكنا نتمنى عليه أن يكون على مستوى عال من الشجاعة ليقف أمام ابناء الشعب ممثلا بمجلس النواب ليشرح مكامن إخفاق حكومته وفشلها في الحد من الموت الجماعي على يد الإرهاب, لا أن يكون محرضا على خرق الدستور والقوانين". وتابع النجيفي " المالكي الذي يحكم البلاد منذ 2006 كان هو وحده العنوان الأبرز والأوحد في صناعة أزمات العراق", المالكي وفر فرصة لعودة النزاع الطائفي إلى العراق من خلال استعدائه بعض شعبنا على بعضه". واستطرد "المالكي يدير الملف الأمني من الألف إلى الياء ويجب أن يسأل عن هذا الملف", مشيرا إلى أن هناك ميزانية كبيرة للقوات المسلحة دون طائل في الحد من الإرهاب والموت الجماعي لأبناء الشعب العراقي. ولوح النجيفي, أحد أبرز الشخصيات السنية في ائتلاف "العراقية", باحتمال اللجوء إلى القضاء على خلفية رفض رئيس الوزراء الحضور إلى مجلس النواب. وكان البرلمان العراقي تبنى في جلسة طارئة في 21 مايو شارك فيها 141 نائبا من بين 325 جملة من التوصيات على رأسها الدعوة لعقد مؤتمر وطني عام يضم "رؤساء السلطات الثلاث ورؤساء الكتل السياسية وقادة المجتمع". كما تضمنت التوصيات الدعوة للانتهاء من تسمية وزيري الدفاع والداخلية، وإعادة النظر بالمؤسسات الأمنية غير الدستورية، والعمل لعقد مؤتمر لصياغة العقيدة العسكرية، وتنظيف المؤسسة الأمنية من "المندسين والإرهابيين والبعثيين". وكان النجيفي دعا إلى جلسة برلمانية استثنائية لمناقشة التدهور الأمني المتصاعد في العراق, إلا أن المالكي دعا النواب إلى مقاطعة هذه الجلسة، وزعم أنها ستتحول إلى "منبر للخطاب الطائفي"، متهما البرلمان بأنه شريك في الاضطرابات الحاصلة في البلاد, في ضوء تأييد النجيفي لمطالب المدن السنية الثائرة في وسط وغرب وشمال العراق. ويبدو أن الأسوأ مازال بانتظار العراق, حيث أجرى المالكي في 21 مايو تغييرات في المواقع الأمنية العليا والمتوسطة، ركزت بالأساس على استبعاد القيادات الأمنية السنية, وهو ما من شأنه أن يفاقم احتجاجات المدن السنية الثائرة. وكانت مناطق متفرقة من العراق شهدت موجة تفجيرات وهجمات غير مسبوقة منذ مطلع مايو راح ضحيتها أكثر من 400 قتيل، بحسب إحصائية حصلت عليها وكالة الصحافة الفرنسية, التي استندت إلى مصادر أمنية وعسكرية وطبية عراقية. وعلى وقع التفجيرات المتواصلة, أعلن المالكي أن حكومته بصدد إجراء تغييرات في المواقع الأمنية العليا والمتوسطة، كما أعلن أن الأجهزة الأمنية ستبدأ الاعتماد أكثر على الكلاب البوليسية لأنها أكثر قدرة على الكشف عن المتفجرات من أجهزة الكشف التي تستخدمها قوات الأمن حاليا. ويبدو أن الحلول الأمنية أصبحت عديمة الجدوى, حيث يواجه المالكي منذ 25 ديسمبر من العام الماضي احتجاجات شعبية واسعة في المحافظات السنية في شمال ووسط وغرب العراق, وتحديدا في الأنبار وصلاح الدين ونينوى وكركوك، تصفه بالطائفية وتطالب بالإصلاح وبإلغاء تشريعات تستهدف "السنة" مثل المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب, كما يواجه انتقادات من شركائه في الحكم بالديكتاتورية. ويخشى كثيرون أن تتطور الأمور في بلاد الرافدين باتجاه حرب أهلية واسعة ذات صبغة طائفية, خاصة أن العراق يعيش على التفجيرات وحوادث القتل اليومي منذ الغزو الأمريكي عام 2003.