الغريب أن حكومتنا الرشيدة التى انشغلت بالمعارك السياسية وتركت هموم المواطنين تلقت عرضًا من وزارة الزراعة الإسرائيلية مساعدة مصر فى حل أزمة اللحوم وذلك بتصدير 150 طنًا من اللحوم شهريًا، لمساعدتها على مواجهة العجز اللحوم التى ارتفعت إلى أسعار قياسية، إلا أن مصر رفضت العرض لأنها ترى أن أزمة اللحوم مفتعلة ومبالغ فيها، وسط دعوات حكومية للمواطنين فى مصر بمقاطعة اللحوم، بعد عجزها عن إجبار التجار على التراجع عن رفع الأسعار غير المبرر بعد تخفيض أسعار الأعلاف. وفى دراسة للدكتور عادل عامر -رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية، وعضو المعهد العربى الأوروبى للدراسات السياسية والاستراتيجية بجامعة الدول العربية- أن تجار اللحوم هم المسئولون عن أزمة ارتفاع أسعار اللحوم بالأسواق المصرية، من خلال تحالفها لإفشال المشروع القومى للبتلو الذى تبنى إحياءه المهندس أحمد الليثى، وزير الزراعة السابق، بدعم بلغ أكثر من مليار جنيه، منها 400 مليون جنيه بنية تأسيسية للمشروع و400 مليون جنيه قروض ميسرة لمشروعات تربية وتسمين البتلو، بهدف إنتاج نحو 80 ألف طن سنويًا من اللحوم الحمراء، أو ما يعادل 40% من حجم شحنات اللحوم التى يتم استيرادها من الخارج. وقالت الدراسة إن تجار اللحوم يحتكرون الأسواق تمامًا ولا تملك الحكومة معهم أى إجراء مضاد، حيث تبلغ حجم استثمارات الثروة الحيوانية فى مصر نحو 200 مليار جنيه لا تتجاوز نسبة المساهمة الحكومية نحو 20 %، بينما طالبت بإحياء مشروع البتلو حاليًا الذى يحتاج إلى نحو 2 مليار جنيه وهو المبلغ الذى اقترحت تخصيصه من صندوق دعم الصادرات الزراعية حيث يتوقع أن يسهم المشروع بأكثر من 40 % من احتياجات السوق وأكثر من 50 % من صادرات اللحوم الحمراء للخارج. وأضاف: لقد بدأ مشروع البتلو بصدور القرار الوزاري رقم 121 لسنه 2005 الخاص بتعديل المادة 5 من القرار الوزاري رقم 517 لسنة 1986 الذي نص على تحريم ذبح عجول الذكور من البتلو الجاموسى ما لم يصل وزنها 120 كيلو جرامًا، لأن الذبح المبكر للعجول الجاموسى كان يؤدى إلى فقد آلاف الأطنان من اللحوم الحمراء من البتلو حيث كان يذبح سنويًا من عجول البتلو ما يقرب من 400 ألف رأس عجل بتلو بمجرد وصول عمرها إلى 40 يومًا وكانت تعطى 12 ألف طن لحوم فقط. أما بعد تسمين هذه العجول لأكثر من 120 كيلو، فيسهم ذلك فى إنتاج 24 ألف طن من اللحوم كمرحلة أولى، حيث إن العجل الواحد بعد الذبح سيتراوح وزنه بين 70 و80 كيلو جرامًا، ثم بدأت المرحلة الثانية من مشروع البتلو بهدف الوصول بوزن العجل إلى 450 كيلو جرام كحد أدنى عند الذبح الذى سيضيف نحو 80 ألف طن سنويًا للحوم الحمراء التى يتم طرحها بالسوق، وهو ما يمثل 40% من الفجوة الغذائية فى اللحوم الحمراء التى نستوردها الآن من الخارج. ووصفت الدراسة المشروع القومى للبتلو بأنه يعد واحدًا من أعظم المشاريع القومية فى مجال الإنتاج الحيوانى حيث يرتب عليه توفير كميات كبيرة من اللحوم الحمراء البلدي لجميع المواطنين بأسعار زهيدة، واعتبرت توقف المشروع جريمة فى حق جميع المواطنين خاصة البسطاء ومحدودى الدخل ولابد من وضع استراتيجية لمواجهة الكوارث والأمراض الطبيعية والبيئية، مثل أنفلونزا الطيور والخنازير وأمراض الحمى القلاعية التى أفقدت مصر أكثر من 40 % من ثروتها الحيوانية.