الحمد لله وحده، تحرر الجنود المختطفين بالتفاوض، كانت هذه هي قناعتي منذ اللحظة الأولى، غير ذلك كانت ستحدث كارثة، ومن اليوم يجب على الدولة أن تستعيد هيبتها في سيناء، وهذا يبدأ أولًا برد اعتبار أهلنا هناك، وإزالة كل المظالم التاريخية عنهم، لايجب التعامل معهم على أنهم من دون ولاء، ولا انتماء، هذا تصور فيه تعصب مقيت، وفيه خروج عن الوطنية، فكل المصريين في كل شبر على أرض مصر سواء، كلهم مواطنون يعشقون بلدهم، ها هم أهل سيناء يقدمون نموذجًا آخر في الوطنية بمساهمتهم في تحريرالجنود، وثانيًا يجب البدء بتطهير سيناء من عملاء إسرائيل التي تلعب في هذه المنطقة كما تريد، وتطهيرها من الخارجين على القانون، وهؤلاء الذين يطلق عليهم جهاديين ومتشددين فيجب وضعهم أمام ساعة الحقيقة، إما بالانضواء تحت سلطة الشرعية والقانون والعمل السياسي والمجتمعي في النور مثل الفصائل الإسلامية التي تمارس السياسة والعمل العام وتحقق القبول والنجاح، أو مواجهة القانون بكل حسم خصوصًا وأن المجتمع صار مُعبَّئًا بقوة ضدهم. تجار السياسة والمصائب يتعرضون لفشل جديد في إثارة فتنة بين مؤسسات الدولة، فالجيش مؤسسة وطنية لايمكن أن تخرج عن الشرعية، والرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة التي هي مؤسسة من ضمن مؤسسات الدولة لاتعمل منفردة، إنما في تناغم مع المؤسسات الأخرى، وتحت إدارة الرئيس المنتخب، هل يريدون دويلات داخل الدولة المصرية؟ وإذا كانوا يسعون لأن تكون المؤسسة العسكرية خارج سيطرة الرئيس المنتمي للإخوان، فهل سيسعدهم ذلك لو فازوا هم بالرئاسة غدًا؟! تقديري أن جانبًا من الذين كانوا يدفعون في اتجاه عمل عسكري لتحرير الجنود لم يكن غرضهم الحقيقي تحريرهم، ولا استعادة كرامة الوطن، إنما كانوا يريدون توريط الرئيس في عملية عسكرية مع أشباح تنتهي بإراقة دماء قد يكون من بينها دماء الجنود، ودماء أخرى بريئة، وساعتها كانوا سيقيمون "مناحة" عن الرئيس قاتل جنوده، تجار "المصائب" لن يكونوا في داخلهم سعداءً بتحرير الجنود، فهم كانوا يتمنون استمرار الأزمة وتفاقمها حتى يواصلوا "المناحة" نكاية في الرئيس. إذا كان الانتهازيون والأفاقون وتجار الأوطان قد اتهموا "حماس" فورًا بخطف الجنود، أو المساعدة في ذلك، أو إخفائهم في غزة، ألا يخجلون الآن؟! وألا يخرجون يعتذرون لها إذا كان قد بقي لديهم بعض الرجولة؟! قلت وأكرر أن "حماس" ليست عدوًا لمصر والمصريين، ولم تكن يومًا عدوًا، ولن تكون، فهي أحرص على أمن مصر وسيادتها وكرامتها لأن مصر هي رئة "حماس" التي تتنفس منها، وسعي عملاء إسرائيل في السياسة والإعلام لجعلها عدوًا سيكون مصيره في النهاية الفشل رغم أنهم ناجحون حتى الآن في التشويش على صورتها ودورها الوطني المقاوم للمحتل، والدماء الزكية التي تبذلها في سبيل تحرير فلسطين، لكن الكذب عمره قصير وستنجلي الحقيقة، ومن المؤسف أن تيارات سياسية كانت تقدم نفسها باعتبارها مدافعًا شرسًا عن نضال الشعب الفلسطيني وقضيته المشروعة العادلة نجدها اليوم أشد عداوة لحماس وغزة لأن حماس هي من تحكم غزة ولأن هناك روابط فكرية وأيديولوجية بينها وبين جماعة الإخوان الحاكمة في مصر. سقط غثاء كل من يطلقون على أنفسهم "خبراء عسكريين واستراتيجيين" الذين لم يتوقفوا في الفضائيات عن الشماتة في الرئاسة واتهامها بالتواطؤ مع الخاطفين ولم يتوقفوا عن تحريض القوات المسلحة للخروج على الشرعية وعن الحديث عن تكبيل الرئيس للجيش في تحرير الجنود، كلامهم كان هراء في هراء، فليصمت هؤلاء خير لهم. نعم أزمة الجنود هي قضية أمنية بالأساس، لكن ماذا كان يمنع أن يلتحف الرئيس بالمجتمع كله حوله في هذه الأزمة الوطنية؟ لذلك دعا الأحزاب والقوى السياسية والوطنية والأزهر ودار الافتاء وشخصيات عامة لوضعهم في الصورة، ومهما كان خلاف جبهة الإنقاذ والأحزاب المنضوية تحت لوائها مع الرئيس كان واجبًا أن تنحي الخلاف جانبًا وتلبي دعوته لكنها رفضت كالعادة لتكون جبهة الرفض، وأتصور أنها تخسر في الشارع وتعجز عن إقناع كثيرين بأنها بديل جيد للسلطة التي تسعى لإسقاطها خارج صندوق الانتخابات. حمدًا لله على سلامة الجنود، والتهاني لأسرهم ولمصر كلها. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.