علمت "المصريون" أن تأخير إعلان التغييرات المرتقبة في صفوف قيادات وأمناء الحزب الوطني بالمحافظات يعود إلى رغبة جمال مبارك أمين السياسات بالحزب في التعرف عن كثب على الشخصيات المرشحة، ومدى ما تحظى به من جماهيرية وقدرتها على اكتساب تأييد الجماهير في ظل المنافسة الشرسة التي تواجه الحزب الحاكم من قبل جماعة "الإخوان المسلمين". وقالت مصادر إن تأجيل إجراء هذه التغييرات يهدف إلى ضمان عدم تسرب أي عضو له صلة بالحرس القديم داخل الحزب إلى المناصب القيادية، خصوصًا أن مبارك الابن وأنصاره ليست لديهم الخبرة في الوقت الحالي لفحص الأسماء المرشحة لأمانات المحافظات للتدقيق في هذه الأسماء وحتى يضمن مبارك الابن الولاء التام والدعم من هذه الشخصيات لخيار التوريث. وكشفت مصادر مطلعة ان التعديلات المرتقبة ستشمل 30% من أمانات الحزب بالمحافظات وفي مقدمتها محافظات الصعيد والتي ستشهد الإطاحة بأقدم أمينين للحزب في أسيوط، من خلال إبعاد محمد عبد المحسن صالح ونظيره في سوهاج أحمد عبد العال الدردير، المرتبطين بصلات وثيقة مع رجال الحرس القديم والعديد من أمانات الحزب بمنطقة القناة وسيناء. وأوضحت المصادر أن دماءً جديدة ستضخ في عروق الحزب عبر الاستعانة بأساتذة جامعات ورؤساء جامعات إقليمية سابقين لشغل منصب أمناء الحزب بالمحافظات، خصوصًا الذين يتمتعون بشعبية وقادرين على جذب أنصار جدد لصالح الحزب والمؤيدين لسيناريو التوريث، مستبعدة أن تضم التغييرات وقيادات الصف الثاني بأمانات الحزب بالمحافظات لتأثر مثل هذه القيادات بالحرس القديم وعدم قدرتها على مواكبة التطورات، فضلاً عن السعي لإحداث تناغم في المرحلة القادمة بين قيادات الحزب المركزية وقيادات المحافظات. وقد رأت المصادر، التغييرات الأخيرة بمثابة الفصل الأخيرة الذي يمهد لسيطرة كاملة لجمال مبارك على الحزب وإعطاء إشارة البدء لتنفيذ سيناريو التوريث. ولم تستبعد المصادر أن تكون هناك خطوات تالية لهذه التغييرات تقفز بجمال مبارك إلى منصب الأمين العام للحزب والإطاحة بصفوت الشريف من هذا المنصب في مؤتمر الحزب العام المقرر عقده في سبتمبر القادم، استجابة لنصائح مقربين من مبارك الابن بأن إبعاد الشريف يعني وصايته الكاملة على الحزب وتهيئة الساحة الشعبية للقبول به على رأس السلطة. من جانبه، يرى الدكتور أحمد ثابت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن هذه هي المعركة الأخيرة لنجل الرئيس لتسويق فكرة نقل السلطة إليه وأنها محاولات لإحداث تناغم بين قيادات الحزب وأماناته في المحافظات وبين قيادات القاهرة كما انها محاولات لجلب قيادات قريبة من الشعب من الأكاديميين ورؤساء الجامعات وأشخاص يتمتعون بشعبية وجماهيرية، مشيرًا إلى أن ذلك يكشف الهيمنة الكاملة لجمال مبارك على صناعة القرار السياسي داخل الحزب الحاكم، كما أنه يكشف أكذوبة الفكر الجديد، وتأكيد شخصنة الحزب في شخص ابن الرئيس على حد تعبيره. وشدد ثابت على أن ما يفعله جمال تأكيدات دامغة على اقتراب مسلسل التوريث حيث يحرص على انتقاء العناصر والقيادات التي لا تعارض هذا المشروع قيد أنملة. فيما يرى الدكتور عبد الله الأشعل المحلل السياسي أن نجل الرئيس يهدف من وراء اختيار أمناء وقيادات تتمتع بشعبية إلى سحب البساط من تحت أقدام جماعة "الإخوان المسلمين" التي تتمتع برصيد شعبي ضخم في الشارع السياسي ترجمه حصولها على 88 مقعدًا في مجلس الشعب، مشيرًا إلى أن هذه التغيرات تهدف أيضا تغيرات تحدث في الحزب الحاكم أنه ليس أمامهم سوى نجل الرئيس ليكون رئيسًا لمصر خلال المرحلة المقبلة.