كشفت مصادر فلسطينية بالقاهرة عن احتمال وصول وفد من "حماس" يضم عددا من قيادات الحركة للتشاور مع مسئولين أمنيين مصريين حول عدد من التحفظات التي أبدتها الحركة خلال الفترة الأخيرة على ورقة المصالحة الفلسطينية في وقت تتمسك مصر بالتوقيع عليها دون إجراء أي تعديلات، على أن يتم تقديم تطمينات لها بأخذ تحفظاتها بعين الاعتبار لدى تطبيق اتفاق المصالحة على أرض الواقع. يأتي هذا بعد أن أثمرت الجهود المصرية والعربية خلال الساعات الأخيرة عن إقناع "حماس" بضرورة الموافقة على الورقة المصرية التي كانت قد قدمتها منذ عدة أشهر إلى حركتي "فتح" و"حماس" لإتمام المصالحة قبل أن تتراجع الحركة عن موقفها بسبب سحب السلطة الفلسطينية لتقرير جولدستون، تأكيدا لما انفردت "المصريون" بنشره في وقت سابق. واعتبرت المصادر أن ترحيب الخارجية المصرية بحديث قادة "حماس" عن ضرورة إتمام المصالحة بشكل سريع يكشف نجاح الجهود الدبلوماسية المكثفة التي بذلت في الفترة الأخيرة وشاركت فيها أطراف عربية لإتمام المصالحة. وربطت المصادر ذاتها بين تحقيق المصالحة ووجود رغبة عربية في إنجازها قبل القمة العربية المقررة في طرابلس نهاية مارس القادم، مشيرة إلى ضغوط مكثفة مورست على حركة "حماس" من أطراف عربية وفي مقدمتها سوريا وهو ما كان له الدور الأهم في تشجيعها على توقيع اتفاق المصالحة. واعتبرت أن الزيارة التي سيقوم بها نبيل شعث عضو اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير الفلسطينية والقيادي البارز بحركة "فتح" إلى قطاع غزة في سابقة هي الأولى منذ سيطرت "حماس" على القطاع في يونيو 2007 تعد ثمرة لاتصالات سرية جرت بين "حماس" و"فتح" برعاية مصرية سورية سعودية ودليلا على نضوج المصالحة واقترابها من التوقيع. من جانبه، أبدى الدكتور طارق فهمي رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط تفاؤله بقرب حلحلة الوضع الفلسطيني وإعادة اللحمة بين "فتح" و"حماس" بشكل يقدم الفلسطينيين في إطار وحدودي بعيدا عن التجاذبات التي شلت الصف الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة. وأشار إلى وجود اتصالات مكثفة تجريها مصر مع كافة ألوان الطيف الفلسطيني متناغمة مع جهود عربية لإنضاج المصالحة الفلسطينية وتبديد أي خلافات، ولم يستبعد أن يتم التوقيع على اتفاق المصالحة الفلسطينية في القاهرة خلال فبراير الحالي، لافتا إلى أن وفدين مع الجانبين سيصلان للقاهرة خلال الأيام القليلة القادمة لوضع النقاط على الحروف وتمهيد الأجواء لتوقيع اتفاق المصالحة. في غضون ذلك، قال السفير عبد الرحمن صلاح مساعد وزير الخارجية ان "حماس" غيرت رأيها في آخر وقت قبل التوقيع على الاتفاقية لأن "لها حساباتها"، ونفى أن تكون مصر تقدمت بورقتين لاتفاق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية ردا على كلام السفير عبد المنعم سعودي مستشار لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب في اجتماعها أمس، قائلا: مصر لا تقدم "كلامين" وإذا كان لديهم – يقصد الفلسطينيون- ورقتين فليحضروا إلى القاهرة ويوقعوا على ما اتفقوا عليه". إلا أنه اعترف بان الاتفاق المصري لا يحل كل المشاكل لكنه يضع آلية لحل المشكلات، وقال مشيرا إلى موقف "حماس" إلى أن هناك حالة من قصر النظر والسعي لمكاسب سياسية على حساب مصلحة أكبر، نافيا في الوقت ذاته وجود أية إملاءات من الولاياتالمتحدة على مصر، وإن أشار إلى اعتراض أمريكي – إسرائيلي على الوثيقة المصرية للمصالحة بين الفصائل، وقال إن حجة إسرائيل المستمرة هي المطالبة بعودة الرقابة الدولية من الطرف الأوروبي على المعابر، مؤكدا أن هذا في صالح الفلسطينيين فلو "حماس" وقعت الاتفاقية سيدخل الإسمنت في اليوم التالي مباشرة لإعادة إعمار غزة.