اقتربت انتخابات الزمالك والأهلي التي سوف تجرى خلال الصيف القائظ الذي بدأ ينعم علينا بنيرانه ورطوبته وخوفنا من انقطاع التيار الكهربائي، وفي كلا الناديين تبدو الصورة غير واضحة جلية فيما يخص المعتزمين الترشح لعرشهما وتبوأ رئاسة أكبر وأقدم ناديين على المستويين العربي والإفريقي والأضخم شعبية خارج مصر بكل المقاييس، وفي الأهلي لم يكشف سوى النجم طاهر أبو زيد عن رغبته بينما بقي الآخرون يحسبون عواقب منافسته، ولا يختلف الأمر نسبيًا ففي التنافس على العرش في الزمالك ينفرد مرتضى منصور، الرئيس السابق، بإعلانه المبكر في الوقت الذي تأكد اكتفاء ممدوح عباس بما قدمه وخلو الساحة من منافسين قادرين على تحمل مشقة هذه المسؤولية. وفي ظني الشخصي أن حساسية المرحلة التي تعيشها مصر منذ اندلاع ما يسمى بثورة 25 يناير لا يشجع رموز الناديين على خوض مثل هذه المغامرة التي قد تكون انتحارية، أو يجعل البعض منهم يفكر مائة مرة قبل اتخاذ قرار الترشح، ففي أوضاع مرتبكة وغير مستقرة تمر بها الحركة الرياضية المصرية لا نرى ما يشجع على التصدي لخوض مسؤولية قيادة مؤسسة رياضية ضخمة بحجم الأهلي والزمالك، فلا يملك أي مسؤول الثقة في استمرار النشاط الرياضي بشكله الحالي بدون جمهور وفي ملاعب عسكرية في ظل معاناة مادية تفوق الوصف لا يمكن وصفها سوى بالعبث، مع توقف الموارد المالية وعدم وضوح الرؤية لأسابيع قادمة، وإحجام القطاع التجاري عن تسويق نفسه في قطاع الرياضة. وتقديري أن المشكلات المادية العاصفة التي تجتاح الناديين الكبيرين لا يملك طاهر أبو زيد ومرتضى منصور مفتاحًا سحريًا لعلاجها لارتباطها بالأوضاع الاقتصادية المتردية في مصر، لكنهما يملكان ما هو أخطر وهو امتلاك الشجاعة في مواجهة البراكين الجامحة ولديهما من الأدوات ما يجعلهما ندًا للتيارات العدائية التي تحاول السيطرة على الأهلي والزمالك باعتبارهما الأكثر شعبية وتأثيرًا على شرائح مهمة من الشباب، والمشكلة المادية ليست وحدها التحدي بل في تصورنا نرى أن الحفاظ على استقلالية هاتين المؤسستين هو التحدي الأعظم، وقد اقتربت من طاهر أبو زيد خلال الأيام الماضية واستمعت إلى ما يراوده من أفكار لحماية النادي من محاولات اغتصابه والاستيلاء عليه من فصيل يحكم الدولة، ومرتضى منصور كنت زميلًا له في كلية حقوق عين شمس وأدرك استيعابه خطورة الأوضاع التي تحيط بالزمالك ورغبته في بناء جدار عازل لحمايته. القضية التي تواجه الزمالك والأهلي أكبر من تصفية الحسابات الشخصية والانتقام من هذا أو ذاك بل ضرورة عودة التحام أبنائهما لإيقاف كافة محاولات الزج بهما في متاهات السياسة والحزبية الكريهة، ولا أبالغ في القول إن الناديين يملكان أسلحة توفر لهما حصانة لا تمتلكها مؤسسات أخرى في الدولة تتمثل في الأنصار من الجماهير والاهتمام الإعلامي الصارخ الذي يؤسس لحصانة تلقائية تحول دون المساس باستقلاليتهما. لست مراهنا على اسم الرئيس القادم للزمالك والأهلي، لكن المؤشرات قد تبدو واضحة ففي الأهلي لا يوجد من يملك قوة الشخصية واستقلالية الموقف مثل طاهر أبو زيد وفي الزمالك لن يجد مرتضى منصور منافسًا قادرًا على مواجهة سطوة الدولة وهيمنة الجماعة، وتبقى الحلول للمشاكل المادية والإدارية خارجة عن السيطرة لكن يجب مواجهتها بمحاربة الفساد وتقنين التعاقدات وتقليص النفقات.