تصدر المنظمة المصرية لحقوق الإنسان اليوم – الأربعاء، تقريراً بعنوان "تهديد العدالة في مصر"، الذي يحاول تسليط الضوء على أزمة القضاة في مصر، التي بدأت ما بعد الدستور الجديد الذي خفض عدد أعضاء المحكمة الدستورية العليا، وأزمة النائب العام، ثم الحديث عن خفض سن التقاعد للقضاة بما يرسخ فكرة انتهاك حقوق الإنسان بالقانون مثل ظاهرة الاعتقال المتكرر التي اعتمد عليها النظام السابق بقمع معارضيه. ويتناول التقرير تصريحات بعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين عن سن قانون جديد للسلطة القضائية، ونيتهم طرح قانون السلطة القضائية الذي يتم من خلاله خفض سن التقاعد للقضاة، وبالتالي فإن هذا يعني عزل حوالي 3500 قاض من مناصبهم وإقصائهم، وهو الأمر الذي أثار حفيظة القضاة ونادي القضاة، ودعا إلى جمعية عمومية لمواجهة مذبحة جديدة للقضاة على غرار مذبحة عام 1969، وهو الأمر الذي ردت عليه الجماعات الإسلامية بإعلانها الدعوة لمليونية لتطهير القضاء المصري. وينقسم التقرير إلى ثلاثة أقسام، جاء القسم الأول تحت عنوان "ضمانات استقلال السلطة القضائية في المواثيق والاتفاقيات الدولية"، ليتناول أهم المواثيق الدولية التي كفلت استقلال السلطة القضائية. أما القسم الثاني فيتناول "السلطة القضائية في التشريع المصري"، والانتقادات التى إلى وجهت للدستور الأخير، فيما يتعلق بالجور على المحكمة الدستورية العليا ودولة سيادة القانون، فرئيس الجمهورية يملك سلطة تعيين رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية العليا، مما يشكل ردة غير مسبوقة عن مبدأ استقلال هذه المحكمة واختيار قضاتها، كما يمثل تسليطا لإحدى سلطات الدولة وهي السلطة التنفيذية على سلطة أخرى على نحو من شأنه أن يتجاهل ما ناضلت من أجله المحكمة الدستورية بعد ثورة 25 يناير بما يقصر سلطة تعيين رئيس وأعضاء المحكمة على الجمعية العامة للمحكمة، كما قصر دور المحكمة الدستورية في الرقابة السابقة على التشريعات والقوانين دون اللاحقة. أما القسم الثالث، فتناول "أزمة السلطة القضائية في مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير"، وتعرض القضاة للعديد من الأزمات مع السلطة التنفيذية رغبة في تطويع القضاة للحكم في مصر ومنها أزمة النائب العام، وإعلان بعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وأن أول قانون سوف يتم سنه سيكون قانون السلطة القضائية لتطهير القضاة وعزل 3500 قاض، فضلاً عن أزمة محاصرة المحكمة الدستورية العليا عدة مرات. وفي النهاية، أكد التقرير على أهمية استقلال السلطة القضائية في الدستور والتشريعات المقارنة عكس السلطة التنفيذية والتشريعية التي تتمتع بمركز ثقل عن السلطة القضائية. وأوصى التقرير بتعديل قانون السلطة القضائية بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى عليه، بما يضمن استقلالها استقلالاً حقيقياً عن نظيرتها التنفيذية، إعمالاً للدستور ومبادئ الأممالمتحدة بشأن استقلال السلطة القضائية والعمل على إعطاء السلطة القضائية صلاحية الرقابة على دستورية القوانين ومشروعيتها، والإقرار باختصاص المحكمة الدستورية العليا في الرقابة اللاحقة على كل القوانين دون استثناء. كما أوصى بإلغاء كل سلطة أو صلاحية لرئيس الدولة أو وزير العدل في أي شأن من شئون "العدالة" على أن تكون وزارة العدل وزارة دولة مهمتها التنسيق بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، إضافة إلى العمل على أن يتم استبعاد سلطة رئيس الجمهورية ووزير العدل نهائيا من قرارات التعيين وأن يكون تعيين القضاة وأعضاء النيابة العامة من اختصاص مجلس القضاء الأعلى، والمجالس العليا للقضاء. وطالب التقرير بالفصل التام بين سلطتي التحقيق والاتهام، وقصر دور النيابة العامة على الاتهام فقط. وشدد على أن يكون اختيار وتعيين وترقية ونقل ومحاسبة القضاة من شئون السلطة القضائية من خلال مجلس أعلى مكون من كبار القضاة، وضمان معايير تكافؤ الفرص ومحاربة كافة أشكال الواسطة والمحسوبية في التعيين. كما أوصى بتخصيص ميزانية خاصة للسلطة القضائية، تنفصل عن الميزانية العامة للدولة، يراعى فيها توفير رواتب ومخصصات للقضاة تتناسب مع رسالتهم ومكانتهم في إقامة العدل وحمايتهم من السعي إلى إيجاد مصادر دخل إضافية عن طريق التعيين في وظائف بديلة أو إغراء الرشوة. وتكفل الميزانية ضرورات العمل القضائي من محاكم لائقة وموظفين وعمال وشرطة وأجهزة تسجيل وطباعة وتوثيق وحاسوب وخلافه. وطالب بإنشاء معهد إعداد للمتقدمين لشغل مناصب في النيابة أو القضاء، كشرط من شروط التعيين وضمان مدة ولاية القاضي واستمراره في منصبه حتى سن التقاعد وعدم جواز تعديل هذه السن لغير صالح القضاة أو إصدار قوانين أو نصوص دستورية تستهدف عزل القضاة عن مناصبهم، فضلا عن اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة ذات الصلة بتأمين المحاكم ودور العدل، وحماية حق القضاة في السلامة الجسدية وحقهم في الحياة، وتغليظ العقوبات بشأن الاعتداءات التي تقع على المحاكم والنيابات.
