في رحاب جامعة القاهرة، وفي قاعة المؤتمرات الرئيسية بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية، احتفى نخبة من العلماء والسفراء والخبراء والدبلوماسيون والمحبون مساء الأربعاء 27 مارس 2013 بالدكتور عبد الملك عودة - أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، - باعتباره رائدًا للدراسات الإفريقية في مصر منذ الخمسينيات.. سنة حسنة تلك التي سنها الأستاذ الدكتور إبراهيم نصر الدين - أستاذ العلوم السياسية بالجامعة -، للاحتفاء بأي عالم في حياته، وعدم الانتظار لتأبينه بعد وفاته، حضر الاحتفال نخبة من قامات العلوم السياسية في مصر والعالم العربي، أمثال الدكتور علي الدين هلال، والدكاترة سيف الدين عبد الفتاح، ومصطفى علوي، وكمال المنوفي، وحلمي شعرواي، وأحمد يوسف القرعي، وإكرام بدر الدين، ومحمود أبو العينين، وفرج عبد الفتاح، ومحمد الشافعي، وجمال سلامة، والسفير محمد بدر، وغيرهم الكثيرين، لقد كان الحفل تاريخيًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى في حياة المشتغلين بالعلوم السياسية والمثقفين المصريين، فقد حضره المعجبون من كل حدب وصوب، للاشتراك في هذا التكريم والحديث عن هذا العالم الجليل. وحينما انتظم عقد الاحتفال في الرابعة عصرًا، استمر دون توقف حتى السابعة، فجاء شائقًا وجذابًا ومبهرًا، فقد نهض الخطباء والمتحدثون للمشاركة في تقدير الرجل، مبرزين دوره في خدمة الوطن والعلم وبناء التلاميذ والطلاب، متمنين له العمر المديد والصحة والعافية، لاستكمال دوره الثقافي والتعليمي والفكري. بدأ الاحتفال بقراءة خمسة من شباب الباحثين في أعمال الدكتور عبد الملك عودة وكتاباته. فغاص كلْ بطريقته، في تلك الدراسات العديدة والمتناثرة، فخرجوا بقراءات مهمة تدلل على أن المحتفى به لم يكن شخصًا عاديًا، أو مجرد متخصص في العلوم السياسية، يشرح وينصح ويقدم الأفكار، بل دللت على قراءات مستقبلية تصلح للتطبيق والاستفادة منها هذه الأيام. فأوضحت بأنه حالة استثنائية في مجال العلوم السياسية، لقد كان الحفل موفقًا حينما أعطى الفرصة لشباب الباحثين ليقرؤوا الرجل عبر كتاباته وأفكاره، فجاء انبهارهم بشخصية الدكتور عبد الملك منطقيًا في ضوء الدراسات والمقالات التي فحصوها، فتحدثوا في قضايا النظم، والأيديولوجيات، والعلاقات الدولية والإقليمية التي ناقشها الرجل عبر كتاباته، وخاضوا في أهم الأفكار والإسهامات التي قدمها عالمنا المفدى في مجال الإدارة العامة. كان هذا عن الرجل عبر كتاباته، أما عن أخلاقياته وسلوكياته ومواقفه الإنسانية وخبراته الإدارية وجوانب من سيرة حياته، فقد جعلت الأساتذة والخبراء والتلاميذ والأصدقاء والأحباب من الحاضرين، تقشعر جلودهم من مساحات الحب العميقة التي تركها المحتفى به فى قلوب هؤلاء الذين نطقوا بحبه، وعبروا عن وده بصورة غير مسبوقة، منهم من تحدث عن الجوانب الإنسانية في حياته، ومنهم من تحدث عن همومه ومشاغله ورسالته التي عاش من أجلها، ومنهم من تحدث عن الخدمات التي أداها لكل من قصد بابه، وتتلمذ على يدي جنابه، حيوا فيه الشهامة والمروءة وروح التضحية وخدمة الجميع، وحيوا فيه حياته التي بذلها من أجل الوطن وخدمة المصالح المصرية في إفريقيا والعالم، أشادوا بتخفيفه لآلام الناس وهمومهم، وتعزيته في المصاب ومشاركته في المناسبات والأفراح والأتراح. لقد استرسل المحتفلون فى عرض محاسن الدكتور عبدالملك شاكرين إياها، مشيدين بها أيما إشادة، تشعر في فخرهم بالرجل أنهم يتمنون أن لو تسعفهم اللغة والوقت في التعبير أكثر عن تقديرهم للرجل وعطاءه واحترامهم له، لقد أضاء الرجل السبل لكثير من السياسيين والمهتمين بالشأن السياسي والوطني والإفريقي في كل الاتجاهات والأوقات، تشعر في كلماتهم وكأنهم قد صنعوا في دواخلهم تماثيل من الإكبار والمحبة للرجل، وربما أقام كل منهم نصبًا في قلبه، ليسجل الخصال الكريمة للرجل ومآثره. لكم هو محظوظ في الحياة من كان له تلاميذ ومحبون كالدكتور عبد الملك عودة، ولكم هو أسعد حظًا هذا الذي تتلمذ على يد الرجل ونهل من علمه، وغرف من كتاباته وأفكاره، فتحية إجلال لعالمنا الجليل في تلك المناسبة وغيرها، وعظيم الاحترام لكل أعماله وكتاباته وأفكاره وتحليلاته، وشكرًا له على جهوده فى خدمة العلم والعلماء، وعلى دوره في صناعة التلاميذ والنجباء، أمد الله في عمره وأبقاه زخرًا لأبنائه وتلاميذه ومحبيه. د. أحمد عبد الدايم محمد حسين- أستاذ مساعد التاريخ الحديث والمعاصر- جامعة القاهرة.